مقالات

تونس في المرتبة 96 عالميا في التلوث البيئي

ائتلاف إرثنا يكشف عن تقرير الحقوق البيئية والتنموية

مجدي الورفلي
صحفي

قدم ائتلاف “إرثنا” لأول مرة في تونس، تقرير أصحاب المصلحة حول الحقوق البيئية والتنموية بتونس، والذي تضمّن توصيفا للوضع البيئي بالاعتماد على مؤشرات علمية وتصنيف تونس العالمي والإفريقي والعربي في مجال التلوث البيئي، كما تضمّن التقرير حزمة من التوصيات الموجهة للسلطات في تونس لدعم الحقوق البيئية والتنموية على عديد المستويات.

كشف ائتلاف “إرثنا” عن تقرير أصحاب المصلحة، من منظمات المجتمع المدني، حول الحقوق البيئية والتنموية بتونس، والذي صنّف تونس في المرتبة الثالثة إفريقيا والمرتبة 96 عالميا في التلوث البيئي وفقا لـ”مؤشر الآداء البيئي” الذي تضمّنه التقرير الذي تم إرساله إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجينيف استعدادا للاستعراض الدوري الشامل للدولة التونسية أمامه في نوفمبر 2022.

وحسب ما ورد في التقرير المتعلق بالحقوق البيئية والتنموية، فقد تراجعت تونس بـ25 مرتبة مقارنة بسنة 2020، حيث كانت تحتل المرتبة 71 دوليا لتتراجع اليوم إلى المرتبة 96 من بين 180 دولة شملها التصنيف، كما احتلت تونس في تصنيف 2022 المركز الخامس عربيا، بالإضافة إلى أنها تعاني من ندرة المياه محتلة بذلك مراتب متقدمة عربيا من حيث الشُّح المائي.

وأكد ائتلاف “إرثنا” من خلال تقريره الذي قيّم من خلاله مستوى التمتّع بالحقوق البيئية والتنموية في تونس، أن تونس تواجه مشاكل بيئية كثيرة يمرّ حلّها عبر عديد من المجالات التي شملتها توصيات ائتلاف “إرثنا” للحكومة والسلطات في تونس، وهي تتعلّق أساسا بالمجالات القانونية والتربوية والإعلامية لحلّ الإشكاليات البيئيّة ودعم التزامات الدولة في مجال حماية البيئة والمحيط.

وبين التقرير، الذي عرضه أعضاء “ائتلاف إرثنا” في ندوة صحفية انتظمت بالعاصمة، أن البيئة التونسية لا تزال تتعرض الى الأضرار بمصادر مختلفة للتلوث منها المواد الصلبة والسائلة والغازية علاوة على مخاطر الطرق المنتهجة، حاليا، للتصرف في النفايات عن طريق طمرها في الأرض.

وأوضح التقرير أن الدولة التونسية التزمت بخفض إنبعاثاتها من ثاني اوكسيد الكربون بنسبة 45 بالمائة بحلول سنة 2030 وزيادة حصتها من مصادر الطاقات المتجددة إلى 30 بالمائة لنفس الفترة إلا أن ” هذا الهدف يظل بعيد المنال”، وفق ما ورد في التقرير المتعلق بالحقوق البيئية والتنموية في تونس المُنجز من طرف ائتلاف “إرثنا” الذي يعمل على تنظيم حملات التوعية والرصد والتنبيه بشأن القضايا الأساسية المرتبطة بتغيّر المناخ وحماية التنوع البيولوجي ورصد كل الانتهاكات المهددة للبيئة والتراث.

كما ذكّر أنّ من نتائج تغيّر المناخ ارتفاع الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وتآكل السواحل وندرة الموارد المائية والجفاف وانعدام الأمن الغذائي المتمثل نتاج الحبوب في سنة 2020 بمقدار الثلث مقارنة بسنة 2019 وضعف المحاصيل البحرية وتراجع الإنتاج الفلاحي عموما والتهديد بفقدان قرابة 37 ألف موطن شغل في القطاع الزراعي.

المرتبة 55 في مؤشر الأمن الغذائي

من جهة أخرى أشار تقرير الحقوق البيئية والتنموية إلى أن مؤشر الأمن الغذائي آخذ في التحسن حيث تحتل تونس المرتبة 55 بين 113 دولة مرتبة في هذا المؤشر ورغم ذلك فإن حوالي 1 مليون تونسي (وهو ما يُقارب الـ9 بالمائة من السكان) يعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

وتطرّق التقرير كذلك إلى ما ينصّ عليه الدستور التونسي لسنة 2014 من التزام الدولة بالعمل من أجل سلامة المناخ ومكافحة التلوث البيئي وبالعديد من الحقوق المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة ” غير أن هذا الحق يخضع للعديد من الانتهاكات والتجاوزات”، وفق ما ورد في التقرير الذي اعتبر أن القوانين لم تتم مواءمتها مع ما ورد في الدستور من تأكيد على الحقوق المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة والاتفاقيات الموقع عليها، وفق المصدر ذاته.

وفي نفس الإتجاه، أشار تقرير الحقوق البيئية والتنموية إلى أن الدستور يقر بالحق في النفاذ إلى المعلومة، لكن بقيت المعلومات والمعطيات في مجال البيئة محدودة وغير متوفرة على المستوى الجهوي بالشكل المطلوب، فمثلا قيّم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في إطار مشروع العدالة البيئية الذي انطلق في مارس 2018، تطبيق القانون في مجال النفاذ إلى المعلومة ونشر خلاصة مفادها أنه لم يتم تطبيق أحكام قانونية هامة في معظم الإدارات الجهوية مما أدى إلى نقص في النفاذ إلى المعلومة والاطلاع عليها.

ورحّب التقرير بمصادقة الدولة التونسية على بعض الاتفاقيات الدولية وشجب عدم المصادقة على اخرى منها “بالغة الأهمية” موصيا بالمصادقة على اتفاقيات مثل بروتوكول الادارة المتكاملة للمناطق الساحلية لسنة 2008 واتفاقية “آرهوس” بشأن الوصول الى المعلومات والمشاركة العامة في عملية صنع القرار وإمكانية اللجوء الى القضاء في الشؤون البيئية لسنة 1998 واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 129 بشأن تفتيش العمل لسنة 1969.

وذكر التقرير بأن تونس تلقت توصية من منظمة الأمم المتحدة في سنة 2017 للمصادقة على اتفاقيات ذات صلة بحماية البيئة، كما سلط التقرير الضوء على مشاكل المياه في تونس التي قال إنها شهدت “تضخما ملحوظا منذ سنة 2017” ومن أهمها استنزاف المياه الجوفية بسبب الضخ المفرط مشيرا الى أن التوقعات تقدر الخسارة بحوالي 75 بالمائة من حجم المياه الجوفية الساحلية “إضافة الى ذلك تتعرض المياه  الى التلوث وتدهور جودتها وتواجه المياه العذبة في المياه الجوفية الساحلية خطر التلوث الملحي.

أهمّ التوصيات

إئتلاف “إرثنا” ضمّن التقرير المتعلق بالحقوق البيئية والتنموية عديد التوصيات، أهمها تلك المتعلقة بالمواءمة بين المبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية والقوانين وتعزيز ودعم الإطار القانوني والمؤسسي لحماية البيئة وخاصة في ما يتعلق بالتنوع البيولوجي وتغير المناخ واعتماد قانون بيئي يكرس الحماية المعززة وإنشاء دوائر متخصصة في القانون البيئي.

كما دعا الى صياغة قانون حول المناخ وإدماج مكافحة تغير المناخ في التشريعات الوطنية وتحسين نظام رصد الانتهاكات البيئية واعتماد خطط للحفاظ على جودة الهواء في المناطق الأكثر تعرضا لتلوث الهواء واعتماد مقاربة قائمة على النوع الاجتماعي في مختلف التشريعات المتعلقة بحق الإنسان في البيئة السليمة.

وأوصى تقرير الحقوق البيئية والتنموية كذلك بإطلاق مسار لنقل المهارات في مجال إدارة الموارد الطبيعية الى الحكم المحلي من خلال دعم القدرات والوقاية من المخاطر وإدارتها والاقتصاد الأخضر والدائري وريادة الأعمال النسائي.

ونادى بتعميم الحق في النفاذ الى المعلومة البيئية للتحسيس ومكافحة التدهور البيئي وتكوين العناصر المعنية بالاستجابة لهذا الحق داخل الإدارات وضمان الشفافية في اعتماد المشاريع المناخية وتمكين المجتمعات المحلية في ممارسة حقها في الإعلام والمشاركة وحماية المدافعين عن البيئة والديمقراطية.

وطالب، أيضا، بتشجيع الاستثمار في البحث العلمي حول الحفاظ على البيئة وتحسين مناهج التعليم والتواصل البيئي وضمان تنسيق ورصد وتقييم برامج التربية البيئية في المناهج الدراسية وتنظيم حملات في المدارس وبين الشباب للتربية على المواطنة البيئية.

Skip to content