“المدرّس يلامس الأبديّة، فهو لن يعرف أبدا أين ينتهي تأثيره” (هنري أدامس)
يقف كلّ صباح عشرات الآلاف منهم في قاعات غالبا ما تكون ضيّقة وصاخبة وأحيانا متداعية. يجلس أمامهم ثلاثون وأحيانا أكثر، وجوه أطفال ومراهقين ومواطني المستقبل. يرسمون بالطّباشير أو بالأقلام أو بلوحات المفاتيح أكثر بكثير من مجرّد حروف. إنّهم يرسمون المستقبل.
ومع ذلك غالبا ما يُنسى هؤلاء المدرّسون ويُهملون بل ويُحتقرون أحيانا. من هم حقّا؟ وما الّذي يمرّون به؟ في ما يفكّرون، ولماذا يستمرّون في عملهم رغم كلّ شيء؟
ولد هذا المقال من رغبة بسيطة ولكنّها ملحّة: إعادة إعطاء المدرّسين صوتا. فغالبا ما تختزل مهنتهم في الارقام والإضرابات والنّتائج المدرسيّة. لكن وراء الإحصائيّات والشّعارات تكمن قصص إنسانيّة: نضالات صامتة ومبادرات يوميّة للتّغيير والمقاومة والحسّ الإنساني أيضا.
في تونس، لطالما لعب المدرّسون دورا محوريّا في بناء الوطن. لقد كانوا ركائز الجمهوريّة الحديثة بعد الاستقلال ورمزا للاحترام والمعرفة والاستقرار. لكن، على مرّ العقود تآكلت هذه الصّورة. وتعثّر النّظام التّعليمي. وأصبح المدرّسون، الّذين كانوا القوّة الدّافعة، ضحايا إصلاحات عرجاء وظروف عمل متدهورة ومكانة اجتماعيّة متدنّية.
لكن اختزال المدرّس التّونسي في رمز لأزمة النّظام التّربوي سيكون ظلما. فهناك أيضا بؤر أمل في جميع أنحاء البلاد. فرغم العقبات، هناك نساء ورجال يبتكرون ويلهمون الاخرين ولا تهدأ لهم حركة.
يهدف هذا المقال إلى تكريمهم وإلى سرد حياتهم اليوميّة بكلّ تعقيداتها: بين المهنة وخيبة الأمل، بين التّعب والإصرار. هذا ليس مقالا نظريّا، ولئن استند إلى حقائق وأرقام وسياقات. إنّه مقال أصوات: أصوات مدرّسي المدارس الابتدائيّة والإعداديّة والمعاهد الثّانويّة، من المدن والأرياف، من شباب في بداية مسيرتهم المهنيّة ومن كبار السّنّ على وشك التّقاعد.
ما قيمة مجتمع لم يعد يحترم مدرّسيه؟ هل يمكن أن نحلم بتونس أفضل دون الاستماع إلى من يعلّمون أطفالها؟ لا أملك إجابة، ولكن هذا المقال محاولة للفهم وربّما للإصلاح.
المحورالأوّل: فهم مهنة المدرّس في تونس، بين المهمّة التّربويّة وأزمة المنظومة.
تحتلّ مهنة التّعليم، في جميع المجتمعات، مكانة استراتيجيّة في تقاطع أبعاد متعدّدة تربويّة واجتماعيّة واقتصاديّة وسياسيّة. وفي تونس لطالما اعتبرت هذه المهنة أحد ركائز الجمهوريّة الحديثة لاسيّما بعد الاستقلال حين أكّدت الدّولة على أنّ التعليم رافعة للتّنمية والتّحرّر الوطني. وهكذا لعب المدرّس دورا محوريّا معلّما وقدوة وعاملا للتّقدّم في آن واحد.
واليوم تطوّرت هذه الصّورة بشكل كبير. فبينما لا يزال التّعليم محور الخطاب السّياسي والاجتماعي، شهد واقع مهنة التّدريس تحوّلات عديدة كانت غالبا بنمط إشكالي.
І– شخصيّة متحوّلة:
- الإرث التّاريخي، من المعرفة التّقليديّة إلى مدرسة الجمهوريّة:
لا يمكن فهم مهنة التّدريس في تونس دون منظور تاريخي. فحتّى قبل الاستقلال كانت شخصيّة المدرّس موجودة بالفعل في المجال الاجتماعي لاسيّما من خلال الشّيخ أو مؤدّب الكتّاب، حامل المعرفة الدّينيّة وضامن الأعراف الاجتماعيّة. في هذه البيئات ارتبط التّدريس ارتباطا وثيقا بنقل القيم الأخلاقيّة والدّينيّة والمجتمعيّة[1].
ومع وصول الحماية الفرنسيّة (1881-1956) تأسّس نظام مدرسي مواز[2]. لقد أدخلت المدرسة الاستعماريّة شكلا من أشكال الثّنائيّة: تعليم حديث وعلماني باللّغة الفرنسيّة موجّه للنّخبة المحلّيّة من جهة وتعليم تقليدي معرّب وغالبا ما يكون مهمّشا من جهة أخرى. لقد أثّر هذا التّباين تأثيرا عميقا على الأجيال الموالية وشكّل هويّة مهنيّة معقّدة للمدرّسين التّونسيين.
- العصر الذّهبي للمعرفة في تونس: مدرّس ما بعد الاستقلال.
على إثر استقلال تونس سنة 1956، وضعت الدّولة التّونسيّة الفتيّة التّعليم في صميم مشروعها الوطني. وكان الهدف مزدوجا: تحديث المجتمع وبناء هويّة وطنيّة متماسكة. وفي هذا الإطار أصبح المدرّسون فاعلين أساسيّين في التّنمية، إذ تولّوا مسؤوليّة نشر المعرفة وتكوين شباب وطني منضبط ومركّز على الحداثة.
خلال الفترة من ستّينات القرن الماضي إلى غاية ثمانيناته، كان المدرّس يعتبر دافعا للتّقدّم الاجتماعي. لقد تمتّع بمكانة أخلاقيّة وفكريّة غالبا ما كانت تتفوّق على العديد من المهن الأخرى. استقطبت هذه المهنة أفضل الخرّيجين وكان الوصول إليها يعتبر إنجازا هامّا. و تتجلّى رمزيّة المدرّس الوطني باني تونس الحديثة في الخطاب الرّسمي وفي المخيّلة الجماعيّة.
- أزمة الهيبة وتحوّل المكانة:
منذ تسعينات القرن الماضي، ساهمت عدّة عوامل في التّدهور التّدريجي لصورة المدرّسين ومكانتهم. وقد أثّر انتشار التّعليم وتراجع الإنفاق العامّ وعدم استقرار السّياسات التّعليميّة وارتفاع معدّلات البطالة بين الخرّيجين تأثيرا مباشرا على المهنة.
يندّد العديد من المدرّسين بتزايد انعدام الأمن الوظيفي وصعوبة ظروف العمل (اكتظاظ الأقسام ونقص الوسائل والمعينات البيداغوجيّة والتّنقّل اليومي ) وغياب التّقدير الاجتماعي. فالمهنة، الّتي كانت في السّابق مرادفة للاحترام والأمان، فقدت مركزيّتها وأصبحت تعتبر بشكل متزايد دورا ثانويّا يتّسم بالإرهاق وفقدان الحافز وأحيانا بالإهانة الرّمزيّة. وبالتّوازي تغيّرت العلاقة مع التّلاميذ. لقد أصبحت سلطة المدرّس الطّبيعيّة، في سياق تغيّرت فيه الأعراف الأسريّة والاجتماعيّة، موضع تساؤل. وقد أدّت الفردانيّة المتزايدة والصّعوبات الاقتصاديّة وتغيّر المواقف إلى توتّرات جديدة في الأقسام الدّراسيّة.
(رسم عدد 1) [3]
- نحو شخصيّة تدريسيّة جديدة؟
رغم هذه التّغييرات، لا تزال مهنة التّدريس تمثّل بالنّسبة للكثيرين، رسالة تقتضي التّضحية. فهي لا تزال تجذب أشخاصا مدفوعين بشعورهم بالواجب، أو شغفهم بالتّدريس، أو في رغبتهم في إحداث تغيير اجتماعي. كما ظهر جيل جديد من المدرّسين أكثر التزاما بالتّجديد البيداغوجي، واستخدام التّكنولوجيّات في التّعلّم والدّفاع عن حقوقهم المهنيّة.
لكن، ولكي يبرز هذا الدّور الجديد بشكل مستدام، لا بدّ من إعادة النّظر جذريّا في دور المدرّس في المجتمع التّونسي المعاصر. ولا شكّ في أنّ هذا يتطلّب التّأمّل في مكانته، وتكوينه، وحجم عمله، وكذلك في الصّورة الّتي يتمّ تداولها ونقلها في المجال العامّ[4].
لطالما اعتبر المدرّس التّونسي ركنا من أركان الدّولة وعاملا من عوامل التّغيير الاجتماعي. واليوم تعجّ هذه الشّخصيّة بالتّوتّرات بين الإرث والأزمة والتّجديد.
ІІ– اختيار المهنة: بين المثاليّة والتّسوية.
- جاذبيّة مهنة التّدريس: أسطورة أم حقيقة معاصرة.
غالبا ما ينظر إلى التّدريس، في المخيّلة الجماعيّة، على أنّه رسالة ودعوة عميقة لنقل المعرفة وإيقاظ الضّمائر وتوجيه الأجيال. هذه النّظرة المتجذّرة في الثّقافة التّربويّة التّونسيّة في سنوات ما بعد الاستقلال لا تزال قائمة عند العديد من المدرّسين إلى غاية اليوم.
يصف العديد منهم خلال المقابلات، تعلّقهم العميق باللّغة أو بالأدب أو بالرّياضيّات أو بالعلوم الإنسانيّة كنقطة انطلاق لالتزامهم. ويتشارك العديد منهم ذكرى لا تنسى: معلّم ملهم، أو قراءة مؤثّرة أو أوّل تجربة تدريس بالقسم، أكّدت رغبتهم في أن يصبحوا مدرّسين. ومع ذلك فإنّ الميل إلى مهنة التّدريس المنفصل عن أيّ قيود اقتصاديّة أو اجتماعيّة لا يزال يمثّل أقلّية اليوم.
(رسم عدد 2)[5]
- التّدريس دون الميل إليه: ثقل الواقع الاقتصادي.
منذ مطلع الألفيّة الثّانية، اتّجهت نسبة متزايدة من الخرّيجين التّونسيّين الشّباب إلى التّدريس بدافع الضّرورة لا الشّغف. كما يدفع ارتفاع معدّل البطالة بين خرّيجي التّعليم العالي الكثيرين منهم إلى قبول وظائف في قطاع التّعليم، وإن لم يكن خيارهم الأوّل.
ІІІ– الهويّة المهنيّة للمدرّس التّونسي: بين الالتزام والتّآكل.
- تعريف الهويّة المهنيّة: إطار نظريّ.
تتعدّد التّعريفات للهويّة المهنيّة[6]، ولكن يمكن القول هي مجموعة التّصوّرات الّتي يكوّنها الفرد عن نفسه في سياق عمله. وهي فرديّة وجماعيّة، تتشكّل من خلال التّفاعلات والمعايير المؤسّساتيّة والتّجارب المعيشيّة والتّصوّرات الاجتماعيّة المهنيّة. وفي السّياق التّونسي تتّسم هذه الهويّة بعدم الاستقرار بشكل خاصّ إذ تقع عند تقاطع ثلاث توتّرات رئيسيّة: بين المهنة التّعليميّة وقيود الرّواتب، وبين الرّسالة المدنيّة والمهامّ البيروقراطيّة، وبين التّقدير الرّمزي السّابق والاستياء الحالي.
- مهنة لا تزال ذات معنى:
على الرّغم من التّحدّيات العديدة الّتي عولجت في العناصر السّابقة فإنّ نسبة هامّة من المدرّسين يقرّون بوجود معنى لهم. وغالبا ما يرتبط هذا المعنى بالعلاقة التّربويّة والتّأثير الملموس على التّلاميذ، وعلى قناعاتهم بأنّهم يشاركون في مهمّة اجتماعيّة أساسيّة (شعور المدرّس بالسّعادة عندما تكون نتائج التّلاميذ جيّدة). لذلك يرى البعض أنّ التّدريس فعل مقاومة، إذ يصبح نقل المعرفة في مجتمع يسوده انعدام المساواة وعدم الاستقرار والتّظليل، التزاما. وينظر إلى القسم كمساحة يمكن تغيير شيء ما فيها، على نطاق محدود.
- هويّة مهنيّة أضعفتها ظروف الممارسة.
ومع ذلك يواجه بناء الهويّة هذا تحدّيا كبيرا بسبب ظروف العمل المتدهورة. فقد يُبلغ المدرّسون عن ساعات إضافيّة ومهامّ عن بعد ونقص في موارد التّدريس وشعور بالعزلة المؤسّساتيّة.
كما يتزايد الدّور البيروقراطي للمهنة، على حساب الفعل التّعليمي: التّقييمات الموحّدة، والتّقارير، والاجتماعات الإداريّة والمهامّ المتكرّرة وما إلى ذلك. هذا يؤدّي إلى شكل من أشكال الانفصال التّدريجي أو أحيانا إلى حدّ فقدان الشّعور بالفائدة.
علاوة على ذلك تدهورت الصّورة الاجتماعيّة للمدرّس بشكل ملحوظ. فبعد أن كان رمزا للرّفعة والاحترام، أصبح ينظر له الآن على أنّه مجرّد موظّف حكومي، أو مجرّد طرف سلبي في مدرسة تمرّ بأزمة. هذا النّقص في التّقدير الاجتماعي يضعف بناء الهويّة، لا سيّما بين المدرّسين الشّباب.
(رسم عدد 3)[7]
(رسم عدد 4)[8]
(رسم عدد 5)[9]
- تطوّر العلاقة مع التّلاميذ: بين السّلطة والقرب.
تعدّ العلاقة مع التّلاميذ أحد العناصر الأساسيّة لهويّة المدرّس. وقد شهدت تغيّرا جذريّا في العقود الأخيرة، مع تحوّل الأعراف الاجتماعيّة وسلطة الوالدين وسهولة الوصول إلى المعلومات.
لم يعد بإمكان المدرّسين اليوم الاكتفاء بوصف أنفسهم حاملي معرفة واضحة بل عليهم أيضا التّعامل مع تنوّع الشّخصيّات والتّساؤلات المستمرّة بل وحتّى العداء أحيانا. يتطلّب هذا التّطوّر مهارات انفعاليّة وعقلانيّة أكثر تطوّرا من ذي قبل، ولكن نادرا ما تدمج هذه المهارات في التّكوين القاعدي.
من خلال ما سبق، يبرز موقفان: موقف السّلطة(سلطة المدرّس) الّتي تأخذ مسافة من التّلميذ والّذي يتّخذ غالبا للحفاظ على النّظام في السّياقات الصّعبة، وموقف المرافقة وهو أكثر صعوبة ولكنّه أكثر ضمانا للنّتائج الإيجابيّة على المدى الطّويل. وغالبا ما يتعايش هذان النّهجان داخل المدرّس نفسه حسب الفصل والسّياق واليوم.
- استراتيجيّات إعادة التّشكّل والمقاومة:
في مواجهة هذه الثّغرات، يطوّر العديد من المدرّسين استراتيجيّات لإعادة تشكيل مهاراتهم المهنيّة. ويشمل ذلك:
- تنفيذ مشاريع تعليميّة شخصيّة مثل النّوادي والمسرح والمشاريع الرّقميّة وغيرها.
- المشاركة في برامج التّعليم المستمرّ والّتي غالبا ما تكون نتاج لمبادرات فرديّة.
- الانضمام إلى شبكات تعاونيّة غير رسميّة.
تمكّن هذه المسارات المدرّسين من إعادة بناء هويّة قيّمة، خارج الإطار المؤسّساتي الّذي ينظر إليه أحيانا على أنّه عقيم. وتظهر هذه المسارات قدرة قويّة على الصّمود والّتي عادة ما تهملها السّياسات التّعليميّة.
تبنى الهويّة المهنيّة للمدرّسين التّونسيين حاليّا في سياق غامض. بين إرث رمزيّ قويّ وخيبة أمل يوميّة. ورغم ذلك، تبقى هذه الهويّة نابضة بالحياة ومرنة وقابلة لإعادة التّشكّل من خلال الالتزامات الفرديّة والجماعيّة. يعدّ إدراك هذا التّعقيد أمرا أساسياّ للتّخطيط لإصلاحات تعليميّة فعّالة. لا تعتمد جودة التّدريس على المناهج والتّجهيزات وحسن الإدارة فحسب، بل تعتمد أيضا، وقبل كلّ شيء، على نظرة المدرّسين لمهنتهم.
المحور الثّاني: الحياة اليوميّة وتحدّيات الميدان.
- IV) يوم في حياة مدرّس:
- بداية مبكّرة بعيدا عن الأهل:
يضطرّ آلاف المدرّسين غالبا من الشّباب ومن النّساء، كلّ سنة، إلى قطع عشرات بل مئات الكيلومترات للوصول إلى مدارسهم ومعاهدهم. بعضهم ينام في مبيتات والبعض الآخر يستأجر غرفا مشتركة. ليس السّفر مجرّد عامل لوجستيّ، بل يؤثّر سلبا على الاستقرار النّفسي والرّوابط الأسريّة والصّحّة البدنيّة والقدرة على الانخراط الكامل في التّدريس.
(رسم عدد 6)[10]
(رسم عدد 7)[11]
(رسم عدد 8)[12]
- بمجرّد دخول المؤسّسة يستقبله الاكتظاظ ونقص الموارد البيداغوجيّة:
غالبا ما يتزامن الوصول إلى المدرسة مع أوّل ضغوط اليوم الدّراسي: إدارة القسم في العديد من المدارس الابتدائيّة والمدارس الإعداديّة والمعاهد الثّانويّة أين يتجاوز عدد التّلاميذ في الأقسام الخمس والثّلاثين تلميذا وأحيانا بسبّورة واحدة فقط وقليل من الطّباشير.
يعدّ نقص الموارد البيداغوجيّة مشكلة متكرّرة، إذ يؤثّر على جودة التّدريس ويزيد من الشّعور بالإحباط. كما تفتقر بعض المدارس والمعاهد اتّصال الإنترنات الفعّال ولا تحتوي على قاعة مخصّصة للأنشطة التّطبيقيّة. وفي المدارس الرّيفيّة يضطرّ التّلاميذ إلى المشي عدّة كيلومترات يوميّا للوصول إلى المدرسة.
يتعيّن على المدرّس أيضا التّعامل مع زيادة المهامّ الموازية لتعمير الدّفاتر والمتابعة الإداريّة والمشاركة في الاجتماعات والإشراف على الامتحانات. ونادرا ما يتمّ تقدير هذه المهامّ رغم أنّها تستهلك الوقت والطّاقة.
(رسم عدد 9)[13]
(رسم عدد 10)[14]
- في القسم: التّعليم وإدارة الصّراعات والارتجال.
لم يعد التّدريس في حدّ ذاته يقتصر على نقل محتوى ما بل على المدرّس أيضا إدارة قسم دراسيّ متنوّع بمستويات متفاوتة وصعوبات تعلّم غير مشخّصة وتلاميذ محبطين أو تلاميذ يمرّون بظروف عائليّة صعبة.
يعدّ عامل انعدام الانضباط عاملا محوريّا أيضا. ففي بعض المدارس يقضي المدرّسون وقتا أطول في استعادة الهدوء من التّدريس الفعلي. لم تعد السّلطة أمرا مسلّما به بل يجب بناؤها والتّفاوض حولها، بل وفرضها أحيانا على حساب الإرهاق المعنوي.
وعلى الرّغم من ذلك يطوّر العديد من المدرّسين استراتيجيّات التّكيّف من خلال تقديم ألعاب تعليميّة ومقاطع فيديو والعمل في مجموعات صغيرة أو استخدام اللّهجة التّونسيّة لتسهيل تملّك المعرفة. نادرا ما تطبّق هذه المبادرات رسميّا ولكنّها ضروريّة للحفاظ على التّواصل مع التّلاميذ.
(رسم عدد 11)[15]
(رسم عدد 12)[16]
- السّاعات الجوفاء: استراحة أم زيادة الأعباء.
غالبا ما لا تتوفّر للمدرّسين قاعة مخصّصة بين الحصص التّعليميّة. ينتظرون في قاعة مكتظّة أو في فناء مشمس أو في الممرّ. كان من الممكن استغلال هذه الفترات لإعداد الدّروس أو التّكوين أو تبادل الأفكار مع الزّملاء، لكن نقص الفضاءات التّعليميّة العمليّة يجعل هذا الأمر صعبا إن لم يكن مستحيلا.
- نهاية اليوم: إرهاق، نقل، إصلاح.
تنتهي الحصص الدّراسيّة في السّاعة السّادسة أو الخامسة مساء، لكنّ العمل لا ينتهي، لا يزال هناك إصلاح والتّحضير لحصص اليوم التّالي ومعالجة الحالات الفرديّة (غياب التّلاميذ، النّزاعات، دعم أولياء التّلاميذ). أمّا بالنّسبة لمن يعيشون بعيدا، فقد تستغرق رحلة العودة في المواصلات العموميّة ساعتين أو ثلاث ساعات.
يؤثّر هذا التّعب المزمن سلبا على الصّحّة البدنيّة والنّفسيّة. يبلغ العديد من المدرّسين عن اضطرابات في النّوم وآلام جسديّة (مثل آلام الظّهر والصّوت والإجهاد المزمن) وشعور بالوحدة مهنيّا بسبب نقص التّقدير أو الدّعم.
يكشف وصف يوم في حياة المدرّس التّونسي، وخاصّة في القطاع العامّ وخارج المدن الكبرى عن أكثر من مجرّد جدول زمنيّ (جدول الأوقات). فهو يكشف عن واقع التّنقّل القصري والإرهاق وعدم الاعتراف بالجميل، ولكنّه أيضا يكشف عن القدرة على الصّمود.
تؤثّر هذه الظّروف اليوميّة بشكل مباشر على دافعيّة المدرّسين وجودة التّعلّم والصّحّة النفسيّة. إنّها قضيّة رئيسيّة غالبا ما تغفل في الإصلاحات التّربويّة ولكنّها جوهريّة بالنّسبة لعمليّة تجويد النّظام التّربوي التّونسي.
(رسم عدد 13)[17]
(رسم عدد 14)[18]
المحور الثّالث: العلاقة مع التّلاميذ والأولياء، بين النّقل والتّوتّرات والتّعديل.
- تطوّر العلاقة البيداغوجيّة: من السّلطة إلى التّفاوض.
لعقود كان ينظر للمدرّسين التّونسيّين على أنّهم شخصيّات ذوات سلطة طبيعيّة. وقد استند هذا الوضع إلى هرميّة اجتماعيّة راسخة واحترام للخطاب الأكاديمي ومناخ أسري عزّز دورهم. أمّا اليوم فلم تعد هذه السّلطة أمرا مسلّما به بل أصبحت ضعيفة ومتنازع عليها بل وأحيانا معكوسة لاسيّما في المناطق الحضريّة.
يشير العديد من المدرّسين إلى وجود علاقة تربويّة تتطلّب التّفاوض المستمرّ[19] إذ يتعيّن عليهم التّعامل مع تلاميذ من خلفيّات متنوّعة للغاية وغالبا ما يكونون أكثر ترابطا ونقدا وتأثّرا بالمحتوى خارج المدرسة (مواقع التّواصل الاجتماعي، الذّكاء الاصطناعي، محرّكات البحث، إلخ). فقد أصبح بالإمكان وضع معرفة المدرّس حول مسألة ما موضع تساؤل بإخراج التّلميذ هاتفه وعرض معرفة بديلة. لم يعد التّلميذ يعتقد في معرفة المدرّس بصفة عمياء. يمكن أن يكون ذلك محفّزا ولكنّه يخلّ بالاستقرار أيضا.
هذا التّغيير يجبر المدرّس على إعادة صياغة مفهوم دوره: مدرّس أقلّ تلقينا وأكثر قيادة قادرا على المرافقة أكثر منه على الفرض. هذا الانزلاق ليس سلبيّا ولكنّه يتطلّب تكوينا ممنهجا ومتطوّرا ووسائل ومعينات بيداغوجيّة تستجيب فعليّا لحاجات التّلاميذ والمدرّسين على السّواء.
- VI) العبء الذّهني والانفعالي للمدرّس:
- التّدريس مهنة الالتزام الانفعالي:
خلافا للاعتقاد السّائد فإنّ التّدريس ليس مجرّد تقديم أو إلقاء دروس. إنّه مهنة ذات طبيعة علائقيّة عميقة تتطلّب ليس فقط الذّكاء بل ايضا المشاعر والصّبر والتّحمّل النّفسي وأحيانا الحدس. يواجه المدرّس يوميّا مجموعة متنوّعة من المواقف العاطفيّة المعقّدة[20]، تلاميذ متوتّرون وصراعات بينهم وتوتّرات مع الزّملاء أو الأولياء ومشاعر انعدام القيمة أو الإحباط النّاتج عن عدم التّقدير. هذا التّراكم الّذي لا يظهر في التّقارير الإداريّة يشكّل ما يسمّى بالعبء الذّهني للمدرّس.
(رسم عدد 15)[21]
- الإجهاد المزمن والإرهاق والاحتراق النّفسي:
يعاني العديد من المدرّسين التّونسيّين من علامات الإرهاق المهني مثل اضطرابات النّوم والقلق وفقدان الحافز والانفعال وحتّى الاكتئاب الصّامت. وقد ينتهي بالبعض منهم إلى نوع من الانفصال العاطفي لحماية أنفسهم نفسيّا.
(رسم عدد 16)[22]
VII) دور النّقابة: بين الحماية والتّسييس.
- العمل النّقابي فاعل أساسي في المجال المدرسي التّونسي:
يعيش قطاع التّعليم في تونس على وقع حضور قويّ للنّقابات الّتي أصبحت جزءاً لا يتجزّأ من المشهد التّربوي اليومي. فإلى جانب دورها في التّفاوض والدّفاع عن الحقوق، تتابع هذه النّقابات أوضاع المدارس والمعاهد، وتحرص على أن تكون صوت المربّين في مواجهة التّحدّيات المتزايدة. ويعكس تنوّع هذه الهياكل النّقابيّة أهمّية المدرسة العموميّة ودورها المركزي في المجتمع التّونسي.
ففي التّعليم الابتدائي، تبرز الجامعة العامّة للتّعليم الأساسي الّتي تمثّل آلاف المعلّمين في مختلف الجهات. أمّا في الإعدادي والثّانوي، فإنّ الجامعة العامّة للتّعليم الثّانوي تضطلع بمهمّة الدّفاع عن الأساتذة ومدرّسي التّربية البدنيّة ومتابعة كلّ ما يتّصل بالمناهج والبرامج وظروف التّدريس. ويضاف إلى ذلك الجامعة العامّة للمرشدين التّربويين والجامعة العامّة للقيّمين والقيّمين العامّين اللّتان تهتمّان بإعداد الظّروف الملائمة لعمل الأساتذة والإدارة معا، ونقابة مستشاري الإعلام والتّوجيه المدرسي الّتي تساهم في توجيه النّاشئة نحو المسارات التّعليميّة والمهنيّة الأنسب لهم.(الفرع الجامعي لمستشاري الاعلام والتّوجيه المدرسي)
ولا يقف الحضور النّقابي عند حدود المربّين المباشرين فقط، إذ نجد أيضاً الجامعة العامّة للإداريّين المشرفة على شؤون التّسيير والتّنظيم، والجامعة العامّة لعملة التّربية الّتي تتابع أوضاع العملة ودورهم الحيوي في توفير ظروف عمل ملائمة داخل المؤسّسات التّربويّة والمدارس. كما برزت نقابات متفقّدي التّعليم الأساسي والثّانوي(الفرع الجامعي لمتفقّدي المدارس الابتدائيّة و الفرع الجامعي لمتفقّدي المدارس الإعداديّة والمعاهد الثّانويّة) ، الّتي تسعى إلى ضمان جودة المتابعة البيداغوجيّة وضمان تطبيق البرامج القائمة والتّقييم الهادف والتّجديد البيداغوجي.
هذا التّنوّع النّقابي يعكس بوضوح أنّ التّعليم في تونس ليس مجرّد قطاع عادي، بل ركيزة أساسيّة من ركائز المجتمع. ومن هنا، فإنّ قوّة التّمثيل النّقابي لا تعبّر فقط عن تعدّد المطالب، بل عن قيمة المدرسة العموميّة وما تمثّله من أمل في التّنمية والعدالة الاجتماعيّة. لكن هذا الحضور القويّ للنّقابات يثير في المقابل تساؤلات حول مدى انسجامها وقدرتها على التّأثير الفعلي في السّياسات التّعليميّة، وحدود توازنها بين الدّفاع عن المطالب القطاعيّة والمساهمة في الإصلاح الشّامل للمدرسة التّونسيّة. فهذه النّقابات تمثّل لاعبا محوريّا في تاريخ التّعليم العامّ[23] وتلعب دورا هامّا في توازن القوى مع السّلطة. وقد نظّم الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل وتحديدا الجامعات العامّة للتّعليم جزءا كبيرا من التّحرّكات على مدى عقود.
يعدّ الانضمام إلى الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل بالنّسبة لجلّ المدرّسين ردّ فعل تلقائيّ بل أحيانا التزاما أخلاقيّا أو شكلا من أشكال الحماية في بيئة مؤسّساتيّة غير مستقرّة.
(رسم عدد 17)[24]
- الدّفاع عن الحقوق وإطارا للتّضامن:
تؤدّي النّقابات الّتي تعود بالنّظر إلى الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل وظائف أساسيّة:
- الدّفاع عن الحقوق الفرديّة والجماعيّة (التّعيينات، الرّواتب، تسوية أوضاع المدرّسين والموظّفين، العطل، التّرقيّات المهنيّة …)
- توفير إطار للتّعاون والتّضامن، لاسيّما في المناطق الرّيفيّة حيث يعاني المدرّسون من العزلة.
- اقتراح تنظيم تحرّكات جماهيريّة منسّقة (إضرابات، اعتصامات، مقاطعة امتحانات) تبرّز المطالب.
تعمل نقابات التّعليم، من خلال هذه الأنشطة كمنتدى يمكّن من صياغة وهيكلة وترجمة الإحباطات الميدانيّة إلى مطالب جماعيّة.
(رسم عدد 18)[25]
- غموض التّسييس:
ومع ذلك لا يخلو دور بعض النّقابت من الغموض. فكثيرا ما تتّهم بالتّجاوزات السّياسيّة أو باستغلال الصّراعات التّعليميّة كورقة ضغط في صراعات نفوذ أوسع نطاقا داخل الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل أو ضدّ الحكومات المتعاقبة.
يعرب بعض المدرّسين، وخاصّة الشّباب منهم، عن استياء نقابي إذ يرون أنّ النّقابة ذات هيكل هرمي مفرط، ومنفصلة أحيانا عن الميدان، أو منشغلة بتوازناتها الدّاخليّة.
(رسم عدد 19)[26]
VIII) المقاومة والصّمود والمبادرات المحلّيّة:
- المقاومة اليوميّة: منهجيّة تربويّة ميدانيّة.
في ظلّ نظام مدرسيّ يتّسم بتدهور ظروف العمل وعدم الاستقرار السّياسي وانعدام المشاركة المؤسّساتيّة وفقدان المعنى، لا يكتفي المدرّسون التّونسيّون بالصّمود، بل يطوّر العديد منهم، أشكالا من المقاومة الخفيّة ولكنّها قويّة من خلال ممارسات تعليميّة بديلة ومشاريع جماعيّة أو انخراط شخصي.
والمقاومة هنا، لا تعني بالضّرورة المعارضة الصّريحة. إنّها أحيانا تكون ببساطة رفضا للاستسلام والحفاظ على مستوى عال من الجودة وخلق مساحات إنسانيّة في بيئة بيروقراطيّة أو الدّفاع عن فكرة معيّنة عن المدرسة.
- المبادرات البيداغوجيّة المحلّيّة: الابتكار على الهامش.
يحشد المدرّسون التّونسيّون، في عدّة مناطق، جهودهم لإطلاق مشاريع تعليميّة خارج الإطار الرّسمي مثل النّوادي وورش العمل.[27]
المحور الرّابع، نحو إعادة تثمين مهنة التّدريس:
- IX) الإصلاح العميق: شروط التّغيير المستدام.
- التّفكير في ما يتجاوز التّعديلات التّقنيّة:
اتّسمت سياسات التّعليم التّونسيّة، لعقود عديدة، بإصلاحات متتالية غالبا ما كانت جزئيّة أو تقنيّة أو منفصلة عن الواقع. فالكتب المدرسيّة المعدّلة والجداول الزّمنيّة المنقّحة والمناهج المسقطة، كلّها إجراءات لمرّة واحدة، ضروريّة أحيانا لكنّها نادرا ما تكون كافية.
ما يطالب به المدرّسون اليوم ليس مجرّد إصلاح آخر بل إعادة تأسيس لمكانة المهنة ودورها والاعتراف الاجتماعي بها.
(رسم عدد 20)[28]
- تثمين مهنة التّدريس رمزيّا ومادّيّا:
تبدأ إعادة تثمين المهنة بالاعتراف الملموس بأهمّية التّدريس، أي زيادات حقيقيّة في الرّواتب مع مراعاة التّضخّم وتكاليف المعيشة، ومراعاة صعوبة المهنة، لاسيّما لمن يعملون بعيدا عن منازلهم أو في مناطق ذات متطلّبات نفسيّة وانفعاليّة عالية، وإنشاء آليات تقدير رمزيّة (جوائز التّدريس، نشر المبادرات المبتكرة، المشاركة في تكوين المدرّسين الجدد …).
هذه المبادرات ليست عرضيّة، بل ترسل إشارة قويّة حين تدرك الدّولة أهمّية مدرّسيها ليس فقط كموظّفين حكوميين بل كفاعلين أساسيّن في التّماسك الاجتماعي.
(رسم عدد 21)[29]
الخاتمة:
يكشف تحليل الحياة اليوميّة للمدرّسين التّونسيّين وأصواتهم عن واقع معقّد يتّسم بالتّناقضات بين الالتزام المهني والقيود الهيكليّة والتّطلّعات الجماعيّة. يظلّ المدرّسون سواء كانوا مترسّمين أو متعاقدين أو نوّاب في صميم النّظام التّعليمي يتحمّلون مسؤوليّة اجتماعيّة جسيمة بتعليم الأجيال القادمة في سياق التّغيّرات السّياسيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة.
تواجه حياتهم اليوميّة تحدّيات متعدّدة مثل اكتظاظ الأقسام ونقص الموارد التّعليميّة وعدم استقرار وظائف المتعاقدين والنّوّاب وأحينا الشّعور بالتّهميش في مواجهة القرارات السّياسيّة. ورغم ذلك، فإنّ صوتهم المعبّر عنه من خلال النّقابات والتّجمّعات والخطابات العامّة، يشكّل وسيلة أساسيّة للمطالبة بنظام مدرسي أكثر إنصافا وإدماجا وذو جودة.
تاريخيّا كان المدرّسون التّونسيّون شخصيّات محوريّة في المجتمع حاملي المعرفة والقيم المدنيّة والوطنيّة. وإلى غاية اليوم، رغم الصّعوبات المادّيّة والمؤسّساتيّة، لا يزالون يلعبون دورا كوسيط اجتماعي ومحرّك للتّغيير. ويبدو أنّ الاعتراف بهذا الصّوت، ومراعاته في رسم السّياسات التّعليميّة، وتحسين ظروف معيشتهم وعملهم، شروط أساسيّة لضمان نجاح المشروع التّربوي الوطني.
وهكذا فإنّ منح المدرّسين مكانة حقيقيّة في حياتهم (الظّروف المادّيّة والتّوازن بين العمل والحياة الشّخصيّة) وأصواتهم (التّعبير والمشاركة في الخيارات التّعليميّة) لا يلبّي تطلّعاتهم المشروعة فحسب بل يعزّز أيضا مستقبل المدرسة التّونسيّة ويعزّز مساهمتهم في التّنمية الدّيموقراطيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة للبلاد.
كما تبرز هذه الدّراسة الأهمّية الاستراتيجيّة لهذه الفئة المهنيّة في المجتمع والقيود الهيكليّة الّتي تعيق مساهمتها الكاملة في نجاح النّطام التّعليمي. فبينما يظلّ المدرّسون حاملي القيم والمعرفة والتّماسك الاجتماعي، تظلّ إمكاناتهم ضعيفة بسبب ظروف العمل الصّعبة وضعف الاعتراف المؤسّسي والتّهميش النّسبي لصوتهم في صنع السّياسات العامّة.
وللتّغلّب على هذه القيود وتعزيز دور المدرّسين التّونسيّين، يمكن اقتراح عدّة توصيّات:
- تحسين ظروف العمل والمعيشة:
- الاستقرار المهني: الحدّ من الإفراط في استخدام النّواب واعتماد المناظرات للالتحاق بفترة تكوين قاعدي موائمة للمتطلّبات القائمة.
- زيادة الرّواتب: تكييف الرّواتب مع الظّروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة الحاليّة وتقديم مكافآت تحفيزيّة مرتبطة بالأداء والابتكار التّربوي.
- تحسين البنية التّحتيّة للمدارس: تزويد المدارس بالأدوات الرّقميّة والمكتبات وموادّ التّدريس الحديثة.
- تعزيز صوت المدرّس:
- مأسسة استشارة المدرّسين في الإصلاحات التّعليميّة (اللّجان المشتركة والمنتديات التّربويّة …)
- تشجيع مشاركة النّقابات والجمعيّات.
- تعزيز آليّات الحوار الاجتماعي بين الوزارة والنّقابات ومدرّسي الميدان لتخفيف الصّراعات المستمرّة.
- التّكوين والتّطوير المهني:
- إعادة صياغة مضامين وشكل التّكوين القاعدي.
- تعزيز معاهد تكوين المعلّمين العليا وإدخال وحدات تدريسيّة تتعلّق بالتّربية الرّقميّة والإدماج وإدارة الصّراعات.
- التّكوين المستمرّ الإلزامي والقيّم: إنشاء نظام اعتماد أو شهادة يسمح للمدرّسين بتطوير مسيرتهم المهنيّة من خلال التّكوين المستمرّ.
- تشجيع البحث العلمي التّربوي: تمويل وتشجيع المبادرات المحلّيّة الّتي يساهم فيها المدرّسون أنفسهم في التّجديد البيداغوجي.
- التّوازن بين العمل والحياة الشّخصيّة:
- تخفيف أعباء الوقت والجهد الإداري من خلال توفير مساعدين بيداغوجيّين ومساعدين رقميّين.
- مراعاة الصّحّة النّفسيّة للمدرّسين من خلال إنشاء وحدات استماع ودعم.
- تطوير آليّات تنقّل داخلي وإقليمي للحدّ من التّفاوت بين المناطق السّاحليّة والدّاخل.
لا يمكن الفصل بين حياة المدرّسين وأصواتهم فتحسين ظروفهم المعيشة المادّيّة والمعنويّة مع منحهم مكانة حقيقيّة في حوكمة التّعليم هو مفتاح جودة التّعليم العامّ. إنّ تعزيز التّقدير الاجتماعي والمهني للمدرّسين ليس مجرّد عدالة بل هو أيضا شرط أساسيّ لنجاح الأجيال القادمة وترسيخ تونس دامجة وديموقراطيّة.
المصادر والمراجع
- المصادر الرّسميّة والإحصاءات:
- بالعربيّة:
وزارة التّربية (تونس). (2024). الإحصاء المدرسي، 2024-2025.
وزارة التّربية (تونس). (2023). الإحصاء المدرسي، 2022-2023.
وزارة التّربية (تونس). (2020). التّقرير السّنوي للأداء لمهمّة التّربية.
معهد اليونسكو للإحصاء. (2023). مؤشّرات التّعليم – تونس.
منظّمة التّعاون الاقتصادي والتّنمية (OECD). (2021). لمحة عن التّعليم 2021: المعلّمون وظروف العمل.
- بالفرنسيّة:
OCDE. (2020). Résultats de TALIS 2018. Des enseignants et chefs d’établissement comme professionnels valorisés (vol. 2). Éditions OCDE. https://doi.org/10.1787/69e92fca-fr
- الدّراسات الأكاديميّة (تونس):
- بالعربيّة:
بوحوش (الهادي) و العكروت (منجي). (2014). تاريخ الإصلاحات التّربويّة بالبلاد التّونسيّة، موقع المدوّنة البيداغوجيّة.
بياض (فريد).(2005). البيداغوجيا النّشيطة وقلب الأدوار داخل الوضعيّة التّربويّة، مجلّة علوم التّربية.
الحنّاشي (عبد اللّطيف). (2024). المنظومة التّعليميّة في تونس: مقدّمات تاريخيّة، منصّة عروبة 22.
الخمّاسي (عبد العزيز). (2010). نقابة المعلّمين التّونسيّن في عهد الحماية 1919-1956 ، دار النّشر
د.عبّاس الحاج محمّد (نبال). (2021). الاحتراق النّفسي لدى معلّمي المدارس، المجلّة العربيّة للنّشر العلمي، العدد 33.
كرّو(أبو القاسم محمّد). (1955). التّعليم التّونسي بين الحاضر والمستقبل، مطبعة التّرقّي، تونس.
د.مشري(سلاف). (2018). الهويّة المهنيّة للمدرّس وعلاقتها بالالتزام بأخلاقيّات المهنة. مجلّة الجامع في الدّراسات النّفسيّة والعلوم التّربويّة. العدد 9.
نبيل محمّد زايد (آية الّله). (2023). الجهد الانفعالي والرّفاهيّة المهنيّة وعلاقتهما بالنّية لترك العمل لدى معلّمي المرحلة الثّانويّة. المجلّة التّربويّة لكلّية التّربية بسوهاج. 110 (110)، 231-296.
- بالفرنسيّة:
Ben Hassen, R. (2017). « Le malaise enseignant : stress et burnout dans le corps éducatif tunisien ». Revue de Psychologie du Travail et des Organisations, 23(4), 299-317
Chaker, S. (2020). « Enseignement secondaire en Tunisie : entre réformes curriculaires et résistances professionnelles ». Revue Maghrébine de l’Éducation, 12(2), 55-78.
Hadj Amor, H. (2021). L’activité des enseignants des écoles primaires en Tunisie au carrefour de leur formation, de leurs pratiques ordinaires et de leur relation à l’inspection : routines, conflits, effets (Thèse de doctorat)
Hafsi, A. (2019). « Perception des conditions de travail et perspectives professionnelles chez les enseignants des collèges en Tunisie ». Pratiques Psychologiques, 25(3), 265–283.
Hafsi, A., Lallemand, N., et Cohen-Scali, V. (2017). Le stress au travail chez les enseignants des collèges en Tunisie. Revue Suisse des sciences de l’éducation, 39(1), 57-74.
- تقارير النّقابات والمنظّمات غير الحكوميّة والمنظّمات المهنيّة:
- بالفرنسيّة:
Human Rights Watch. (2015). La crise de l’éducation en Tunisie : droits des enseignants et inégalités régionales.
Union Générale Tunisienne du Travail (UGTT) – Fédération Générale de l’Enseignement. (2022). Rapport sur les revendications des enseignants et la réforme de l’école publique
- بالإنقليزيّة:
Education International. (2023). Tunisia: Country profile and teachers’ rights.
OIT (2013). Analyse du système éducatif tunisien. Rapport d’étude. http://adapt.it/adapt-indice-a-z/wcontent/uploads/2014/09/oi
International Trade Union Confédération. (2021). Teachers’ mobilisations in North Africa: Tunisia case study.
- مقارنات دوليّة وإطار نظري:
- بالعربيّة:
فريق عمل المعلّمين. (2020). إطار دعم وتحفيز المعلّمين لأفريقيا. اليونسكو.
اليونسكو. (2017). التّقرير العالمي لرصد التّعليم: المساءلة في التّعليم.
دارلينج-هاموند، ل. (2010). العالم المسطّح والتّعليم: كيف سيحدّد التزام أمريكا بالمساواة مستقبلنا. مطبعة كلّية المعلّمين، الولايات المتّحدة الأمريكيّة، (بالإنقليزيّة)
هارجريفز، أ.، وفولان، م. (2012). رأس المال المهني: تحوّل في التّدريس في كلّ مدرسة. مركز الإمارات للدّراسات والبحوث الاستراتيجيّة، 2017.
- بالإنقليزيّة:
Day, C., & Gu, Q. (2010). The New Lives of Teachers. Routledge.
المنجي الجباري، متفقّد عامّ مميّز للتّربية، متقاعد.
[1]) كرّو(أبو القاسم محمّد). (1955). التّعليم التّونسي بين الحاضر والمستقبل، مطبعة التّرقّي، تونس.
[2] ) المصدر السّابق.
[3] ) المصدر: استطلاع لعيّنة من المدرّسين في مرحلتي التّعليم. تشمل العيّنة المستهدفة حوالي 500 مدرّسا(487) موزّعين وفقا لحصص محدّدة تعكس تنوّع مستويات التّدريس والجهات والجنس والعمل ونوع العقد (صفة المدرّس: مترسّم، متعاقد، نائب). أجريت عمليّة اختيار العيّنة بطريقة عشوائيّة وظيفيّة مع الاستعانة بالشّبكات المهنيّة والنّقابيّة لضمان مشاركة فئات متنوّعة بما في ذلك الفئات الّتي غالبا ما تكون غير ممثّلة تمثيلا كافيا.
[4] (Hafsi, A. (2019). « Perception des conditions de travail et perspectives professionnelles chez les enseignants des collèges en Tunisie ». Pratiques Psychologiques, 25(3), 265–283
[5] ) نفس المصدر السّابق.
[6] ) د.مشري(سلاف). (2018). الهويّة المهنيّة للمدرّس وعلاقتها بالالتزام بأخلاقيّات المهنة. مجلّة الجامع في الدّراسات النّفسيّة والعلوم التّربويّة. العدد 9.
[7] ) المصدر السّابق.
[8] ) المصدر السّابق.
[9] ) المصدر السّابق.
[10] ) نفس المصدر السّابق.
[11] ) نفس المصدر السّابق.
[12] ) نفس المصدر السّابق.
[13] ) نفس المصدر السّابق.
[14] ) نفس المصدر السّابق.
[15] ) نفس المصدر السّابق.
[16] ) نفس المصدر السّابق.
[17] ) نفس المصدر السّابق.
[18] ) نفس المصدر السّابق.
[19] ) بياض (فريد).(2005). البيداغوجيا النّشيطة وقلب الأدوار داخل الوضعيّة التّربويّة، مجلّة علوم التّربية.
[20] ) نبيل محمّد زايد (آية الّله). (2023). الجهد الانفعالي والرّفاهيّة المهنيّة وعلاقتهما بالنّية لترك العمل لدى معلّمي المرحلة الثّانويّة. المجلّة التّربويّة لكلّية التّربية بسوهاج. 110 (110)، 231-296.
[21] ) نفس المصدر السّابق.
[22] ) نفس المصدر السّابق.
[23]) الخمّاسي (عبد العزيز). (2013). نقابة المعلّمين التّونسيّن في عهد الحماية 1919-1956 ، فنّ الطّباعة، تونس.
[24] ) نفس المصدر السّابق.
[25] ) نفس المصدر السّابق.
[26] ) نفس المصدر السّابق.
[27] ) د. مصطفى الشّيخ الزّوّالي (مصطفى). (2022). المدرّسون والتّجديد، المطبعة التّيمومي، المنستير.
[28] ) نفس المصدر السّابق.
[29] ) نفس المرجع السّابق.




