نظم مركز دعم للتحولات الديمقراطية وحقوق الإنسان ضمن فعاليات الجلسة الثانية لـ ‘منتدى دعم’ جلسة حوارية مع عدد من الخبراء في القانون الدستوري وعدد من الفاعلين السياسيين من مختلف الأحزاب السياسية إضافة إلى نشطاء في المجتمع المدني حول المحكمة الدستورية والإشكاليات المتعلقة بمسار إرسائها تحت عنون ”المحكمة الدستورية :لاستكمال البناء الديمقراطي أم لحسم الخلافات السياسية.
ناجي البغوري: غياب المحكمة الدستورية عنوان لتعطل مسار الانتقال الديمقراطي
اعتبر نقيب الصحفيين السابق ناجي البغوري خلال فعاليات المنتدى أن قضية المحكمة الدستورية في تونس تمثل عنوانا للأزمة السياسية في البلاد وإحدى أبرز تجليات تعطل مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.
وبين البغوري أم المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور المصادق عليه في 27 جانفي 2014 مثلت علامة على دخول تونس فعليا في المسار الديمقراطي لما لها من دور أساسي في ضمان دستورية القوانين والحفاظ على ما تم إقراره في الدستور في علاقة بالحقوق والحريات وضمانها للمسار الديمقراطي في تونس برمته.
وأضاف ناجي البغوري أن المشهد السياسي في تونس يفتقر إلى اليوم لجهة قادرة على الحسم في قضايا الحقوق والحريات على غرار المرسوم المتعلق بالإعلام السمعي البصري ودستوريته من عدمه رغم وجود الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين التي تفتقر إلى الصلاحيات والوسائل والآليات الكافية للبت في مثل هذه القضايا الحارقة وحسمها نهائيا.
وأفاد ناجي البغوري أن طرح ملف المحكمة الدستورية بحدة بعد مرور 7 سنوات على المصادقة على دستور 2014 و6 سنوات من إرساء قانونها الأساسي مرده الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية هو ما أعطى للمحكمة الدستورية هذا الدفع و أعادها إلى الأضواء خصوصا في ظل الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها تونس مضيفا بأن المحكمة الدستورية أصبحت بشكل واضح وجلي عنوانا للأزمة وعنوان حل وأمل ومحرك للمسار الديمقراطي من جديد في تونس مشددا في الوقت نفسه على أنه لو يتم إرساء المحكمة الدستورية ستتجاوز تونس العديد من القضايا الحارقة والتأويلات وسيعود قطار المسار الديمقراطي على سكته حسب قوله.
شفيق صرصار: المحكمة الدستورية .. من الحلم إلى المعضلة
أستاذ القانون الدستوري والرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار أكّد أن إرساء المحكمة الدستورية لا يعني انتخاب 4 أعضاء من قبل البرلمان أو 12 عضوا وإنما هو مسار يتمثل لا فقط في استكمال تركيبة المحكمة وإنما استكمال عناصر أخرى منها النظام الداخلي والجهاز التنفيذي وبقية العناصر التي أوجب القانون وجودها لانطلاق العمل المحكمة مضيفا في الوقت نفسه خلال مداخلته ضمن فعاليات منتدى دعم بأنها انتقلت من الحلم إلى المعضلة مشيرا إلى أنها لم توجد بالمرة كمؤسسة في تونس سابقا ومثلت حلما لأجيال من المناضلين والسياسيين والحقوقيين، وجاء دستور 2014 ليحول الحلم إلى واجب دستوري.وأقر بوجود محكمة دستورية في بابه الخامس مع التنصيص على ضرورة إرسائها خلال سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية ..”بمعنى أن هذا الحلم أصبح واجبا لكن بالرغم من الواجب سقطنا في الخرق وذلك بعدم إرساء المحكمة بالمرة بعد فوات الآجال.. وانتقلنا من الخرق إلى المعضلة ”.
هذه المعضلة حسب شفيق صرصار تتمثل في أساسا في النقاش حول القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 ومدى ملاءمته للدستور من عدمه وقبول رئيس الجمهورية بتطبيقه أو سيرفض ذلك.. مشيرا إلى أنه كان قد عبر بشكل دقيق بأن قانون غير دستوري.
يضيف أستاذ القانون الدستوري ”كيف يمكن استشراف وضع خطة لحل الإشكال وإيجاد المحكمة في مدة معقولة خصوصا وأن البرلمان لم يتمكن بعد 6 سنوات من اختيار عضو وحيد من ضمن 4 أعضاء وكان من الممكن ان يكونوا أول خطوة في مسار استكمال تركية المحكمة ومن ثمة التوجه نحو المجلس الأعلى للقضاء ومطالبته باختيار 4 أعضاء آخرين “.
“المجلس الأعلى للقضاء ليس له نظام داخلي والسؤال المطروح كيف سيتمكن خلال مدة معقولة من إيجاد الآليات والقواعد والإجراءات التي ستمكنه من اختيار 4 أعضاء خصوصا في ظل التجاذبات والإشكاليات المتعلقة بفهم معنى قاضي دستوري..ولو تمكن المجلس الأعلى للقضاء من تجاوز هذه الإشكاليات سيتم الانتقال إلى رئيس الجمهورية الذي سيكون آخر من يعين الأعضاء الأربع المتبقين ..وهذا الإستشراف يتطلب وقتا كثيرا ” حسب شفيق صرصار.
يؤكد أستاذ القانون الدستوري في حديثه عن العراقيل التي أدت إلى عدم التوصل إلى إرساء المحكمة الدستورية شفيق صرصار بأن حزبي نداء تونس وحركة النهضة كان بإمكانهما انتخاب 4 أعضاء من تركيبة المحكمة الدستورية خلال جلسة واحدة بالبرلمان وهما الحاصلان على 154 مقعدا وكان بإمكانهما في نهاية 2016 استكمال كامل التركيبة..لكن لم توجد إرادة حقيقية لإرساء المحكمة الدستورية نظرا لغياب الإيمان بمبادئ دولة القانون.
كما يبين بأن القانون الأساسي للمحكمة الدستورية جاء بقواعد من السهل أن تعيدنا إلى نقطة الصفر معتبرا أن هذا القانون لم يكن بالجودة الكافية وجاء مفخخا خاصة في ظل وجود قواعد ستولد صراعات.
ويشدد أستاذ القانون الدستوري على أن المحكمة الدستورية ضحية سياق سيء جدا اتسم بانعدام الثقة بين الفرقاء بعد أن ”أصبح الصراع حول النوايا ..والقول بأن نية إرساء المحكمة الدستورية ليس دولة القانون وإنما نية سيئة الغرض منها السيطرة على السلطات وأصبحت المحكمة لا جسرا لدولة القانون وإنما جسر للاستبداد”.
كمال بن مسعود: رئيس الجمهورية يتوجّس خيفة من المحكمة الدستورية
وشدد أستاذ القانون الدستوري كمال بن مسعود على أن المرحلة التي تمر بها تونس تفرض في أكثر من أي وقت آخر ضرورة إرساء المحكمة الدستورية التي مثلت مطلبا رئيسيا لكل الحقوقيين وأهم مطالب المعارضة السياسية في عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي ولكل من ينتصر للحق ويؤمن بدولة القانون.
واعتبر الدكتور كمال بن مسعود أن دستور 1 جوان 1959 كان دستورا جامدا واجراءت وضعه وتعديله تمنحه علوية وهذه العلوية تظل حبرا على ورق إن لم تكن مشفوعة بمنظومة للرقابة تضمن عدم خرق الدستور من قبل القواعد القانونية الأدنى منه وخاصة النصوص التشريعية. لأن ضمان علوية الدستورية يقتضي أن تبقى أحكام الدستور محترمة من جميع السلطات المؤسسة ،السلطة التأسيسية والسلط التشريعية التنفيذية والقضائية المطالبة باحترام أحكام الدستور نصا وروحا في ما تنتجه من قواعد قانونية.
وأشار بن مسعود إلى أنه تم فرض المحكمة الدستورية في فترة ما بعد الثورة كمكوّن أساسي في المنظومة القانونية التونسيةوتم إنشاؤها صلب وثيقة الدستور ذاته وفي ذلك حماية لهذه المؤسسة الرقابية فضلا عن التنصيص على أن غالبية أعضاء هذه المحكمة البالغ عددهم 12 من المختصين في القانون مع تطعيمها بأعضاء من غير المختصين في القانون على غرار علماء اجتماع وفلاسفة وفقهاء دين وعلماء التاريخ وأهل الثقافة من حاملي شهادة الدكتوراه ويحسنون الموازنة بين ماهو تقني قانوني وسياسي وايديولوجي وثقافي خصوصا وأن الدستور على خلاف باقي النصوص القانونية في أحكامه شحنة سياسية وايديولوجية وثقافية وقيمية وخلاصة توازنات إيديولوجية وسياسية وثقافية في مرحلة ما من تاريخ الدولة.
وبين بن مسعود أن أحكام الدستور المراد تحقيق احترامها ضمانا لعلويتها هي أحكام في بعض جوانبها الأساسية تقني ولكن هناك أحكاما بمثابة القوالب التي تنتظر مضمونا وهذا المضمون سوف يعطى من قبل المحكمة الدستورية ولهذا تمت مراعاة المزاوجة في التركيبة بين ماهو قانوني وماهو غير قانوني.
كما أشار أستاذ القانون الدستوري كمال بن مسعود إلى مراعاة جانب الاستقلالية ضمن القانون التأسيسي المنظم للمحكمة الدستورية حتى لا تسيطر أي سلطة سياسية على هذه المحكمة لذلك تتولى 3 جهات اختيار الأعضاء والاختيار في جهتين هو اختيار بالانتخاب.
واعتبر بن مسعود أن مسألة الأغلبية ليست هي المعرقلة لإرساء المحكمة الدستورية وإنما غياب إرادة سياسية حقيقية خاصة وأن المجلس استطاع تعيين جميع أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالأغلبية نفسها.
وبيّن بن مسعود أن الكل يبحث عن موال له في المحكمة الدستورية مشيرا إلى أن الجميع نسي أن المحكمة الدستورية هي صمام أمان بالنسبة للجميع وستلعب دور المراقب للأغلبية الحزبية الحاكمة وهي أغلبية تتغير وفق نتائج الانتخابات والتوازنات داخل البرلمان والحكومة .
وشدد كمال بن مسعود على أن الثقافة التونسية لم تشهد بعد ترسيخا أي قناعة بضرورة إرساء دولة القانون وإنما ما ترغب فيه النخبة الحاكمة دولة المؤسسات الموالية .
واعتبر بن مسعود أن رئيس الجمهورية الحالي قيس سعيد يتوجس خيفة من هذه المحكمة الدستورية ويعتبر أنه لو أكمل تركيبة هذه المحكمة ستكون سببا في عزله ورحيله من السلطة بناء على طلب من الحزام السياسي لرئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي مؤكدا أن هذا الخوف في غير محله والقول بأن الآجال قد فاتت هو قول لا يستقيم وحكم بأن يبقى دستور الجمهورية الثانية مجرد حبر على ورق ومرمى سهل لكل من تسول له نفسه خرقه وتؤويله بما تشتهي نفسه وليس بما تقتضي أحكامه.
شيماء بوهلال: المحكمة الدستورية أهمية مفصلية في حياة المجتمع المدني التونسي
واعتبرت الناشطة في المجتمع المدني شيماء بوهلال أن الممارسة السياسية ظلت متخلفة عن ما تضمنه دستور 2014 مشددة على أن دور المجتمع المدني يكمن في تذكير الطبقة السياسية بهذا الأمر والدفع نحو تطبيق ما وعد به الدستور من حقوق وحريات وممارسة ديمقراطية حقيقية لا صورية حسب قولها.
وبينت بوهلال أن دور المجتمع المدني غير محدود في مسار إرساء المحكمة الدستورية وليست مبنية فقط على التقيّد بالضوابط القانونية التي تضبط عمله وإنما الضوابط السياسية والتاريخية التي تؤثر على حدود تدخلاته مشيرة إلى أن ممارسات المجتمع المدني سياسية بخوضه في مسائل تهم الشأن العام ويفترض أن لا تكون هذه الممارسات حزبية حتى لا يخسر موضوعيته.
وتشدد بوهلال كذلك ،على ضرورة مقارنة جهود المجتمع المدني بخصوص المحكمة الدستورية بعمله في إرساء هيئات مشابهة معتبرة أن عمل المجتمع المدني كان تقنيا بالأساس.
وانتقدت بوهلال غياب رأي واضح من قبل مكونات المجتمع المدني حول المرشحين لعضوية المحكمة الدستورية والخوض في هذا الملف وفتح قنوات تفاوض مع مجلس نواب الشعب حول الترشيحات التي قدمت. كما شددت على ضرورة سعي المجتمع المدني إلى توضيح موقف رئيس الجمهورية من المحكمة الدستورية.
كما اعتبرت الناشطة في المجتمع المدني شيماء بوهلال أن مسألة المحكمة الدستورية تكتسي علاوة على أهميتها في تعزيز النظام الديمقراطي والسياسي ،أهمية مفصلية في حياة المجتمع المدني التونسي معتبرة أن قبوله بالدور التقني فقط والاكتفاء به يعني قبوله التدجين واتخاذ قرارات تقنية دون تفتقر للروح السياسية وفي صورة قيامه بدوره سياسي منحاز يخسر موضوعيته وهذه المسألة تتطلب حسب شيماء بوهلال الكثير من الحذر والشجاعة في الوقت نفسه.
بدر بعبو: الحقوق والحريات تبقى حبرا على ورق في ظل غياب محكمة دستورية
الناشط في المجتمع المدني بدر بعبو ،عبر بين أن المحكمة الدستورية تعتبر ركنا أساسيا في المسار الديمقراطي الذي أسس له دستور 2014 وضمانة مؤسساتية للحقوق والحريات لما تقوم به من دور رقابي على دستورية القوانين في درجة أولى وحماية الحقوق والحريات في درجة ثانية التي نص عليها الدستور في بابه الثاني وأفردها بـ 21 فصلا.
واعتبر بعبو أن كل الفصول المتعلقة بالحقوق والحريات تبقى حبرا على ورق في ظل غياب المحكمة الدستورية التي ستضمن ملاءمة القوانين وفصول المجلة الجزائية التي مع دستور 2014. مضيفا بأن المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية تتضمن قوانين لا دستورية وفصولا مخالفة للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس.
مسعود الرمضاني: المجتمع المدني متقدم على المجتمع السياسي
واعتبر الناشط في المجتمع المدني مسعود الرمضاني أن القضية الأساسية بخصوص مسار إرساء المحكمة الدستورية في تونس مسألة النضج السياسي وقبول الرأي المقابل ومراعاة الصالح العام وتقديم التنازلات.
وأكّد الرمضاني غياب النضج السياسي المطلوب والقبول بالصراع الديمقراطي في مسار إرساء المحكمة الدستورية وبقية المسارات الأخرى مبينا أن المجتمع المدني في تونس يتسم بالتقدم مقارنة بالمجتمع السياسي مرجعا ذلك إلى عدم توفر الفرصة لهذا المجتمع السياسي للممارسة الديمقراطية.
وشدد الرمضاني على أن الطبقة السياسية الحالية ليس لديها استعداد لفهم المخاطر المهددة لبلاد وتطوير تفكيرها حتى يتماشى مع الديمقراطية واحتياجات البلاد.
وبين مسعود الرمضاني أن المجتمع المدني _الذي أنهكته الصراعات السياسية بعد الثورة واستنفذت جهوده_ مدعو إلى المواجهة وتعديل الكفة والقبول بالواقع الحالي واستيعابه والتعامل معه بشكل واقعي ولعب دوره بتوعية المجتمع بأهمية المحكمة الدستورية.
وتطرق مسعود الرمضاني إلى حالة الإحباط السائدة في المجتمع التونسي والتي يمكن تجاوزها بلعب القضاء لدوره في التصدي للتجاوزات.
مهدي العش: الصراع حول المحكمة الدستورية أصبح وجوديا
واعتبر الباحث مهدي العش أن الإشكال المتعلق بتعطل مسار إرساء المحكمة الدستورية في تونس ليس قانونيا وإنما سياسي فضلا عن انعدام الثقة بين الفرقاء مبينا أن الصراع أصبح وجوديا تحركه غريزة البقاء التي أصبحت المحرك الفعلي للعملية السياسية .
وشدد العش على ضرورة أن يكون الحل المطروح لتجاوز أزمة المحكمة الدستورية سياسيا بامتياز عن طريق آلية التوافق التي تتطلب الحد الأدنى من الثقة بين رئيس الجمهورية والأغلبية البرلمانية من خلال تقديم تطمينا بأن المحكمة الدستورية لن تمثل سلاحا يتم إشهاره من قبل المتخاصمين سياسيا.
نوفل الجمالي: أزمة المحكمة الدستورية دليل على إفلاس الطبقة السياسية
واعتبر القيادي في حركة النهضة والنائب بالبرلمان نوفل الجمال أن أزمة الثقة بين مختلف مكونات الطبقة السياسية في تونس هي السبب في تعطل مسار تركيز المحكمة الدستورية مشيرا في الوقت نفسه إلى أن العديد من الفصول في الدستور حمالة أوجه ووقع تأجيل الحسم فيها مبينا أن الصراعات الإيديولوجية طفت على السطح مجددا داخل قبة البرلمان الحالي.وهي صراعات بعيدة كل البعد عن انتظارات الشعب التونسي الذي يحتاج إلى حلول اقتصادية اجتماعية بالأساس ولا يحتاج إلى دروس في الإيديولوجيا والهوية .
كما بين الجمالي أن الأزمة السياسية سلطت الضوء وكشفت أن المحكمة الدستورية لم تعد مجرد نظام حُكمي ينظر في دستورية القوانين وإنما أصبح آلية حكم ولها علاقة مباشرة بآليات ممارسة السلطة وهي أهم مؤسسات الجمهورية الثانية خصوصا وأن صلاحياتها أكبر حتى من صلاحيات الرؤساء الثلاث مجتمعين وهو ما جعل مسألة التجاذب في ما يتعلق بالأشخاص تصبح مسألة ذات بعد استراتيجي بالنسبة لمكونات البرلمان.
وأكّد نوفل الجمالي غياب نضج سياسي وثقافة تؤمن بالمؤسسات والقوانين الأمر الذي يستدعي الكثير من العمل على تعزيز هذه الثقافة بهدف تجاوز صراعات إيديولوجية يرجع عهدها إلى حقبة السبعينات في الجامعة التونسية.
واعتبر القيادي في حركة النهضة أن أزمة المحكمة الدستورية دليل على إفلاس الطبقة السياسية والنخبة السياسية التونسية بصفة عامة مبينا أن التشكيك في نزاهة وحيادية من سيقع ترشيحهم لعضوية المحكمة الدستورية وقدرتهم على أخذ مسافة عن من قام بترشيحهم دليل على أزمة الثقة التي تعصف بالنخب التي عجزت عن إنتاج أشخاص قادرين على التجميع ولهم قدر من المصداقية تمكنهم من الابتعاد عن كل التجاذبات خاصة إذا ما تعلق الأمر بجهاز مثل المحكمة الدستورية.
نبيل الحاجي:المحكمة الدستورية أصبحت سلاحا من أسلحة المعركة
القيادي في حزب التيار الديمقراطي والنائب عن الكتلة الديمقراطية نبيل الحاجي اعتبر أن تونس تعيش ديمقراطية شكلية خصوصا في ظل وجود مؤسسات تظهر وكأنها قانونية ودستورية فضلا عن وجود ممارسات ديمقراطية على غرار الانتخاب وهي ممارسة بصدد التآكل يوما بعد يوم ،وذلك بهدف إضفاء شرعية على قرارات في خدمة بعض الأطراف السياسية.
وشدد الحاجي على أن مجلس نواب الشعب الذي يمثل السلطة التشريعية أصبح أداة في لمصلحة حزبية ذاتية معتبرا في الوقت نفسه أن الكل انخرط في مسرحية سيئة الإخراج والمحكمة الدستورية أصبحت فصلا من فصولها.
وتابع الحاجي ”بأن الأفضل أن لا تمر المحكمة الدستورية في هذه الفترة لأنه سيُطعن في استقلاليتها ونزاهتها ومطعون في شرعيتها”.
كما اعتبر النائب في البرلمان عن الكتلة الديقمراطية بأن المحكمة الدستورية أصبحت سلاحا من أسلحة المعركة السياسية وديكورا مؤثثا للمسرحية التي تشهدها الساحة السياسية في تونس.
وبين نبيل الحاجي بأن السبب الحقيقي لحالة الانسداد في مستوى مسار إرساء المحكمة الدستورية ،الفاعلين في المشهد السياسي التونسي وليس النصوص القانونية.
سمير ديلو:الأفضل أن تبقى المحكمة الدستورية حلما جميلا على أن تكون واقعا مؤلما
القيادي في حركة النهضة سمير ديلو اعتبر ، بين أن وجود المحكمة الدستورية لن يحل الأزمة السياسية التي تمر بها تونس حاليا مبرزا أن المسألة أعقد بكثير خصوصا في ظل خوض انتقال ديمقراطي دون ديمقراطية متأصلة في الفاعلين السياسيين.
وأضاف ديلو بأن إمكانية حل الخلافات في المرحلة الراهنة لن يكون إلا عبر جهة تحكيمية أو تعديلية وفي الظرف الحالي يتم البحث عن إرساء محكمة دستورية وهي محكمة تم تجاوز آجالها الدستورية حسب القراءة الرئاسية إضافة إلى أن الدستور كذلك أصبح محل تساؤل من قبل بعض الأطراف على اعتبار أنه وُضع نتيجة عمليات بيع وشراء وتوزانات وعمل لوبيات.
وشدد القيادي في حركة النهضة على أن غياب المحكمة الدستورية في ظل الظروف الحالية أفضل من وجودها وهي فاقدة للمصداقية ومطعون في مشروعيتها وأن تبقى حلما جميلا أفضل من أن تكون واقعا مؤلما خصوصا في ظل استبطان البعض من تركيزها خلع الرئيس أو استبطان تطويعها لخدمة أهدافه.
محمد عمران: نجاعة عمل المحكمة الدستورية أهم حتى من مسار إرسائها
وبين المدير التنفيذي لمركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان محمد عمران أن اعتبار النظام السياسي المصري _الذي يظم من بين عناصره محكمة دستورية _كنموذج ناجح من بين دول الربيع العربي، خصوصا في ظل تحقيقه لطفرات اقتصادية مجانب للصواب ،حيث سيطرت السلطة التنفيذية الممثلة أساسا في مؤسسة رئاسة الجمهورية على بقية السلطات التشريعية والقضائية وجعلتهما تحت قبضتها.
وأوضح أن هذه المسألة تطرح فكرة نجاعة المؤسسات الدستورية في ظل نظام ديكتاوري حيث بيّن عمران أن الفترة التي تولى خلالها رئيس الجمهورية المصرية عدلي منصور رئاسة المحكمة الدستورية شهدت سن وتشريع أكبر مجموعة من القوانين اللادستورية والمتعسفة.
وأشار إلى وجود قوانين في مصر لا يمكن تصديق أنه تم سنّها في ظل نظام يحتوي على محكمة دستورية، مفيدا على سبيل المثال بأن كل موظفي القطاع العام في مصر مهددون بإجراء تحليل مخدرات في أي وقت ولو كان إيجابيا يتم رفته وهي مسألة تنتهك حريته الشخصية وتجعله مهددا في قوته إضافة إلى إمكانية الطرد على خلفية شبهة الانتماء لجماعة الأخوان المسلمين.
وشدد محمد عمران على أن المحكمة الدستورية في تونس لن تكون الحل السحري لكل الملفات في صورة عدم إرسائها على أسس صحيحة ووضع مكانيزمات تضمن جودة أداءها مؤكدا أن هذه الأسس التي تضمن نجاعتها وتضع صورة واضحة لكيفية عملها وتجديد أعضاءها مستقبلا أهم حتى من إرسائها .
وعبر المدير التنفيذي لمركز دعم عن أمله في أن تتوجّه الأحزاب السياسية والرئاسات الثلاث إلى اعتماد آلية التوافق التي اشتهر بها النموذج التونسي، في مستوى إرساء المحكمة الدستورية والابتعاد عن ممارسات سياسية في مستوى اختيار المرشحين من شأنها تكريس عملية النفور لاختيار أعضاء المحكمة الدستورية المنشودة.