مقالات

الحالة الإستثنائية عمّقت هشاشة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية وقيّدت الحقّ في العمل

تقرير صادر عن الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية

مجدي الورفلي
صحفي

لم تقتصر إنعكاسات الحالة الإستثنائية التي دخلت فيها تونس منذ 25 جويلية 2021 على الجانب الحقوقي والسياسي، حيث قيّمت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية من خلال تقرير أصدرته الاسبوع الجاري ان الإنتهاكات والإنعكاسات السلبية للحالة الإستثنائية شملت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بصفة مباشرة أو غير مباشرة.

كشفت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية عن تقريرها حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية أثناء حالة الإستثناء وإدارة البلاد وفق الامر الرئاسي عدد 117، حيث رصد التقرير عديد الانتهاكات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من طرف السلط العمومية خلال الفترة التي تلت 25 جويلية 2021 رغم التشبث الظاهري لرئيس الجمهورية على مستوى الخطاب بأفضلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

إذ خلصت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية من خلال التقرير إلى أنه “بالرغم من التشبث الظاهري لرئيس الجمهورية على مستوى الخطاب بأفضلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإنّ عدم امتلاكه لتصور اقتصادي واجتماعي وثقافي حقيقي وواقعي، ينبئ بعودة الاحتجاجات الشعبية لا فقط للمطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بل أيضًا ببقية الحقوق والحريات التي تظل وحدة مترابطة ومتكاملة ولا يمكن التمتع بإحداها دون التمتع الفعلي ببقية الحريات” وفق التقرير.

وأوضح التقرير أن الحالة الاستثنائية “زادت في هشاشة هذه الحقوق، حيث شهدت حرية العمل وحرية الصناعة والتجارة عدة تضييقات عبر منع فئات مهنية واجتماعية من السفر إلى الخارج مما عطل مصالح العديد منها من أجل إنجاز المهام المرتبطة بأنشطتهم الاقتصادية” ووصف التقرير المنع من السفر شكلا من أشكال العقوبات الجماعية التي تعد منافية لمبدأ شخصية الجرائم والعقوبات ومبدأ التناسب كما انه يمثّل انتهاكا لحرية الصناعة والتجارة بما أن العديد من الاشخاص الذين تعرضوا للمنع من السّفر كانوا بصدد السفر من أجل القيام بأعمال ذات طابع اقتصادي.

منع من العمل

الإقامة الجبرية التي وُضع تحتها العشرات بعد تاريخ 25 جويلية وإعلان الحالة الإستثنائية، إعتبرها تقرير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية إجراءات تسبّب في حرمان المعنيين بالإقامة الجبرية من حقهم في العمل، حيث أورد التقرير انه “لئن كان مباحًا من ناحية قانونية أن يقع الحد من حرية الأشخاص من أجل حماية الأمن الوطني وفقًا لشروط مشددة فإنه لا يجب أن يقع توظيف هذا الإجراء لغايات انتقامية” حسب التقرير.

حرمان من التغطية الصحيّة

تقرير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية تعرّض الى وضعية نواب مجلس الشعب بعد صدور الأمر الرئاسي عدد 117 الذي نص على إيقاف صرف الإمتيازات والمنح النيابية لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه، حيث أودت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية ان عديد النواب اشتكوا من غياب التغطية الصحية نتيجة إيقاف المنح مما عرض صحة بعضهم إلى الخطر نتيجة رفض الهياكل الصحية قبلوهم بسبب عدم تمتعهم بالتغطية الصحية.

تقييد الحقّ في العمل

بعد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المرسوم عدد 1 لسنة 2021 المؤرخ في 22 أكتوبر 2021 والمتعلق بجواز التلقيح الخاص بفيروس “سارس كوف 2” أصبح المواطنون ملزمين بالحصول على الجواز الصحي إثر تلقي التلقيح بصورة كاملة للتمكن من ممارسة جملة من الانشطة كالدخول إلى الإدارات العمومية أو أماكن العبادة أو مغادرة البلاد، واعتبر التقرير ان هذا المرسوم يثير إشكالا حقيقيّا.

حيث أوضح تقرير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ان الفصل 6 من المرسوم المتعلق بجواز التلقيح، ينص على انه “يترتب عن عدم الاستظهار بجواز التلقيح تعليق مباشرة العمل بالنسبة إلى أعوان الدولة والجماعات المحلية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية وتعليق عقد الشغل بالنسبة إلى أجراء القطاع الخاص، وذلك إلى حين الإدلاء ء بالجواز. وتكون فترة تعليق مباشرة العمل أو عقد الشغل غير خالصة الاجر”.

ليُبرز التقرير ان المرسوم المتعلق بجواز التلقيح يتعارض مع أحكام هذا الفصل مع الفصل 49 من الدستور التونسي ويخرق بوضوح تام مبدأ التناسب نظرا لتقييده الحق في العمل المنصوص عليه صلب الفصل 40 من الدستور دون احترام للتدرج في الإجراءات التقييدية بما أنه وقع اللجوء مباشرة إلى إجراء تعليق مباشرة العمل بالنسبة إلى أعوان الدولة والجماعات المحلية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية وتعليق عقد الشغل بالنسبة إلى أجراء القطاع الخاص.

عودة كارثيّة ووضع بيئي هشّ

“العودة المدرسية والجامعية كانت كارثية وأسوأ من السنوات السابقة وهو ما يمكن أن نعزوه إلى الحالة الاستثنائية التي أدت إلى شلل شبه كلي للعمل الحكومي وإضعاف التنسيق بين مختلف الهياكل العمومية” وفق ما ورد في التقرير المتعلّق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية زمن الحالة الإستثنائية التي أثرت كذلك على الوضع البيئي خاصة في ولاية صفاقس التي اكد التقرير انه لا يمكن التغاضي أيضًا عن الأزمة البيئية التي عانى منها سكان ولاية صفاقس التي لازالت دون وال منذ 4 أوت وهو ما عمق الوضع البيئي الهش نظرًا لعدم القدرة على التصدي بسرعة لحالة الاحتقان”، وفق ما ورد في تقرير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية أثناء حالة الاستثناء.

Skip to content