مقالات

الاتحاد يتزعم منظمات المجتمع المدني في الحرب على الكورونا

نصر الدين ساسي
صحفي

مباشرة ومنذ البداية بعد تسجيل أول حالة إصابة بمرض الكورونا ببلادنا والذي تزامن مع انعقاد الهيئة الإدارية الوطنية  أصدر الاتحاد بيانه بضرورة الاستعداد الهادىء والمدروس للتعاطي مع هذه الجائحة بشكل فعال، أولا من خلال التعامل الإعلامي في وقت الأزمات، وهذا عنصر مهم في توجيه الرأي العام وطمأنته وعدم الدفع به إلى بؤر الهلع والارتباك، وما يمكن أن يترتب عنه من فوضى قد تصعب من مهام وإمكانيات مجابهة المرض. ركز الاتحاد كذلك منذ البداية على أهمية العناية بالمرفق الصحي العمومي  اعتبارا لحساسية دوره في مقاومة انتشار المرض والحد من الخسائر التي يمكن أن يتسبب فيها في حال تزايد أعداد المصابين. وقد طالب الاتحاد كذلك بالدعم السريع لكافة المستشفيات وتمكين إخوتنا من الوسائل والأدوات والتجهيزات الضرورية في مثل هذه الكوارث وذلك لأن القطاع الصحي العمومي يبقى الملاذ الأخير لكافة التونسيين والتونسيات.

تحركات هامة على مستوى الجهات والقطاعات

وجه الاتحاد دعوات إلى الاتحادات الجهوية والقطاعات لمتابعة أوضاع انتشار هذا المرض المستجد وذلك لسببين مهمين، أولا الوقوف على الاستعدادات الجهوية ومدى جاهزيتها، وثانيا بلورة خطط لحماية العاملات والعمال وتجنيبهم مع عائلاتهم خطر العدوى أو الإصابة بالمرض. وقد تشكلت في الغرض بمختلف الجهات خلايا أزمة لمتابعة الأوضاع وتحسيس المواطنين بأهمية التوقي من هذا المرض مع شرح أساليب وكيفية الوقاية منه وقد كانت هناك عديد اللقاءات الجهوية بين الاتحادات ومندوبات الصحة لتبادل المعلومات وإعداد خطط التوقيع من إمكانيات الانتشار السريع لهذا الفيروس. على مستوى القطاعات، فقد حرص قطاع النسيج مثلا على توجيه بعض المؤسسات نحو إسناد المجهود الوطني في إنتاج الكمامات الواقية وكذلك الشأن بالنسبة لقطاع المواد الصيدلية حيث تم إعداد خطط بالتنسيق مع الطرف النقابي من أجل ضمان تزود السوق التونسية بكافة المستلزمات الطبية والصيدالنية دون نقصان بالنظر إلى تضاعف الطلب على عديد المنتجات من كمامات وقفازات ومواد مطهرة.

إجراءات إضافية

بعد المرور إلى المرحلة الثانية من تفشي الوباء، تحرك الاتحاد مرة أخرى في الاتجاه ألاستباقي أولا من خلال الدعوة إلى التبرع بيوم عمل  دعما لقطاع الصحة العمومية وذلك من منطلق قناعاته لمحدودية الإمكانيات المتاحة والتجهيزات بمستشفياتنا العمومية. هذا المقترح سرعان ما تبلور ليفضي إلى يوم وطني للتبرع لصالح المستشفيات العمومية  بهدف تمكينها من مستلزمات مجابهة وباء كورونا. على صعيد آخر اعد الاتحاد قائمة بالقطاعات المعنية بمواصلة العمل وخصوصا منها الحساسة والحياتية، مطالبا السلط بتحمل مسؤوليات وتجنب استفحال الوباء بشكل قد يتجاوز كل الإمكانيات المتاحة والمتواضعة وقد نسق في هذا الإطار مع السلط العليا لفرض احترام هذا المقترح حماية لأرواح التونسيين، خصوصا مع إشكاليات تنقل العملة إلى المصانع وما يمكن أن يتعرضوا له من مخاطر العدوى لهم والعائلات. وفعلا كان هناك تجاوب مع هذه المقترحات التي أصبحت واقعا وإجراءات اتخذت قبل عديد البلدان الأوروبية. ولعل قيمة هذا الإجراء قد تكتشف لاحقا بحسب نسبة تفشي المرض من عدمه حيث أشارت بعض تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الإجراءات الاستباقية المتخذة في بلادنا، والتي كانت بدفع وضغط من المنظمة الشغيلة، قد تساهم في التقليص بقرابة الخمسة والثلاثين بالمائة من انتشار الفيروس.

هذه القرارات لم يتركها الاتحاد دون متابعة، بل عمل  بالتنسيق مع هياكله الجهوية والقطاعية إلى حث النقابات على متابعات كل المؤسسات التي لا تحترم قانون الغلق  وتصر على تشغيل العمال وتعريضهم للخطر حيث تم في هذا الصدد منع كل المؤسسات التي حاولت التأثير على العمال أو تهديدهم للعودة إلى العمل وقد جرى التشهير بالعديد منها على صفحات التواصل الاجتماعي وذلك حفاظا على صحة العاملات والعمال وتجنيبهم العدوى.

أهمية الإجراءات الاجتماعية

رغم إدراكه لخطورة الوضع بالبلاد فإن الاتحاد تحرك. مجددا من أجل توجيه بعض الخيارات المنتهجة من السلطة السياسية خصوصا عند الإعلان عن الحجر العام والتنصيص على جملة من الإجراءات التي تخص المؤسسات، وتغييب الإجراءات الاجتماعية للعمال والتونسيين في هذه الظروف العصيبة وقد أبدى الاتحاد عدم رضاه من الدعوة إلى الحجر العام دون إجراءات ترتيبية وتنظيمية واضحة بخصوص عمليات التزويد والتموين للشعب التونسي، وهي من المعظلات التي يجب الحرص على تنظيمها وإسنادها للجيش الوطني تجنبا بعمليات الاحتكار والترفيع في الأسعار والمتاجرة بقوت التونسيات والتونسيين. كما نبه الاتحاد إلى غياب الإجراءات المتعلقة بمصير العاملات والعمال الذين توقفوا عن العمل وكيفية دعمهم وتمينكهم من مستلزمات الحياة الكريمة اعتبارا بأن هذا الخيار هو من أجل حماية الوطن وعلى الحكومة أن تكون مدركة لدورها في توفير كل الحاجيات والمستلزمات وتوزيعها بشكل عادل وشفاف إلى حين تجاوز الأزمة  وقد طالب الاتحاد في هذا الاتجاه بسحب الإعفاء من دفع أقساط القروض المستوجبة على كافة العمال على مدى ستة أشهر،  وهو إجراء من شأنه أن يخفف العبء على الإجراء في هذا الظرف العصيب وينتظر أن تفعل بعض الإجراءات في هذا الصدد من خلال لقاءات منتظرة بين وفد نقابي يتقدمه الأخ الأمين العام وبين الجامعة المهنية للبنوك. كما طالب الاتحاد بسن إجراءات خصوصية وعاجلة عبر توجيه مرسوم خاص بتعبئة الموارد الجبائية وخاصة على القوات للتمكن من توفير كل الدعم للتونسيات والتونسيين من أجل مساعدتهم على تجاوز هذه الأزمة الصعبة.

وتحرص المنظمة النقابية. بالأساس على بلورة خطة وطنية لمجابهة هذه الجائحة يساهم فيها الجميع من أجل إنقاذ البلاد كمرحلة أولى وعاجلة.

ضرورة طلب المساعدة الدولية

كانت للاتحاد عديد اللقاءات الهامة، ولعل  أبرزها كان مع محافظ البنك المركزي السيد مروان العباسي، حيث تم التأكيد على ضرورة دعوة الهيئات والمؤسسات المالية المانحة والمقرضة لتونس إلى توخي المرونة في سداد القروض المستوجبة على البلاد بما يمكنها من توفير تمويلات إضافية لمجابهة الوباء. كما تمت المطالبة من هذه الهيئات بإسناد البلاد في حربها ضد الكورونا بتوجيه مساعدات مالية خاصة واستثنائية بإمكانها توفير المستلزمات الصحية والتجهيزات التي تفتقر إليها تونس في اقرب الآجال وأسرعها.

ويتواصل جهد الاتحاد بالتنسيق مع عدد من مكونات المجتمع المدني النشيطة والمستقلة من أجل تكثيف عمليات المتابعة والتبليغ على كل التجاوزات مهما كان نوعها وذلك حفاظا على كل قدرات البلاد وتماسكها إلى حين تجاوز هذه الأزمة الصعبة.

Skip to content