أخبار مدنية

الهجرة غير النظامية في تونس: بين الحلول الأمنية وتصاعد الخطاب العنصري

تشهد تونس تصاعدًا في التوترات المرتبطة بملف الهجرة غير النظامية، حيث أصبح المهاجرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء عرضة لانتهاكات متزايدة، بلغت حد الاعتداءات الجسدية، وسط تنامي الخطاب العنصري والتهميش والاستغلال. هذه الأزمة تعكس فشل السياسات الحالية في إدارة ملف الهجرة، مما يهدد بتفاقم التوترات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

أزمة الهجرة بين السياسات الأمنية والحقوق الأساسية

أفضت السياسات الأمنية المتبعة لمواجهة تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى نتائج عكسية، إذ زادت من الضغوط على هذه الفئة وأدت إلى تصاعد الاعتداءات ضدهم، وهو ما يثير المخاوف بشأن انتهاك حقوق الإنسان وتهديد الحق في الحياة. ورغم أن تونس تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، إلا أن تحميل المهاجرين مسؤولية هذه الأزمات ليس سوى هروب من مواجهة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تدهور الوضع.

إن التعامل مع الهجرة غير النظامية عبر المقاربات الأمنية القمعية لن يفضي إلا إلى مزيد من التعقيد، في حين أن الحل يكمن في اتباع سياسات شاملة تحترم القوانين الوطنية والتزامات تونس الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما يضمن تحقيق التوازن والسلم الاجتماعي.

دعوات إلى سياسات هجرة عادلة وإنسانية

في ظل هذا الواقع، تؤكد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على ضرورة وقف جميع أشكال العنف والتمييز ضد المهاجرين، مع تحميل السلطات المسؤولية الكاملة عن إدارتها الفاشلة لهذا الملف. كما تشدد على أهمية وضع سياسات هجرة عادلة تحترم حقوق الإنسان، وتراعي في الوقت نفسه التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.

وتدعو الرابطة إلى تنسيق الجهود بين الدولة والمجتمع المدني لمعالجة الملف بعيدًا عن الخطابات التحريضية التي تكرس التمييز والعنف والكراهية، والتي قد تؤدي إلى تفاقم الاحتقان الاجتماعي. إضافة إلى ذلك، تدين بشدة الخطاب العنصري الصادر عن بعض النخب، والذي يتعارض مع قيم الديمقراطية والتعددية.

نحو استراتيجية وطنية شاملة

إن معالجة أزمة الهجرة غير النظامية تتطلب رؤية استراتيجية واضحة وشفافة، تستند إلى التعاون مع المنظمات والهياكل الدولية، بما يحقق مصلحة تونس مع احترام التزاماتها الحقوقية الدولية. كما أن التصدي للخطاب الشعبوي والعنصري أصبح ضرورة ملحة للحفاظ على السلم الاجتماعي وحماية الفئات الهشة من الاستغلال والاضطهاد.

في النهاية، يبقى الحل الحقيقي لهذه الأزمة في تبني سياسات متوازنة ومسؤولة، تأخذ بعين الاعتبار حقوق المهاجرين، دون المساس باستقرار البلاد. تونس، التي كانت دائمًا أرضًا للانفتاح والتسامح، مطالبة اليوم بإثبات التزامها بقيم حقوق الإنسان، بعيدًا عن أي حسابات سياسية أو خطابات تحريضية تهدد وحدة المجتمع.