مقالات

حرية التعبير في تونس .. بين التشريعات الموجودة و التطبيق المنشود.

وفاء الطرابلسي
صحفية

“الحرية لها شعب يحميها والثورة لها شعب يحميها، والدولة لها مؤسسات تحميها، و أن الحديث عن الحريات المهددة في تونس هو كذب وافتراء “. هذا ماصرح به  رئيس الجمهورية  قيس سعيد في خطاب له بتاريخ 2 ماي 2023 بمناسبة زيارته لمكتبة بتونس العاصمة. فالحديث عن حرية التعبير أصبح يتكرر بشكل لافت في هذه السنوات الأخيرة، حيث أنها من أهم المكتسبات التي حصلتها تونس بعد ثورة جانفي 2011 ، فقد أصبح المواطن البسيط يبدي رأيه في الأماكن العمومية دون خوف أو تحفظ أو ملاحقة أمنية.

أصبحت المؤسسات الإعلامية تخضع لحرية الرأي والفكر والتعبير لا للسلطة الحاكمة والمراقبة الذاتية أو المسبقة للمضامين الإعلامية، علاوة على تنوع و اختلاف في البرامج التلفزية والإذاعية ما جعل البيئة الإعلامية التونسية بيئة ديمقراطية ومجالا لتبادل الآراء  ومساءلة مختلف مؤسسات الدولة . كما حرص المشرع التونسي ولو بصفة استثنائية  على وجود إطار قانوني (مراسيم) ينظم مجال الصحافة، حيث جاء المرسومين 115 و 116 لسنة 2011 كضمانة تشريعية لحرية الصحافة في فترة إستثنائية.

حرية تعبير مقابل اعتداءات .. أي التقاء ؟

تعد حرية التعبير من الضمانات الأساسية عند ممارسة مهنة الصحافة، حيث تشمل الآراء وتلقي ونشر المعلومات والأفكار دون تدخل السلطات. في المقابل نجد على أرض الواقع ما يخالف هذا تماما حيث سجلت وحدة الرصد صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين  في التقرير السنوي الأخير 232   اعتداء موزعة على  كامل تراب الجمهورية طيلة الفترة الممتدة بين أكتوبر 2021 و نوفمبر2022. وبالتالي أصبحت الاعتداءات كسبب ونتيجة لتراجع حرية التعبير. حسب ما أفادت به عضو رئيسة فرع نقابة الصحفيين بإذاعة شمس اف ا م خولة السليتي.

تقول خولة شبح رئيسة وحدة رصد الإعتداءات صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين هناك تراجع كبير في تونس في ممارسة العمل الصحفي وحرية التعبير في المقابل تشهد تونس أرقاما مرتفعة في الإعتداءات على الصحفيين.

تعليقا على الإعتداءات التي تعرضت إليها، تقول خولة السليتي صحفية بإذاعة شمس و القاطنة بولاية بن عروس أن ” الإعتداءات على الصحفيين تأخذ أشكالا متعددة وهو ما عايشته مع زملائي أو معي شخصيا، فقد تم الاعتداء علي في العلن ومن طرف سلطات جهوية وتحديدا والي بن عروس، حيث تعسف على حرية العمل الصحفي وذلك من خلال مسي بعبارات تقلل من وطنيتي ومن حبي لبلدي،  وذلك لمجرد أني سألته سؤال في إطار مهنتي كصحفية، فالمفروض من السلطات الجهوية أن تحمي حرية الإعلام المنصوص عليها في الدستور وفي خطابات الدولة.”

وتضيف السليتي  “إننا تخلصنا من زمن من كانوا يفرقون صكوك الإسلام إلى أن وجدنا أنفسنا في زمن من يفرقون صكوك الوطنية.”

خولة السليتي
خولة السليتي

وقد قدمت خولة شكوى ضد والي بن عروس ولكن أعربت عن استغرابها في عدم تجاوب السلطات القضائية مع شكوتها بل ذهبت نحو التعبير بأنه قد تم التعسف على حقها في التتبع القضائي حسب ما صرحت به .

حرية تعبير.. أرقام تتغير ونسب تتراجع

كشفت منظمة “مراسلون بلا حدود”( منظمة غير حكومية مقرها باريس، وتدعوا بالأساس إلى دعم حرية الصحافة منذ سنة 1985)  في تقريرها السنوي بخصوص حرية الصحافة عن أن ترتيب تونس تراجع  بين الدول على مستوى العالم .حيث ذكر التقرير أن تونس احتلت المرتبة 121 من بين 180 دولة، بعد أن كانت تحتل المرتبة 94، في حين كانت في المرتبة 73 عام 2021. وقد أكدت المنظمة في هذا التقرير أن بلدان شمال افريقيا أصبحت تعاني موجة من “الإنحراف السلطوي” . وتعتمد هذه المنظمة بعض المؤشرات لإصدار التقارير كالسياق السياسي، الاقتصادي، الإطار القانوني …الخ

يرى الأستاذ في القانون أيمن الزغدودي أن ” حرية التعبير تواصل تدهورها منذ سنوات عديدة  بالرغم من وجود نص قانوني تقدمي يحتوي على عدة ضمانات تخول ممارسة حرية التعبير ومعاقبة الأشخاص الذين يتجاوزون الضوابط القانونية .”

ويضيف الزغدودي أن ” هذا التدهور يتجلي من خلال مواصلة السلطات الأمنية والمحاكم تتبع الأفراد وسجنهم إما لنشرهم مضامين محمية بالحق في حرية التعبير مثل انتقاد كبار المسؤولين أو بسبب نشرهم لمضامين تحتوي ثلبا أو أخبار زائفة، إلا أن الإخلال في الحالة الثانية يتمثل في رفض تطبيق المرسوم 115 واللجوء إلى نصوص قانونية غير دستورية مثل مجلة الإتصالات أو المجلة الجزائية.

Skip to content