مقالات

تقرير الاتحاد العربي للنقابات: انتهاكات مستمرة وتونس تحت المجهر

ضياء تقتق
صحفي

كشف التقرير السنوي لانتهاكات الحقوق والحريات النقابية بالمنطقة العربية لسنة 2024، الصادر عن الاتحاد العربي للنقابات والمنشور عبر صفحاته الرسمية يوم 10 مارس، عن استمرار الانتهاكات الواسعة للحقوق والحريات النقابية مسجلا تزايدا ملحوظا في دول مصر وليبيا، مقابل تراجع طفيف في تونس وتحسن أكبر في الجزائر. وأشار التقرير إلى أن الحكومات في الدول العربية لا تزال تعتمد سياسات تقيد النشاط النقابي عبر سنّ قوانين تقييدية وممارسات تضييقية.

تونس ضمن أسوأ 10 دول في العالم لانتهاك حقوق العمال:

وفقًا لمؤشر الحقوق العالمية لعام 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي لنقابات العمال (ITUC)، وبالرجوع للوثائق الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي المنعقد في دورته في صائفة السنة المنقضية، تم تصنيف تونس بتاريخ 12 جوان 2024 في القائمة المصغرة لأسوأ 10 دول في العالم من حيث انتهاك حقوق العمال.

 

و وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن الاتحاد العربي للنقابات، تواصل الحكومات العربية محاولاتها تقويض العمل النقابي من خلال قوانين واجراءات تحدّ من حرية التنظم، وتعزز سلطة الدولة في التدخل في الشؤون الداخلية للنقابات حيث شهدت مصر إصدار مشروع قانون عمل جديد يكرّس هشاشة العلاقة المهنية، ويسمح بعمليات تسريح جماعي واسعة. وفي ليبيا ، أصدرت الحكومة قانونًا جديدًا يحوّل النقابات إلى كيانات صورية تخضع لقرارات إدارية صارمة. أما بالنسبة العراق فقد قامت الحكومة بسحب مشروع قانون إيجابي للممارسة النقابية وقدّمت بديلاً يتعارض مع اتفاقيات العمل الدولية.

في تونس: “لا ضمانة للحقوق النقابية”

تضمن التقرير الصادر عن الاتحاد العربي للنقابات تصنيف تونس وفقا للمؤشر الدولي للنقابات ضمن الفئة الخامسة والتي تعني “لا ضمانة للحقوق النقابية”، مما يضعها في مجموعة البلدان التي تشهد قيودًا حادة على العمل النقابي إلى جانب دول مثل مصر والجزائر والبحرين والكويت.

انتهاكات تطال النقابيين وتضييق على الحريات:

كما رصد التقرير عدة انتهاكات طالت النقابيين في تونس، منها عزل وملاحقة نقابيين قضائيًا حيث عزلت وزارة الثقافة الكاتب العام لنقابة الوزارة الأخ الناصر بن عمارة، كما تم توقيف عدة نقابيين على خلفية أنشطتهم مثل إيقاف الأخ الطاهر المزي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والأخ عبد الكريم السويسي في جهة صفاقس.

واشار التقرير إلى تعرض عديد القيادات النقابية إلى الاعتقال مثل إيقاف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين الأخ الصنكي الاسودي وتمديد فترة احتجازه دون تهمة واضحة.

أما في باب التضييق على الحق في الإضراب فقد ذكر ذات التقرير باستخدام السلطات لسلطة القضاء والأجهزة الإدارية قصد ملاحقة النقابيين المشاركين في الإضرابات وضربت مثالا لذلك حيث تم إيقاف أنيس الكعبي لمدة 14 شهرًا وإيقاف نقابيين آخرين بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي الجانب التشريعي، تعرض التقرير إلى أن بعض القوانين الوطنية لا تزال تقيّد الحريات النقابية. فرغم مصادقة تونس على جل اتفاقيات منظمة العمل الدولية إلا أن المشروع يشترط الحصول على الجنسية التونسية لمن يتولى المسؤولية النقابية، كما يشترط الحصول على الموافقة المسبقة من سلط الإشراف لإمضاء الاتفاقيات الجماعية ونفاذها، وهو ما من شأنه أن يحد من استقلالية العمل النقابي ونجاعته.

ضعف الحوار الاجتماعي وتجاهل المطالب النقابية:

 أيضا تعرض التقرير السنوية إلى مسالة ضعف الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج الثلاثة و ذلك رغم تأسيس المجلس الوطني للحوار الاجتماعي عام بمقتضى قانون أساسي و انطلاق نشاطه سنة 2018، حيث لم ينجح هذا المجلس في لعب دور فاعل في تحسين العلاقات بين النقابات وأصحاب العمل.

وأكدت الوثيقة على أن الحكومة تواصل سياساتها في تجاهل المطالب النقابية وتلجأ إلى إصدار قرارات أحادية الجانب دون تشاور مع الشركاء الاجتماعيين.

كما اعتبر التقرير حول انتهاكات الحقوق والحريات النقابية بأن الاتحاد العام التونسي للشغل يواجه تحديات متزايدة في حماية المكتسبات العمالية، خاصة مع محاولات الحكومة تقييد الحراك النقابي عبر الأدوات القضائية والأمنية. وهو ما يحيل إلى طرح التساؤل حول امكانية استعادة القوى النقابية لنفوذها في ظل استمرار هذه السياسات التضييقية.

Skip to content