أخبار مدنية

بيان الذكرى 68 لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشّاد

بمناسبة الذكرى 68 لاختيال الزعيم الوطني فرحات حشاد الذي يوافق الخامس من ديسمبر ، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل البيان السنوي لهذه الذكرى :  

تحلّ يوم 5 ديسمبر الذكرى 68 لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشّاد على يد عصابات الغدر الاستعمارية، الذكرى الأهم المحفورة في أعماق التونسيّات والتونسيين لأنّها جسّمت قيم التضحية والشجاعة وحبّ الوطن والتفاني من أجله حدّ الاستشهاد ولأنّها كرّست التمازج العضوي بين النضال الوطني والنضال النقابي الذي طبع تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل وتاريخ العمل النقابي في تونس منذ زرع بذرته الأولى الزعيم محمد علي الحامي سنة1924  فكان تاريخا عامرا بالقيم والمبادئ والأفكار والنضال، تاريخ نساء ورجال تعاهدوا وعاهدوا أنفسهم على فداء الوطن فخلّدوا ذكراهم في التاريخ وصاروا مثالا ونموذجا.

وتتزامن الذكرى الثامنة والستّون مع وضع صعب تعيشه بلادنا تعمّق فيه التناحر والتجاذبات السياسية وتعالى فيه خطاب الكراهية والحقد والعنف من قبل تيّارات شعبوية متطرّفة تدفع إلى الاقتتال الأهلي وتسعى إلى نفي الرأي المخالف وتخطّط إلى الهيمنة على مفاصل الدولة والسيطرة على أجهزتها وتغيير نمط المجتمع في اتّجاه الانتكاس إلى الوراء والارتداد إلى رؤى وأنماط قرووسطية بائدة أو إلى أنظمة حكم استبدادية ثار عليها الشعب واستشهد من أجل إسقاطها مئات التونسيّات والتونسيين. وفي مثل هذه الذكرى وغيرها يجدّد الاتحاد العام التونسي للشغل تصميمه على إنقاذ تونس من قبضة العنف وتخليصها من الوعود الشعبوية الكاذبة التي تتعرّى على مذبح الواقع عندما تقف هذه التيّارات المتطرّفة في وجه مصالح عموم الشعب وتصطفّ مع قوى الاستغلال وعصابات الفساد ولوبيات المال الفاسد ليواصلوا متحالفين امتصاص قوت الناس واستغلال عرقهم ونهب ثروات البلاد. كما يجدّد الاتحاد تجنّده من أجل منع أيّ انحراف أو محاولة لتدمير المسار الديمقراطي ونضاله من أجل تكريس مبدأ الدولة المدنية الديموقراطية الاجتماعية وضمان حماية قيم الجمهورية.

كما يتزامن إحياؤنا هذه السنة لاغتيال الشهيد الوطني والنقابي الزعيم فرحات حشّاد مع الذكرى التاسعة للهجمة الدامية لعصابات روابط تدمير الثورة على بطحاء محمّد علي ومحاولة احتلالها والسيطرة من خلالها على هياكل الاتحاد ومن ثمّة تنصيب قيادات موالية للترويكا الحاكمة ومحاولة تدجينه من جديد ليخدم ركاب السلطة، ولذلك وحتى لا ننسى ولا نغفر فإنّنا نجدّد مطالبتنا بمحاسبة المعتدين على مقرّ الاتحاد يوم 04 ديسمبر 2012 بمن فيهم من نفّذ ومن خطّط ومن موّل وقرّر. 

لقد انعكست الصراعات السياسية العبثية تحت قبّة البرلمان سلبا على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي فعمّقت أزمتهما وعرّضت البلاد إلى عواصف جارفة ستدكّ أركان الدولة والمجتمع إذا لم تتوقّف المهاترات البرلمانية ويحلّ محلّها صراع البرامج والحلول والمقترحات وإذا لم ننكبّ على معالجة الملفّات الرئيسيّة التي ظلّت لعشر سنوات مهملة تتلاعب بها التجاذبات وتتقاذفها المصالح والارتباطات الخارجية للحكّام. لقد أهملت الأحزاب المتربّعة على سدّة الحكم منذ عقود معالجة هموم الناس وتقديم الحلول لمشاكلهم والبحث في سبل تحقيق حقوقهم في العمل الكريم والتعليم الراقي والصحّة السليمة وفي رفاه العيش عموما، بل زادت الأوهام التي تبثّها بعض الأطراف خلال الحملات الانتخابية ثمّ تتنكّر لها بعد حصولها على السلطة من زرع مشاعر الإحباط والدفع إلى الحلول الفردانية اليائسة وتفاقم البطالة واستفحال الفقر وغياب الشعور بالأمن وانسداد آفاق المستقبل. وإنّ الاتحاد العام التونسي للشغل لن يقف متفرّجا على هذا الانحدار ويجدّد وقوفه إلى جانب المطالب الشعبية ودعمه لكلّ احتجاج سلمي منظّم حول المطالب المشروعة بعيدا عن النزعات القطاعية والجهوية التي تريد أن تغذّيها جهات معلومة لها مصلحة في تقسيم الشعب وتفكيك أوصال الدولة.

 تمرّ الذكرى الثامنة والستّون ومعاناة الشغالين في ازدياد نتيجة تدهور مقدرتهم الشرائية وتواصل التهاب الأسعار وارتفاع وتيرتيْ التهريب والاحتكار مقابل صمت الحكومات المتعاقبة بل تواطؤ بعضها مع اباطرة التهريب والتهرّب، محمّلة الشغالين عبء فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي نسختها هذه الحكومات عن بعضها معيدة بذلك انتاج الأزمات وسياسات الفشل. وإنّنا بهذه المناسبة نجدّد رفضنا للسياسات المتّبعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ومطالبتنا بحوار تشاركي شامل يرسي أسس عدالة اجتماعية ويعدل بين الجهات ويسوّي بين التونسيين ويحدّ من الفقر والجور والحيف الاجتماعي.

 تتجدّد ذكرى اغتيال حشاد وتتجدّد معها وحدة النقابيين والتفافهم حول منظمتهم وإيمانهم بأنّ الاتحاد سيظلّ قلعة شامخة وخيمة لكل التونسيين تدافع عن مصالحه  وتناضل من أجل ارساء العدالة الاجتماعية وتكريس المساواة والديمقراطية الحقيقية، وحدة نقابية صمّاء تعزّز قوّة منظّمة حشّاد وتؤهّلها كما كانت دوما للعب دورها الوطني بالتوازي مع دورها الاجتماعي وتؤكّد إشعاعها الإقليمي والدّولي، وحدة تمكّن من تطوير الاستراتيجيات والسياسات والخيارات ومن تحديث آليات العمل وأساليبه داخلها ومن استشراف المستقبل ومواكبة المتغيّرات الرقمية وفي عالم العمل ومن التأقلم تنظيميا وهيكليا مع كلّ تجديد.  هكذا هو الاتحاد كيان وطني ينمو ويتعزّز يتطوّر ويتقدّم ولكنّه ثابت على المبادئ واضح الخطوات تقوده بوصلة وطنية وقيم إنسانية لن يحيد عنها.

إنّ ذكرى 5 ديسمبر الخالدة على قلوب النقابيات والنقابيين وسائر التونسيات والتونسيين تؤكّد دوما تجذّر الاتحاد في تربته الوطنية وتفتّحه الخلاّق على العالم والتفاف الشغّالين حول هياكله وترابطه المتين مع طيف مدني وسياسي واسع تجمعه معه قيم اجتماعية وإنسانية ثابتة من أوكدها الوفاء لقوافل شهداء الوطن.

Skip to content