مقالات

عدم تطبيق القانون 58 أهم أسباب ارتفاع منسوب العنف المسلّط على النساء في تونس

أرقام مُفزعة كشفتها لجنة مناهضة العنف بجمعية النساء الديمقراطيّات

مجدي الورفلي
صحفي

يعود ارتفاع منسوب العنف المسلّط على النساء في تونس أساسا إلى عدم تطبيق القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 مؤرخ في 11 أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، وفق ما أكدته عضو الهيئة المديرة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمسؤولة على لجنة مناهضة العنف في الجمعية جليلة الزنايدي لـ”الجريدة المدنية” والتي حملت مسؤولية إهمال تطبيق القانون وتداعياته إلى كل أجهزة الدولة المعنية بالملف دون إستثناء. 

في إطار الحملة العالمية “16 يوما من النشاط للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات” التي أُختير لها كشعار “لون العالم برتقاليا : فلننه العنف ضد المرأة الآن”، كشفت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، يوم الجمعة، عن احصائيات مراكز الاستماع والتوجيه للنساء ضحايا العنف لثلاثة سنوات (2019-2021)  في إطار تقديمها لدراسة بعنوان “نفاذ النساء ضحايا العنف إلى العدالة: الصعوبات والتحديات”.

الدراسة التي أعدتها لجنة مناهضة العنف في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات امتدت بين شهر جانفي 2019 وشهر أكتوبر 2021، أي خلال السنوات الثلاث التي أعقبت دخول القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة حيز التطبيق وذلك لقياس مدى تطبيق القانون ومدى مساهمته في تخفيض منسوب العُنف الممارس على النساء وكذلك تقييم الإلتزام به من طرف القضاء خلال البت في قضايا العنف ضد النساء من عدمه.

أرقام مُفزعة

عدد النساء ضحايا العنف اللاتي توافدن على مراكز الاستماع والتوجيه التابعة إلى الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بين شهر جانفي 2019 وشهر أكتوبر 2021 بلغ 2718 ضحية خلال فترة إنجاز الدراسة، وهو رقم لا يبتعد عن العدد الجملي للنساء ضحايا العنف اللاتي بلّغن عن الاعتداءات لدى الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بين سنتي 1992 و2018 والذي بلغ خلال تلك السنوات مُجتمعة قرابة 3918.

ويمثل العنف الزوجي النسبة الأكبر من العنف الذي تتعرض له النساء في تونس حيث بلغ 65% من حالات العنف ضد النساء المُبلّغ عنه، فيما تنقسم باقي حالات العنف ضد النساء إلى 9% عنف أسري و 4% اغتصاب و5% تحرش جنسي و% عنف اقتصادي و% عنف سياسي و10% أصناف أخرى من العنف منها العنف الرقمي أو الإفتراضي الذي أصبح أحد أنماط العنف الجديدة التي تتعرض لها النساء.

هذا ويُعرّف الفصل الثالث من قانون 58 لسنة 2017 العنف ضد المرأة بأنه “كل اعتداء مادي أو معنوي أو جنسي أو اقتصادي ضد المرأة أساسه التمييز بسبب الجنس والذي يتسبب في إيذاء أو ألم أو ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء الضغط أو الحرمان من الحقوق والحريات، سواء في الحياة العامة أو الخاصة”.

التشخيص والتوصيات

أرجعت جليلة الزنايدي،عضو الهيئة المديرة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمسؤولة على لجنة مناهضة العنف، في تصريحها  لـ”الجريدة المدنية”  إرتفاع منسوب العنف المسلّط على النساء إلى التراخي الكبير في تطبيق القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف لسنة 2017 من طرف كل أجهزة الدولة المتداخلة في الموضوع بداية من الأمن وصولا إلى القضاء، حيث كشفت أنه من 15 قضية عنف رفعتها النساء تم الإستناد إلى القانون 58 من طرف القضاء في قضية واحدة.

حيث أكدت أن القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف لا يطبق بصفة موحدة بين المحاكم حيث ما زال بعض القضاة يعتمدون المجلة الجزائية بالإضافة العقلية الذكورية التي تدفع النساء إلى التراجع عن رفع قضايا ضدّ ممارسي العنف عليهم، خاصة الزوجي، وهي حالات تكرّر بصفة كبيرة في مراكز الأمن حيث يعمل أعوان الأمن الى إقناع الضحية بالتخلّي عن رفع قضية ضدّ زوجها في حال كان مصدر العنف مما يكرّس الإفلات من العقاب وتكرر حالات العنف على النساء، وفق الزنايدي.

وللخروج من دائرة توفير كل الظروف التي تؤدي الى إرتفاع منسوب العنف المسلط على النساء، طالبت عضو الهيئة المديرة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمسؤولة على لجنة العنف في الجمعية جليلة الزنايدي لـ”الجريدة المدنية” بتوعية رجال الأمن وتدريبهم على تطبيق القانون والتعاطي مع قضايا العنف ضد النساء وحتى تبنيها، إلا أن المطلب أو التوصية الأهم تتمثل في إدراج حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق النساء بصفة خاصة في البرامج التربوية وتدريسها منذ السنوات الأولى مع إعتماد ضارب يجعل المادة محورية في المناهج والبرامج التربوية لخلق جيل جديد ينبذ العنف في المطلق وخاصة ذلك المسلّط على النساء.

مسيرة صامتة: ضد قتل النساء

أكدت جليلة الزنايدي أنه سيقع تنظيم مسيرة صامتة تنطلق من أمام مقر وزارة شؤون المرأة والطفل وكبار السنّ وصولا إلى ساحة حقوق الانسان بشارع محمد الخامس مرورا بشارع الحبيب بورقيبة يوم 10 ديسمبر الجاري وذلك للتعبير عن الغضب من صمت الدولة عن العنف المسلط على النساء وظاهرة تقتيلهن. وأوضحت أن العنف الذي يُمارس على النساء تجاوز مجرد التعنيف المادي ليتحول الى عنف وحشي وتنكيل وانتقام وتقتيل في ظل صمت مريب لأجهزة الدولة خاصة على تطبيق القانون 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، وهو ما ستُطالب به الحركة النسوية خلال المسيرة بالإضافة إلى تسليط الضوء على قتل النساء في تونس.

Skip to content