أخبار مدنية

مصطفي بن جعفر يدعو الى استخلاص العبرة من تجربة العشريّة الماضية والمضيّ في بناء بديل ديمقراطيّ قادر على استرجاع ثقة الشعب

حذّر مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي  من خطورة الوضع الذي تعيشه البلاد في ظل إصرار الرئيس قيس سعيد على مواصلة الانفراد في السلطة وتهميش بقية القوى السياسية، في وقت اتهمت فيه أحزاب المعارضة الرئيس سعيد بمحاولة توريط البلاد في صراعات إقليمية.
وكتب بن جعفر على صفحته الرسمية “لقد اختار الرئيس قيس سعيد طريق الانفراد بالرأي لصياغة وتمرير دستور الجمهورية الجديدة، وذلك على الرغم من كلّ الدعوات لفتح باب الحوار والمشاركة في أهمّ نصّ قانونيّ يمثّل العقد الاجتماعي الذي يربط المواطنين والمواطنات ببعضهم بعضاً من جهة، وبدولتهم وبمختلف مؤسساتها وسلطها من جهة أخرى”.
واعتبر أن ضعف نسبة المشاركة في الاستفتاء “هو بالأساس نتيجة لما تعاني منه البلاد منذ سنوات من ترذيل للحياة السياسيّة والحزبية، ممّا أدّى إلى نفور المواطنين والمواطنات من الشأن العامّ واستبطانهم لصورة سلبيّة عن العمل السياسيّ تضع الجميع في نفس السلّة حتّى أصبح الفرز بين الصادق والكاذب صعب المنال، وحيث أصبح الخطّان المتوازيان خطّين متطابقين منسجمين تجمعهما المصالح ولا تفرّقهما ظرفيّاً سوى “سخرية” الحملات الانتخابية”.
وأضاف: “لا ننسى أنّ العديد من القوى الديمقراطية المنحازة لفكرة “تصحيح” المسار الثوري لم يُوفَّر لها الإطار اللائق للمشاركة الجدية في المسار رغم أنها اعتبرت أن ما حصل في 25 جويلية 2021 كان نتيجة حتميّة وخطوة أساسيّة للقطع مع الفوضى التي كانت عليها البلاد منذ 2014، إنه إقصاء لا مبرّر له من زاوية المبدئية والمنهجية السياسية لأن نتائجه كانت عكس المنشود، حيث إنه دفع هذه القوى المساندة لمنطلقات 25 جويلية 2021 إلى مقاطعة الاستفتاء لأنه فرض جواباً واحداً، بـ “نعم” أو “لا”، على مسائل متنوعة ومختلفة جمعت بين الثقة في شخص الرئيس وإعطائه صكاً على بياض من جهة، وتأييد الأسلوب الانفرادي في إدارة المسار والمصادقة على الدستور الجديد شكلاً ومضموناً من جهة أخرى، ولا شكّ في أن كل ذلك ساهم في تقليص رقعة المشاركة في الاستفتاء”.
وتابع بقوله: “على الرغم من كل الاحترازات، فقد جاءت نتيجة الاستفتاء لتؤكّد ما يحظى به الرئيس قيس سعيّد من شعبيّة حقيقية، حيث كانت المسألة المطروحة في جوهرها أقرب للمبايعة لشخصه منها إلى المصادقة على مشروع دستور كاد يجمع أساتذة القانون الدستوري وجلّ مكونات المجتمع المدني على أنّه يمثل، بالمقارنة مع دستور 2014، تراجعاً في العديد من المجالات الأساسية، في وقت كان من المنتظر أن يقع التركيز على “تصحيح” ما برز من خلال الممارسات من ثغرات في النظام السياسي لدستور 2014″.

وانتقد بعض فصول الدستور الجديد بقوله: “فاجأني شخصيّاً الإلغاء الكلّي للباب السابع من دستور 2014 ولمنظومة اللامركزية التي تمثّل ركنا هامّاً من أركان الديمقراطيّة المباشرة، كما لم أجد لذلك مبرّراً مقنعاً حيث إن اللامركزيّة، في جوهرها، منسجمة مع فلسفة “الشعب يريد” ومع الخيارات التي يعلنها الرئيس والتّي يدور فلكها أساساً حول حقّ المواطن في رسم وتقرير نمط حياته التنمويّ والاقتصادي والاجتماعي انطلاقاً من القاعدة. فاللامركزيّة بدون أدنى شكّ، تمثّل الحلّ الأمثل لتحقيق هدف رئيسيّ من أهداف الثورة ألا وهو التنمية الشاملة والتقسيم العادل للثروة والقضاء على التفاوت بين الجهات! فأي تفسير لهذا الإلغاء وأيّ تبرير للعودة إلى فصل يتيم يذكّر بما جاء في دستور 1959 وبما نتج عن المركزيّة المفرطة؟”.
وأضاف: “اليوم وقد حصل ما حصل وأعلن رئيس الجمهورية أنّه سيتمّ سنّ قانون انتخابي في قادم الأيّام، وأنّه سيتمّ تنظيم انتخابات تشريعيّة بمقتضى هذا القانون في ديسمبر القادم، هل يمكن تجاوز الانقسام الخطير الذي يهدّد استقرار البلاد، وهل يمكن تصحيح ما حصل من سوء تقييم أو سوء تفاهم خلال السنة الأخيرة؟”.
واعتبر أن تنظيم الانتخابات القادمة في أفضل الظروف يستدعي “عدم الاكتفاء بالإعلان عن قانون انتخابيّ، بل يطرح بإلحاح اغتنام الفرصة لمراجعة قانون تنظيم الأحزاب وتمويلها وكيفيّة تفعيل دور محكمة المحاسبات كآلية رقابة على نتائج الانتخابات ودور الجمعيات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وتنظيم مجال سبر الآراء بالإضافة إلى المسؤولية المناطة بعهدة هيئة الانتخابات والتي لا ينبغي أن تقتصر على الجانب التقنيّ فحسب، بل يجب أن تتضمّن مهمّتها مراقبة كلّ المناخ الانتخابي من أجل ربط الزمن القضائي بالزمن الانتخابي وضمان مبدأ أساسي وضروريّ للحياة الديمقراطيّة والذي لم يتوفر بالقدر المطلوب في جلّ الانتخابات السابقة ألا وهو مبدأ تكافؤ الفرص”.

Skip to content