مقالات

فلسطين بيارة البرتقال و شجرة الزيتون أبو عمار والحكيم، السياسي والثوري

غسان المختومي

لطالما ارتبطت الثورة وحركة التحرير داخلها بثنائي يقود المسار فلطالما حملت كل الثورات هذه المعادلة انطلاقا منها بأن معركة التحرر الوطني تتطلب السياسة والثورة لتحريك عجلة السياسة وتفجير الثورة بملهم ثوري يسند السياسي في أزماته و ينقذه مباشرة وغير مباشرة أثناء التفاوض والتحرك في ألغام مربع الفضاء السياسي(أسير في حقل من الألغام- أبو عمار).

منذ قدم التاريخ الذي لطالما افرز الثورات لتغيير الواقع والقطع مع مراحله السابقة التي عجزت على السيرورة والصيرورة أنتج التاريخ الثنائي السياسي والثوري من ثورة العبيد لسبارتوكس الثوري واكسوس السياسي إلى الثورات المتعاقبة سواء ثورة يوليوس قيصر ومعاضده الثوري مارك أنتوني وصولا إلى الثورات الجماهيرية بصيغتها الحديثة والمعاصرة انطلاقا مع الثورة الفرنسية أين توج التاريخ صناعة نفسه بالثنائي روبسبيير الثوري وسان جوست السياسي الخطيب وصولا إلى الثورة الفكرية التي هزت الكيان الفلسفي بماركس وإنجلز. 

لم تتوقف المعادلة بل تواصلت مع الكومونة الفرنسية بارتباطها مع بلانكي و لويز ميشال وحتى قبلها في انتفاضة الفرنسيين ضد انقلاب نابليون الثالث بأن أفرزت عملاقين هما هيغو و بلزاك، هيغو السياسي المحرض بسياسته وخطاباته وبلزاك الملتمس لتطلعات شعبه والاجتماعي والمجتمعي ثورة وأدبا، والملتصق بالواقع في كتاباته الساعي لتثقيف شعبه فولد معه مفهوم المثقف الشعبي.

تواصلت الحركة مع كل ثورة تنفجر في روسيا مع الثنائي لينين -تروتسكي ألمانيا ليبنيخت -روزا لكسمبورغ -في الصين ماو -شون لاي في كوبا كاسترو -غيفارا -الجزائر بومدين -بن بلة-فيتنام هوشي منه- جياب
مصر عبد الناصر-حسين الشافعي -اليمن الجنوبي سالمين-عبد الفتاح اسماعيل-جنوب افريقيا مانديلا -كريس هاني.

فلسطينيا وهو المقصد ارتبط التاريخ السياسي والثوري بهاماتين قلبتا المعادلة التاريخية إذ تربعا على التقاطع الثنائي الثوري تاريخا وحضورا لما يقارب نصف قرن لدرجة أن التاريخ السياسي الثوري العربي صار عاجزا على ولادة شبيه لهذا الثنائي الفلسطيني والعربي الاستثنائي : ابو عمار الغزاوي ابن الجنوب الفلسطيني والحكيم جورج حبش ابن اللد والشمال الفلسطيني مسلم ومسيحي وإن كانت الديانة لا تعنيني لكن في التركيبة الهووية للفلسطيني مثلت وتمثل أساسا إذ جمعا الهوية الفلسطينية وتشكلها وجمعها معا 

دروب خاضها الجسد ومعارك خيضت كفها البلد وبندقيتها اسمها الوطن.

تشكلت المعركة وتموضع قادتها للمجابهة واستعدادا لخوض الصراع الطويل الأمد. يقول جورج حبش:  «على أصحاب النفوس القصيرة التنحي جانبا» ويقول: «ان الثورة الفلسطينية قامت لتحقيق المستحيل لا لتحقيق الممكن»… ويقول أبو عمار: «ان تطلعات الشعب الفلسطيني هي تطلعات سياسية و تحررية والقضية الفلسطينية هي قضية نضال سياسي وثوري».
انقسمت الأدوار اختار الختيار اللعب على وتر السياسة وعسكر جورج حبش على الجانب الثور. امتلك ابو عمار والحكيم تمثيلية المشروع الفلسطيني ثورة وسياسة وأحاطا نفسيهما بالهامات الثورية وكل هامة تشبه الأخرى 
تنسق معها وتقاتل معها وتثور معها 
حتى أننا خلنا أن الحكيم هو الختيار والختيار هو الحكيم بطبيعة الحال مع بعض الاستثناءات التي يمكن عدها بالجمالية والطاهرة 
رجالهم متشابهون

غسان كنفاني – محمود درويش

وديع حداد -علي حسن سلامة

ابو داوود-أبو احمد فؤاد

وائل زعيتر -صابر محيي الدين 

ليلى خالد -دلال المغربي 

أبو ماهر اليماني-أبو إياد

أبو علي مصطفى-أبو جهاد 

بسام أبو شريف -بسام أبو شريف قنطرة التواصل والرأي 
ورغم الاختلاف بين الرجلين حد الغضب على الآخر لم يكفا على معاضدة بعضهما 
تنقل الختيار والحكيم من عمّان الى دمشق الى القاهرة الى بيروت والجزائر وعدن وهناك جسدا الحضور الفلسطيني و قادا صحبة القيادات الوطنية الفلسطينية الأخرى التي ناضلت بالمقاتلين وقدمت الشهداء صحبة الحركة الوطنية اللبنانية إلا أن التاريخ أبى إلا أن يذكر الحكيم و الختيار في محطة لبنان من 1972 الى الخروج منها سنة 1982 لكن عرفات وجورج حبش لم يغادرا بيروت بالكامل فقد بقي الحضور موجودا في حرب المخيمات 
الحكيم جورج حبش أو حتى عرفات عندما يطرح السؤال على احدهما حول الآخر لا يجدا إجابة كافية لحجم العلاقة بينهما التي لاتكفي الساعات و الصفحات و الكلمات لوصفها كاملة وبأدق تفاصيلها 
اختار عرفات المسار السياسي التفاوضي مسارا فهو لطالما حبذ الطريق السياسي وأكد الحكيم ان الثورة والبندقية هي الطريق الأنسب لشعبنا 
لكن هذا لم يمنع و لم يوقف المسار ف عرفات عندما يدخل في لعبة المفاوضات يتكئ دوما على الحضور الثوري لمدرسة ورفاق الحكيم كطوق نجاة له أمام الضغوط متأكدا ومقتنعا ان الحكيم والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هما صمام الأمان للقضية الفلسطينية وعندما حوصر أبو عمار وجد السند والمقاتلين من تنظيمه فتح ومن كتائب الشهيد أبو علي مصطفى يدافعون عنه في مقر المقاطعة برام الله 
لن أنقذ عرفات هذه المرة فهو يدرك زلاته ولن أتكلم عن الحكيم أكثر رغم إقراري بحبي له فهو قائدي ومعلمي و رفيقي إلا ان الختيار يشاطره الحب والعرفان 
الحكيم والختيار إستثناء فلسطيني فقد جمعا كل الهامات العربية و الثورية في داخلهما لدرجة ان الثنائي ابو عمار -الحكيم يمكن مقارنته بالثنائي عبد الناصر -بورقيبة أو ديغول -جورج مارشيه/بوليفار(الحكيم) -انطونيو خوزيه دو سوكري (عرفات)
أعود في هذه الأسطر لعرفات تحديدا الذي ينحر على مسؤوليات لا يتحملها بل لخيانات عربية تركته وحيدا ليتخذ السم والعلقم لوحده ويجرونه لمسالك لطالما رفض الذهاب اليها بل الى حد اتهامه بالإغتيال وتصفية فلسطينيين

أبو نضال أراد إغتيال ياسر عرفات

أحمد جبريل أراد تصفية الختيار

أبو نضال إغتال رفاقا لأبو عمار

فتح الإنتفاضة حركة أمل وما فعلته

أحمد جِبْرِيل الذي لطالما أراد تصفية أبو عمار أنقذه ياسر عرفات والحكيم من براثن مقاتلي جبهة التحرير بقيادة أبو العباس المدعوم عراقيا وكلّف ذلك الحكيم و أبو عمار غضب صدام حسين 
لكن ياسر عرفات لم يرد الفعل وترفع على ان يكون دمويا
تأتون الآن لتتهموا أبو عمار بإغتيال ناجي العلي
الحكيم جورج حبش ورغم ما عاشه من إنقسام شق صفوف الجبهة لم يسكب الدم الفلسطيني
أبو عمار لم يسقط مسدسه عندما حوصر في رام الله كما لم يسقط الحكيم جورج حبش فكره ومشروعه وثورته

عرفات وجورج حبش هما يوطوبيا العقل العربي والسياسة العربية بل هما من جسدا آراء أهل المدينة الفاضلة للعملاق الفارابي ونحتا جمهورية أفلاطون بثوب فلسطيني عربي وأممي وكتبا معا بيان حقوق الإنسان الثورية التحررية فكأن بدانتون وروبسبيير ومارا وسان جوست ارتدوا الثوب الفلسطيني 
عرفات والحكيم مشروع وطني وأممي ولعل التاريخ حشر في زاوية وعليه كلما أراد التأريخ لأحدهما الا وأجبر على ذكر التوأم الثاني
رحم الله والتاريخ الحكيم وعرفات فقد كانا أعظم من الوجود.

Skip to content