الافتتاحية

في المسؤولية المشتركة !!

سامي الطاهري
سامي الطاهري
الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل

نحتاج في هذا السياق الراهن إلى التضامن والوحدة الوطنية إيمانا وقولا وفعلا. ونعتقد، في الاتحاد العام التونسي للشغل، أنّه على الجميع تحمّل المسؤولية لتجاوز هذه الأزمة، وأيضا لمواجهة نتائجها كتحدّ سيكون صعبا ولا شكّ.

لقد عملنا منذ اليوم الأول لهذه «المعركة» على دعم وإسناد كل جهود الدولة بتقديم النصح والمشورة وبخلق المبادرات النقابية والشعبية لدعم هذه الجهود بالتبرع والتطوّع، كما كان لنا الدور الرئيسي، من خلال هياكلنا النقابية جهويا وقطاعيا  في تشخيص وضع أغلب الهياكل الحيويّة التي تحتاجُها البلاد في هذه الظروف، وساهمنا في خلق مناخ عمل خال  من التوتر بتأجيل مطالب منظورينا، والكثير منها يُفترض أنه عاجل.

وبالمقابل فإنّه من المهم أن نُنبه كلّ الأطراف إلى ضرورة تغليب المصلحة العليا للوطن والشعب وعدم استغلال الظرف الصعب لتحقيق مصالح سياسيّة أو ربحيّة، وعدم الالتفاف على جملة من حقوق الشغالين والفئات الضعيفة في المجتمع أو المسّ من الحريات إلا بمقتضيات القانون  أو ما تفرضهُ الإجراءات الاستثنائية للحجر الصحي العام.

ونعتبر أنّ كثيرا من الإجراءات الاقتصادية التي عبر عنها رئيس الحكومة غير عادلة، ومنها ما لا وجوب له في السياق الراهن، وتستفيد منها المؤسسات الاقتصادية الكبرى، هذا إضافة إلى أنها تخالف القانون. وإن كان القصد تقديم خدمة لـ»رأس المال» من أجل استمالته في الانخراط في الجهد الوطني لمجابهة «كورونا» فإنّ الصواب أن تفرض الدولة على الجميع تحمّل المسؤولية وألا تتعامل مع أطراف تمتلك أسباب الدعم  بارتباك.

الأصل بالنسبة إلينا هو الانخراط الطوعي والوطني والمسؤول، وأن نكون جميعا شركاء كلّ حسب قدراتهِ، ونعتقد أنّ الطبقة العاملة صاحبة الفضل في بناء الثورة ولها الآن أن تستفيد منها، بقطع النظر أين خزنت، من أجل أن تتوفر لها سُبل ووسائل الحماية من هذه الجائحة.

وللتذكير فإنّ الطواقم الطبية وشبه الطبية وموظفات/و وعاملات وعمال الصحة كلهم من هذه الطبقة الشغيلة تنضاف إليهم قوى الجيش والأمن والحماية المدنية وعمال البلدية، بل وكلّ أهلهم وأحيائهم وقراهم، هؤلاء هم الآن في الواجهة الأولى للتصدّي. يواجهون الوباء وحدهم ويتقاسمون معنا بقية أنواع العناء نتيجة الوضع العام. فهل أن الدولة مع هؤلاء المنقذين أو هي مع قلّة نهبت لعقود وتساوم اليوم ببعض الدعم لربح منتظر بعد الأزمة.

الأمر الأكيد، أنّ أغلب من وصل الحكم منذ عقود، وإلى ما بعد الثورة، وإلى اليوم بتحالف مع رأس المال، لهذا يجد أن هذا الأخير صاحب فضل عليه، فيرضى أن يدفع بالجميع إلى المعاناة ولا يُزعج صاحب الفضل عليه.

لمن شاء أن يرضى أن يكون من الخدم، ولكن العمال وعموم الشغالين لا يخدمون إلا دولتهم وشعبهم. ولا يقبلون أن يساومهم أحد على سلامتهم أو خبزهم أو مستقبل الأجيال.

ومع هذا فنحن دائما نأمل في أن يتعقّل من توهّم استعباد التونسيات والتونسيين أو الاستعلاء عليهم، وندعو من سهى إلى العودة إلى الرشد. ولازلنا نعتبر أن الجميع شريك في الوطن إلا من أبى.

Skip to content