بيان
نشر مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء بالرائد الرسمي ليوم 30 جوان 2022. هذا المشروع الذي جاء نتيجة لمسار انفرادي لم يتم فيه التشاور إلا مع بعض الفاعلين المدنيين والسياسيين صلب هيئة استشارية لم يأخذ الرئيس بالمشروع الذي تم اقتراحه من قبلها. دستور يلخص نتيجة لمسار انفرادي هو دستور لا يمكن أن يمثل جميع التونسيين والتونسيات ولا حتى أغلبهم !
وحيث أن الدستور المقترح هو دستور خطير يهدم مقومات الجمهورية وأسس الدولة المدنية من خلال المغالطات التاريخية التي تتضمنها ديباجته، والنفس الديني الرجعي الذي يسيطر عليه خاصة بالفصل الخامس منه الذي ينص على أن “انتماء تونس للأمة الإسلامية والدولة وحدها تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف والحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية” وهو ما من شأنه تحويل الدولة من دولة محايدة أغلبية شعبها مسلم وهي مدنية إلى دولة تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام.
كما جعل مشروع الدستور السلطة مركزة بين يدي رئيس الدولة دون وجود أي حدود لسلطته بما أن السلطات الأخرى أصبحت بمقتضاه وظائف لا يمكنها مساءلته بأي شكل من الأشكال وهو الحال أيضا بالنسبة للمحكمة الدستورية التي تم تصورها صلب مشروع الدستور والتي يتم تعيين جميع أعضائها من قبل رئيس الجمهورية لتصبح خاضعة كليا له وحده.
كما يهم الجمعية التأكيد على أن الرئيس قد قام بخرق مستوجبات حملة الاستفتاء بنشره لرسالة في 5 جويلية ممضاة بإسمه تحث على التصويت بنعم والحال أنه لم يقم بالتسجيل بحملة الاستفتاء كما نص على ذلك قرار الهيئة اللاشرعي والتعسفي الصادر في 13 جوان 2022 والمنظم للحملة ويكون بذلك قد فتح الباب للجميع للقيام بالحملة سواء قاموا من بالتسجيل أم لا تكريسا لمبدأ المساواة.
وتبعا لكل ما سبق يهم الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية التأكيد على أن المشاركة في الاستفتاء هي الفرصة الأولى لإسقاط مشروع الدستور والحؤول دون دخوله حيز النفاذ ولا يجب بالتالي إضاعتها وأن جميع الأساليب النضالية تبقى متاحة فيما بعد لإسقاط الدستور والنظام الذي يتبناه. ولذلك فإننا ندعو التونسيين والتونسيات إلى المشاركة في الاستفتاء من خلال التصويت بـ”لا”.
فالدستور المعروض أمامنا خطير جدا على الحقوق والحريات وذلك للأسباب التالية :
· مسألة التراجع عن عدة ضمانات جاء بها الفصل 49 من دستور 2014 : إذ استنسخ مشروع الرئيس في فصله 55 الفصل 49 من دستور 2014 إلا أنه حذف منه مبدأ الضرورة التي “تقتضيها الدولة المدنية الديمقراطية” فضرورات الأمن العام والدفاع الوطني والصحة العامة وحقوق الغير، كانت تقاس بحسب مدنية و ديمقراطية الدولة، أي على أساس مبدأ الحرية و الاختلاف و التنوع، وهو ما لم ينص عليه مشروع الدستور المقترح.
· حذف التكريس الدستوري للمجلس الأعلى للقضاء : ينص المشروع على أن القضاء وظيفة و يزيل عنه كما كان مضمنا في دستور 2014 دوره في حماية الحقوق و الحريات ” الفصل 102 من دستور 2014″ و تحيل في تنظيم القضاء و المجلس الأعلى للقضاء على قانون سيصدر. وإذا استندنا على التوجه الموجود الان في علاقة الرئيس بالقضاء ومجلسه الأعلى يمكن أن نتخيل نوع العلاقة التي سيضعها الرئيس في النصوص القادمة.
· التخلي عن الهيئات الدستورية : لقد محى مشروع دستور 2022 الهيئات الدستورية السابقة و لم يبقي الا على هيئة الانتخابات و أحدث المجلس الأعلى للتربية و التعليم. هذا الاختيار سيحرم الحقوق و الحريات من هياكل مستقلة قادرة (بموجب علويتها و دستوريتها) على رقابة واقع الحقوق و الحريات و الإدانة و التدخل لإعادة الحقوق لأصحابها وصاحباتها.
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية