حوارات

سنواصل النضال من أجل تعديل المقدرة الشرائية والترفيع في الأجر الأدنى والمحافظة على المؤسسات العمومية

محمد الشابي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالوظيفة العمومية للـجريدة المدنية :

مفيدة التواتي
صحفية

حقق الإضراب الذى نفذه الشغالون يوم 16 جوان 2022 بالقطاع العام، والذي شمل 159 مؤسسة، نجاحا على مستوى الالتزام به وعلى مستوى إبلاغ الاتحاد العام التونسي للشغل رسالة إلى الحكومة مفادها تمسكه بالاتفاقيات السابقة واستنكار سياستها غير الجادة تجاه المنظمة الشغيلة ورفض توجهاتها التي سطرتها في علاقة بصندوق النقد الدولي والتي  ستضر بالعمال وبالطبقة الكادحة والهشة في تونس. المنظمة الشغيلة لوحت بتنفيذ خطوات أخرى للضغط على السلطة من بينها إمكانية شن إضراب في الوظيفة العمومية، وكان لنا لقاء مع السيد محمد الشابي، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالوظيفة العمومية للحديث عن هذه الخطوات. 

كيف تقيمون الإضراب في القطاع العام؟ 

لا بد من التذكير أن الاتحاد العام التونسي للشغل كان قد دعا إلى الإضراب في القطاع العام منذ يوم 18 مارس المنقضي وفي الوظيفة العمومية منذ 29 مارس، وكنا نأمل أن يحقق التفاوض ضمن الية 5 + 5 النجاح المطلوب إلا أن الطرف الحكومي لم يكن جادا وكانت الجلسات معه صورية وغير ذات جدوى.  لذلك كان لا بد من تنفيذ الاضراب.

 فقد تقدّمت الحكومة في جلسة التفاوض التي انعقدت قبل تنفيذ الإضراب بإجابات لا توحي برغبة حقيقية في تجاوز الإضراب وإيجاد الحلول للخروج بنتائج إيجابية في المفاوضة الجماعيّة تجنّب البلاد في هذا الظرف الدقيق المزيد من التوتّر وتؤمّن الاستقرار الاجتماعي. وقد خيرنا عدم تنفيذ اضراب في الوظيفة العمومية بالتزامن مع إضراب القطاع العام مراعاة لفترة إجراء الامتحانات، وفي العموم كان الإضراب ناجحا على جميع المستويات سواء  على مستوى المؤسسات أو التجمع العمالي الذي تم أمام مقر الاتحاد  بالعاصمة. 

هل وصلت الرسالة إلى السلطة وإلى صندوق النقد الدولي؟

الاضراب هو وسيلة من وسائل التفاوض، والأكيد أنه سيتم في الغد القريب فتح باب التفاوض وأعتقد أن الرسالة يجب أن تصل إلى كل الأطراف فأغلب فئات الشعب قلقة من الوضع الذى تعيشه البلاد وانسداد الأفق وعدم وضوح الرؤية بخصوص تأمين الأجور والحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن. من حقنا أن ننشغل وأن نعبر عن رأينا ونوضحه للشعب التونسي.

الإضراب هو فرصة للأُجَراء لتأكيد وحدتهم وتشبّثهم بحقوقهم ومناسبة ليعبّروا عن غضبهم إزاء تردّي أوضاعهم وتدنّي أجورهم وتهديد مواطن رزقهم وإبلاغ صوتهم إلى الرأي العام وإلى من تجاهلوا حقوقهم المشروعة واستهانوا بقوّتهم وجحدوا جهودهم وعرقهم وعملهم. 

الحكومة التي تقودها نجلاء بودن، قدمت حزمة إصلاحات اقتصادية إلى صندوق النقد الدولي، تنّص على تجميد رواتب القطاع العام، ورفع تدريجي للدعم عن المواد الأساسية وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة بما يعنى خوصصتها، من أجل الحصول على تمويل جديد بقيمة 4 مليارات دولار وإنعاش الخزينة العامة، لكنها تحتاج إلى دعم ومساندة اتحاد الشغل.

ويطالب الصندوق أن يحظي برنامج الحكومة بموافقة الاتحاد الذي لا يمكن أن يقبل بتهرئة جيب المواطن وتدمير السلم الاجتماعي، وهو لا يطلب الزيادة في الأجور بل تعديل المقدرة الشرائية للعمال، فلا يمكن رفع الدعم بأجور ضعيفة وفي ظل ارتفاع الأسعار بشكل يبعث عن القلق.  

ولا بد أن نقول أن تنكر الحكومة لحقوق الشغّالين وتصميمها على تحميلهم تبعات خياراتها بما تخطّط له من إجراءات لنسف المكتسبات والتراجع عن الاتفاقيات يمثل عدم اعتراف بما تم التوصل إليه من اتفاقيات وتهديد مباشر لنسف تلك الاتفاقيات وتشويه للتحركات النقابية عبر توظيفها سياسيا بتعلة هشاشة الوضع الاقتصادي الحالي وبأن  الحكومة لا يمكنها الاستجابة لمطالب العمال رغم أن وزارة المالية أفادت منذ أيام أنها حققت فائضا في الميزانية. 

هل تخططون لشن إضراب في الوظيفة العمومية ولخطوات أخرى في الفترة القادمة؟

سنواصل النضال من أجل تعديل المقدرة الشرائية  والترفيع في الأجر الأدنى والمحافظة على المؤسسات العمومية، وهي من المطالب التى مازال الاتحاد مصرا على تنفيذها ويدعو الحكومة الى الاستجابة للدعوات النقابية وتمكين العمال من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.

مازلنا نفكر في إمكانية شن إضراب عام في الوظيفة العمومية وتنفيذ خطوات أخرى، وسيتم تدارس ذلك خلال الهيئة الإدارية القادمة التي من المنتظر أن تنعقد يوم 26 أو 27 جوان الجارى.

وتشترك الوظيفة العمومية مع القطاع العام في عدة مطالب، والتى تتعلق بالخصوص بسحب المنشور عدد 20 المعطل لسنة التفاوض ورفض عدد من نقاط برنامج الاصلاحات الذى أعدته الحكومة وقدمته لصندوق النقد الدولي والترفيع في الأجر الأدني والحفا ظ على القدرة الشرائية بالإضافة إلى اتفاقيات تم امضاؤها يوم 6 فيفرى 2021 وتخص عدة قطاعات في الوظيفة العمومية. 

ماذا تأملون من الخطوات النضالية القادمة؟  

نحن ندعو الحكومة مجددا الى أن تعي بالوضع الذي تعيشه البلاد، وبحالة الغليان، فلا يوجد أي طرف مستفيد من هذا الوضع سواء المنظمة الشغيلة أو السلطة، لذلك من واجبنا أن ننبه الى ذلك ونطالب الحكومة بفتح مفاوضات جدية والجلوس الى طاولة الحوار لدرء الاحتقان.

المسألة لا تتعلق بالمكاسب المادية كما زعم الناطق الرسمي باسم الحكومة، فالتفاوض والحوار هو السبيل الأمثل لطمأنة العمال أن حقوقهم محفوظة وأن الاتفاقيات السابقة لن يتم التغاضي عنها وشطبها نهائيا. 

فلا بد من التأكيد أن الاتفاقيات القديمة والتى تم التوصل إليها وتوقيعها مع الأطراف الحكومية السابقة تمت بعد مسار مضن وجلسات طويلة وتنازلات من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لن يتخلى عنها وسيدفع نحو تطبيقها في آجال معقولة. 

فهذه الاتفاقيات من شأنها أن تحقق السلم الاجتماعي وتحمي الشغالين في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والمقدرة الشرائية بارتفاع الأسعار وزيادة التضخم. فالمسائل الاجتماعية والاقتصادية هى جزء هام من المشاغل التى يجب أن يشتغل عليها رئيس الجمهورية  قيس سعيد بالتزامن مع اهتمامه بالوضع السياسي. ننتظر تفاعلا ايجابيا من الرئاسة. 

انصار رئيس الجمهورية يتهمون الاتحاد بالتقاطع مع  المعارضة ويرون أن الوضع الحالي لا يسمح بصرف مستحقات مادية للأجراء فماهو ردكم؟

موقف الاتحاد من 25 جويلية واضحا وسبق أن عبر عنه في عدة مناسبات، فلا مجال للعودة الى ما قبل ذلك التاريخ وسنقاوم كل من من يعمل مع السفارات الأجنبية. لن نصطف في شق منظومة 24 جويلية.

مصلحة تونس تقتضي أن نقضى على الاحتقان وعلى قيس سعيد أن يتدخل لتمكين الشغالين والطبقة الهشة من حقوقهم الاقتصادية  والاجتماعية، نحن نتفهم أوضاع البلاد ولكن على الحكومة ان تتفهم أيضا ظروف العمال.

Photo Karim SAADI

 هذا دين التزمت به الحكومات وعليهم مراعاة أن الظرف لا يتحمل تأجيل مطالب الطبقة الشغيلة  اذا رأت ان الحكومة تعترف بهذا الدين وبحقها في تحسين وضعه الاجتماعي فانها ستكون صبورة وتتفهم  ولكن الحكومة للأسف، والى حد اللحظة، استخفت بالمطالب الاجتماعية ولم تبعث بأي رسائل ايجابية رغم أن الاتحاد منها مهلة طويلة. 

وكل من يتحدث على ان الإضراب سياسي فالاجابة واضحة ولا ننكرها فالاتحاد لن يتخلى عن دوره الوطني في الدفاع عن هذا البلد .الاتحاد منظمة وطنية تعنى بالشأن الوطني وطبيعي جدا ان تتدخل في ما يتعلق بالتوجهات التي لها علاقة بصندوق النقد الدولى وأن تلعب دورا قياديا ومتقدما لدرء المخاطر التي تحدق بالبلاد.

كل الأزمات التى مر بها الاتحاد مردها  التدخل في الشأن الوطني خاصة اذا كان الوضع يتسم بعدم الاستقرار وضبابية الرؤية وكثرة التطاحن السياسي، فلا يوجد شأن وطني يهم السياسيين فقط بل هو يهم جميع فئات المجتمع بما فيهم الشغالين، وأهدافنا العليا تتمثل في الدعوة الصريحة للجلوس إلى طاولة الحوار وبوصلتنا هو المصلحة العليا للوطن ولا نرفع الا  راية تونس ولا نلتزم إلا بمبادئ الاتحاد الضاربة في التاريخ وأجندات الأحزاب السياسية شأن لا نتدخل فيه ولا نتبناه. 

 اتحاد الشغل متمسك  بالحوار كسبيل وحيد للخروج من الازمة، ويرفض اي اصطفاف او عودة لما قبل 25 جويلية وسيتصدى لدعاة الفوضى و الاستقواء بالدول الاجنبية، فهو يدعو إلى مشروع وطني جامع. 

 فالمطروح اليوم هو كيفية تحويل 25 جويلية إلى نقطة قوّة وبناء على قاعدة التشاركية والمبادئ والثوابت الوطنية وليس على أساس حسابات ضيّقة أو إحتكار للقرار، وخاصة على ضوء ما تعرفه البلاد من أوضاع إقتصادية وإجتماعية صعبة. 

Skip to content