مقالات

الكريديف يسلّط الضوء على العنف الرمزي المسلّط ضد النساء والفتيات

سيماء المزوغي
صحفية

أطلق مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة “الكريديف”، حملة توعوية ضد العنف الرمزي انطلقت من يوم الأربعاء 20  وتتواصل غاية 27 أكتوبر 2021، شعارها بالدارجة التونسية “اسمو تمييز” لتسليط الضوء على العنف الرمزي وتفسيره وتفكيكه.

 وتنجز هذه الحملة بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في إطار البرنامج المدعم من قبل الحكومة اليابانية بعنوان:” تعزيز نظام الحماية الاجتماعية لفائدة الفئات الهشة والمهمشة بسبب الكوفيد 19″.

وتتكون الحملة من ثلاث شهادات مصورة لشخصيات رجالية تؤمن بمبدأ المساواة وتنبذ التمييز بين النساء والرجال. وتتناول هذه الشهادات أشكالا مختلفة من العنف الرمزي في ثلاث مجالات وفضاءات وهي: العنف الرمزي ضد الفتيات والنساء في المجال التربوي والمجال الرياضي وفي الفضاء الأسري.

وتهدف هذه الحملة حسب بلاغ الكريديف إلى المساهمة في القضاء على العنف الرمزي المسلط على النساء والفتيات من خلال التوعية بأشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي التي يتم “التطبيع” معها دون وعي، وكسر حاجز الصمت حول ما يسمى بالعنف “الرمزي” المسلط على النساء والفتيات. كما تهدف الحملة إلى المساهمة في تفكيك الصور النمطية المتعلقة بتقسيم الأدوار بين النساء والرجال. وتشجيع مشاركة الرجال والفتيان في مسار مناهضة العنف ضد النساء.

وفي تصريح لـ”الجريدة المدنية” اعتبرت المديرة العامة لمركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة “الكريديف”، نجلاء العلاني أن هذه الحملة تعاضد مساهمات الكريديف في مكافحة مختلف أشكال العنف المسلط على النساء والفتيات ومناصرة حقوقهن، وذلك من خلال عديد البرامج والأنشطة والحملات والدراسات والبحوث لرصد هذه الظواهر وفهمها وتفكيكها ومحاربتها للرفع من مستوى الوعي بضرورة التصدي للعنف المسلط على المرأة بمختلف أنواعه وأشكاله.

ويذكر أنّ الكريديف قام خلال السنة الفارطة بدراسة حول العنف الرقمي المسلط على النساء من خلال موقع ” فايسبوك” وهو الموقع الأكثر إقبالا في تونس، حيث بيّنت الدراسة أن 4 على 5 من النساء المستجوبات تعرضن ولو مرة واحدة إلى العنف في الفضاء الرقمي أي ما يعادل 89 بالمائة من النساء، وبينت الدراسة أن 95 بالمائة منهن لا يرفعن شكايات ضد المعنف إما خوفا أو جهلا بأن ما يسلط عليها يعد عنفا رقميا.

كما نظّم الكريديف حملة توعوية رقمية تحت شعار “العنف الرقمي جريمة حتى هوني يتحاسب”  دعا فيها النساء اللاتي تعرضن إلى العنف الرقمي إلى كسر حاجز الخوف ومعرفة حقوقهن وجمع الأدلة وتوثيقها ورفع شكاية في الغرض لدى الفرقة المختصة في جرائم العنف ضد المرأة وعدم تجاهل الأمر.

الكريديف باعتباره مؤسسة بحثية بالأساس هويتها علمية، ليس من مشمولاته التعهد بالنساء ضحايا العنف لكنه يعمل في المقابل على تدريب فرق الوحدات المختصة في جرائم العنف المسلط على النساء بكامل تراب الجمهورية حول التعهد بالنساء ضحايا العنف كما يواصل تدريب فرق الاستمرار المختصة أيضا حول الموضوع ذاته.

ما هو العنف الرمزي؟

حسب بيار بورديو Pierre Bourdieuعالم الاجتماع الفرنسي،  والذي يعتبر أحد أهم المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر، أعطى العنف الرمزي معنى “الضغط أو القسر أو التأثير الذي تمارسه الدولة على الأفراد والجماعات بالتواطؤ معهم. ويبرز هذا المعنى على نحو جليٍّ في التعليم الذي يمارسه النظام المدرسي لناحية الاعتقاد ببديهيات النظام السياسي، أو لناحية إدخال علاقة السلطة إلى النفوس كعلاقة طبيعية من وجهة نظر المهيمنين. وهو يعتبر رفض الاعتراف بممارسة العنف الرمزي محاولة للاستمرار في ممارسته. في تعبير آخر، يتجسد العنف من خلال القوانين التي تحفظ سلطة المهيمنين وفي البنى العقلية “الذاتية” أي من خلال مقولات الإدراك والتقدير التي تعترف بالهيمنة أو القوانين المفروضة. حيث يعتبر بورديو أن الدولة “ليست مفهوما مقدسا أو جوهرا قائماً بذاته، بل مفهوم ذو بعد اجتماعي. والاعتقاد بشرعية الهيمنة ليس فعلا حرا وواعيا”.

ويفسّر بيار بورديو رأس المال الرمزي في سياق موضوع العنف الرمزي إلى أنه القبول أو الاعتراف أو الاعتقاد بقوة أو بسلطة من يملك مزايا أكثر، أو شكلا من الاعتراف بالشرعية، أو قيمة معطاة من الإنسان. ويرتبط هذا المفهوم بمبدأ السلطة ومبدأ التميُّز أو الاختلاف ومبدأ الأشكال المختلفة لرأس المال، ويدخل في مختلف الحقول وفي مختلف أشكال السلطة أو الهيمنة، أو في أشكال العلاقات. واعتبار الدولة مصرفاً من رأس المال الرمزي يُعتبَر بعدا جديدا من أبعاد الدولة”.

ويعتبر  بيار بورديو أن التلفزيون يشكل أداة للقمع الرمزي لأنّ المشاهد يجنح إلى تصديق ما يعرض عليه بعامة. وهو يأمل في أن “يتحول التلفزيون إلى أداة للديموقراطية المباشرة لو تم رفع المستوى العلمي للمشاهدين وتقوية استقلالية التلفزيون عبر إدراك الإواليات التي تعمل على ضرب تلك الاستقلالية. والإواليات غير المرئية التي تُمارَس الرقابة من خلالها تجعل من التلفزيون أداة عظيمة لتثبيت النظام الرمزي وهكذا يغدو التلفزيون أداة لخلق الحقيقة وللتحكيم الاجتماعي والسياسي، وليس، كما يُدَّعى، أداة لتسجيل الواقع. وهو ليس ملائماً للتعبير عن الفكر أو الرأي، إذ يمنح أهمية للتفكير السريع وللغذاء الثقافي السريع المقترن بأفكار مسبقة.

Skip to content