أخبار مدنية

الأمم المتحدة : تقرير دولي يدين جرائم الاحتلال في غزة ويصنّفها إبادة جماعية

في تقريرها الصادر يوم الثلاثاء 16 سبتمبر، أكدت اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وإسرائيل، أن الجرائم المرتكبة في غزة منذ أكتوبر 2023 ليست مجرد انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، بل ترقى إلى جريمة إبادة جماعية بمقتضى اتفاقية منع جريمة الإبادة.

كما خلصت اللجنة إلى مسؤولية دولة الاحتلال واعتبرتها قائمة بشكل مباشر، وألزمت المجتمع الدولي بأسره ودعته إلى الحيلولة دون استمرار الجريمة، محاسبة المسؤولين عنها، وضمان عدم الإفلات من العقاب.

توصيات صارمة إلى الكيان الاسرائيلي.

تضمن التقرير عديد التوصيات الواضحة والصارمة التي خُصّت بها دولة الاحتلال، حيث طالبتها بالوقف الفوري لكل الأفعال التي تشكّل جريمة إبادة في غزة، والسماح دون قيود بدخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية من غذاء ودواء ووقود. كما أوصى التقرير بضرورة الشروع في إعادة إعمار المرافق الصحية والتعليمية والبنية التحتية المدمرة، وإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة لمحاسبة المتورطين في الجرائم أو المحرّضين عليها، مع ضمان تعويض الضحايا الفلسطينيين عن الأضرار الجسيمة.

دعوة إلى جميع الدول والهيئات الأممية.

وجّهت اللجنة توصياتها كذلك إلى جميع الدول لاتخاذ كل التدابير الكفيلة بوقف ومنع استمرار الإبادة، وعلى رأسها تعليق تصدير الأسلحة والمعدات التي يمكن استخدامها في الجرائم. كما دعت إلى استخدام الاختصاص القضائي الوطني لملاحقة المتورطين في جريمة الإبادة أو المحرضين عليها، والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية والهيئات الأممية ذات الصلة، إضافة إلى الامتناع عن أي شكل من أشكال الدعم السياسي أو العسكري أو الاقتصادي الذي يساهم في إدامة الوضع غير المشروع.

كما طالبت اللجنة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بالاستمرار في مراقبة الوضع الميداني في غزة وتقديم تقارير دورية حول التطورات، مع إحالة النتائج إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن لاتخاذ ما يلزم من تدابير إضافية. وشدد التقرير على ضرورة توفير الدعم المباشر للضحايا بما في ذلك الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية.

ردود الفعل الأمريكية والصهيونية

قوبل هذا التقرير بالرفض والهجوم من قبل السياسيين والإعلاميين في أمريكا و في الكيان الغاصب حيث وصل بهم الأمر إلى التجريح في اللجنة واتهامها بعدم الاستقلالية والحيادية، ضاربين عرض الحائط بنواميس المنظومة الدولية ومؤسساتها.

وفي هذا الصدد، قال متحدث باسم الوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريح لموقع CNN، ردًا على التقرير الصادر مؤخرًا عن اللجنة: “اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية قمة النفاق”. وأضاف “هذا النوع من المراوغة من جانب الأمم المتحدة دليل آخر على إفلاسها الأخلاقي”.

من جهتها، أكدت حكومة العدو أنها تدير الحرب في غزة “دفاعًا عن النفس ووفقًا للقانون الدولي”، نافيةً بشدة اتهامات الإبادة الجماعية. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان الثلاثاء، إن بلادها “ترفض بشكل قاطع التقرير المشوه والكاذب وتدعو إلى إلغاء لجنة التحقيق على الفور”. كما وصفت التحقيق بأنه “تقرير يعتمد بالكامل على أكاذيب حماس”، متهمة مؤلفيه بأنهم “وكلاء للجماعة المسلحة التي تم إدانة تصريحاتها المروعة عن اليهود في جميع أنحاء العالم”.

يُذكر أنّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت قد اتخذت إجراءات صارمة ضد من يحققون في جرائم حرب إسرائيلية محتملة، وصلت حدّ فرض عقوبات على عدد من قضاة المحكمة الجنائية الدولية و المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي التي زارت مرحبا الاتحاد العام التونسي للشغل وان ترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام.

خلفية عن اللجنة و عملها.

تجدر الإشارة إلى أنّ اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الأرض الفلسطينية المحتلة أنشئت بقرار من مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 27 ماي 2021، بهدف التحقيق في الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة منذ 13 أفريل 2021، سواء في الأرض الفلسطينية المحتلة أو في إسرائيل، والوقوف على الوقائع والظروف التي قد ترقى إلى جرائم دولية.

ومنذ انطلاق عملها، قامت اللجنة بجمع وتحليل أدلة واسعة النطاق حول مختلف الانتهاكات، ونشرت ثلاثة تقارير أساسية وثلاث وثائق تفصيلية تناولت جرائم ارتُكبت منذ 7 أكتوبر 2023. ويستند التقرير الحالي أساسًا إلى تلك النتائج، مع الإشارة إلى أن اللجنة ستقدم تقريرًا إضافيًا إلى الجمعية العامة في أكتوبر 2025.

أما فيما يتعلق بتقاريرها السابقة، فقد خلصت اللجنة إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في قطاع غزة، شملت: الإبادة و التعذيب و الاغتصاب و العنف الجنسي و النقل القسري و المعاملة القاسية و التجويع كأسلوب حرب وأشكال أخرى من الاضطهاد القائم على النوع الاجتماعي. كما حمّلت اللجنة سلطات الاحتلال مسؤولية تدمير القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة كجماعة عبر فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات، إضافة إلى فرض ظروف معيشية تؤدي إلى التدمير المادي للفلسطينيين كجماعة. وخلصت اللجنة إلى أن هذه الممارسات تمثل أفعالًا أساسية ضمن جريمة الإبادة الجماعية وفق نظام روما الأساسي واتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها.

ضياء تقتق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *