حوارات

معركتنا ليست مع أبناء شعبنا، وكل تهديد من وزارة التربية سيُقابله تصعيد أكثر حدّة

إقبال العزابي، الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي لـ"الجريدة المدنية"

مجدي الورفلي
صحفي

أكد إقبال العزابي، الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي، لـ”الجريدة المدنية” أن مقاطعة التدريس ستتواصل من طرف الأصناف المعنية بالتسوية من مدرّسي التعليم الابتدائي. وشكك في نوايا وزارة التربية والتزامها بانتداب نهائي للمدرسين بعد انتهاء فترة العقود في ظل توجهات الحكومة لتسريح عدد كبير من الموظفين لديها تنفيذا لأوامر صندوق النقد الدولي.

كما أفاد عضو المكتب التنفيذي لجامعة التعليم الأساسي أن “معركة المربين ليست مع أبناء الشعب بل مع تهديدات الوزارة وسياسة التشغيل الهش التي تعتمدها”، مؤكدا أن كل تهديد وتصعيد من الوزارة سيُقابله تصعيد أكثر حدة من جامعة التعليم الأساسي.

ما مردّ تواصل أزمة المدرّسين المعنيين بملف التسوية وما تبعه من مقاطعة للتدريس منذ 15 سبتمبر الماضي؟ هل هو نتيجة سياسة وزارة التربية أم ارتفاع سقف مطالبكم؟

في الحقيقة لم نضع سقفا عال لمطالبنا، بل طالبنا بالحدّ الأدنى المتمثل في تطبيق القانون بانتداب الأصناف المعنية من المدرّسين وفق الصيغ القانونية التي ينصّ عليها النظام الأساسي القطاعي وتحديدا الانتداب بصيغة أستاذ مدارس ابتدائية متربّص.

وبالتالي نحن نعتبر أن المطالبة بتطبيق القانون ليس سقفا عالي لا يُمكن لوزارة التربية الاستجابة له وخاصة أننا لا نتحرك في إطار القانون، ونطالب بتطبيقه في دولة رئيسها أستاذ قانون.

والأصناف التي نطالب بتسوية وضعيّتها من المدرّسين، هم الأعوان الوقتيين وخرّيجي التربية والتعليم والمعلمين النواب خارج الاتفاقية والأعوان الوقتيين المصنّفين في الصنف الفرعي أ 3، ونعتبر أن التشغيل الهشّ هو سرطان ينهش قطاع التعليم الأساسي خاصة أنه يشمل حوالي ثلث المنتمين للقطاع ولا نرى أي إصلاح تربوي حقيقي خارج استقرار الوضعية المادية للمدرّسين.

ولكن وزارة التربية تعتقد أنه يُمكنها إصلاح التعليم باعتماد سياسة التشغيل الهشّ وبأجور لا تتجاوز الـ700 دينار وبعدم خلاص أجور المدرّسين لسنتين، وهو ما يجب أن يعي به الشعب التونسي رغم ان الأولياء وأعون جيّدا بما يتعرّض له مدرّسو أبنائهم من ظلم وحيف وقد انخرطوا في المعركة جنبا إلى جنب مع جامعة التعليم الأساسي، وقاموا بإغلاق المدارس انتصارا للمدرّسين.

العقود التي طرحتها وزارة التربية، تنتهي بتسوية نهائية للمدرّسين المعنيين، لماذا ترفضونها؟

مبدئّيا نحن نرفض تلك العقود، كما المعنيين من المدرّسين، لمخالفتها النظام الأساسي لقطاع التعليم الأساسي الذي يُمكن اعتماده على حساب القانون العام للوظيفة العمومية في حال وجود تعارض، وثانيا الكواليس والمعطيات تفيد بتوجه الحكومة نحو تسريح ما بين 20 و30 بالمائة من الموظفين للتقليص في كتلة الأجور وإذعانا لأوامر صندوق النقد الدولي والجهات المانحة.

وباعتبار ان وزارة التربية من أكثر الوزارات التي تستوعب موظفين، وفي ظل التوجه الذي تحدثت عنه وما تنصّ عليه العقود المطروحة من طرف الوزارة من تسوية بعد 3 سنوات فإن إمكانية الإستغناء عن خدمات المدرّسين الذين سيُمضون العقود بعد سنة أو سنتين مثلا قائمة بصفة كبيرة،

 وهو ما تعمل وزارة التربية على إخفائه وراء الأجور التي قالت انها ستمنحها للمدرسين الذين سيُمضون العقود، وهي أجور زهيدة بالنظر إلى الشهائد العلمية للمدرّسين المعنيين.

ووزارة التربية لا تدعو لجلسات تفاوضية بل تخيّر سياسة الهروب إلى الأمام وفرض الأمر الواقع بإعادة التوزيع البيداغوجية وإلغاء امتحانات الثلاثي الأول للسنة أولى والثانية من التعليم الابتدائي وضمّ الأقسام وتوزيع التلاميذ على أقسام أخرى.

وبالتالي نحن نرفض طرح الوزارة وعقودها للأسباب التي ذكرتها، مقاطعة التدريس لا تزال متواصلة وناجحة ومستعدّين لمواصلة المعركة مع سلطة الإشراف والجهات المالية المانحة، فمعكرتنا ليست مع أبناء شعبنا المفترض ان يكونوا في مكانهم الحقيقي وهو مقاعد الدراسة، ونحن نلتزم بالتعهّد بتعويض كل ساعة تدريس ضاعت على أبناء شعبنا متى عادت الوزارة عن مخالفة القانون وطبّقته بمنح الحقوق المشروعة للمدرّسين.

وزارة التربية هددت صراحة بالاستغناء عن خدمات كل المدرّسين الذين لم يمضوا العقود بتاريخ الخميس 10 نوفمبر الجاري، كيف سكون ردّكم في حال نفذت وعيدها ؟

التاريخ الذي لوحت به الوزارة كأجل أقصى تم تجاوزه، وقد وقعت الإجابة على تهديد الوزارة بتواجد كل الدفعات والمعنيين بالتسوية أمام مقرّها للإحتجاج، وكذبوا تصريحات المديرين العامين التي أكدوا من خلالها إمضاء العديدين للعقود.

وانا أؤكّد انه مثلا في جهة تونس وقع إمضاء 8 عقود فقط وفي الجهات لم تتجاوز الـ3 بالمائة من جملة المدرسين المعنيين بالتسوية، وبالتالي المدّ النضالي متواصل وسنلحقه بتحركات إحتجاجية في الجهات والأقاليم الأسبوع المقبل تحضيرا للهيئة الإدارية التي ستنعقد يوم 19 نوفمبر الجاري للنظر في الخطوات التصعيدية المقبلة إلى جانب ما أقرته الهيئة الإدارية الأخيرة من حجب أعداد امتحانات الثلاثي الأول ومقاطعة إمتحانات الثلاثي الثاني.

يبدو أن هناك مساعي من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل للتدخّل وحلّ الأزمة، لكن مثلا جلسة الجمعة الماضية كانت فاشلة كما أعلنتم؟

في الحقيقة جلسة الجمعة الماضية بين الجامعة العامة للتعليم الأساسي ووزارة التربية لم تكن جلسة تفاوضية، بل جلسة تريد من ورائها وزارة التربية “الإخراج الإعلامي”، لإظهار صورة الوزارة التي دعت الطرف النقابي للتفاوض ولكنهم لم يقبلوا بالمقترحات ومحاولة لتحويل وجهة الصراع من صراع بينها وبين الجامعة والمظلومين من المدرّسين إلى صراع بين الجامعة وأولياء التلاميذ.

والأخ الأمين العام وعد بالتدخّل مرة أخرى، ونحن ننتظر ولا تزال أيدينا ممدودة للحوار والتفاوض كما كنا دائما، رغم إغلاق وزارة التربية لباب الحوار كما أكد مدير عام الشؤون الإدارية الذي قال ان الوزارة لن تتفاوض بعد الآن مع الجامعة، ومتى تعنّتت وزارة التربية سنصعّد والتهديد سيُقابله التصعيد.

ملفّ المدرسين المعنيين بالتسوية طرأ قبيل انطلاق السنة الدراسية وأصبح ذو أولوية مطلقة مما غطى على مطالب القطاع التي حددها المؤتمر العام الأخير للجامعة، هل تزال تلك المطالب مرفوعة من طرفكم؟

بعد المؤتمر العام القطاعي المنعقد في ماي الماضي، وجهنا اللائحة المهنية الصادرة عنه كسلطة قطاعية أولى لوزارة التربية للتفاوض بخصوص المطالب الواردة فيها، إلا أن وزارة التربية خيّرت عدم فتح المفاوضات ودعوتنا لأي جلسة طيلة الأشهر التي تلت تاريخ انعقاد المؤتمر العام للجامعة العامة للتعليم الأساسي.

وبإحداثها للرتبة الجديدة أو التسمية الجديدة المتمثلة في “عون مكلّف بالتدريس”،

دُفعنا إلى التحرّك وخيّرنا أن ننطلق في مقاطعة التدريس لمواجهة سياسة التشغيل الهشّ إلا ان اللائحة المهنية الصادرة عن المؤتمر العام الأخير وما تضمّنته من مطالب ستكون على طاولة الهيئة الإدارية القطاعية القادمة التي ستنعقد في 19 نوفمبر الجاري.

ما هي أهم المطالب التي تضمنها اللائحة المهنية الصادرة عن المؤتمر العام القطاعي الأخير؟

بطبيعة الحال على رأس المطالب، تحسين الوضع المادي للمدرّسين خاصة أن الحكومة ووزارة التربية أقروا ان أجر مدرسي التعليم الابتدائي زهيد بالنظر إلى ارتفاع الأسعار الجنوني، كما اننا نعتبر ان مدخل الإصلاح التربوي الحقيقي، الذي يمثل أهم مطالبنا كذلك، هو تحسين الوضع المادي والمعنوي للمربّي عبر العائد المالي للترقيات وفتح مناظرات الترقية المهنية وإعادة النظر في المفعول المالي للترقيات التي تبلغ قيمتها في بعض الحالات 40 دينارا خاضعة للأداء.

كل تلك المطالب وغيرها، نضعها على طاولة المفاوضات وسننظر خلال الهيئة الإدارية المقبلة في طرق دفع الوزارة للاستجابة لها وإقرار التصعيد متى صعّدت الوزارة وواصلت سياسة التهديد.

Skip to content