أخبار مدنية

منتدى ‘دعم” يتطرق الى مسألة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية في المنطقة العربية

تطرق منتدى دعم الثالث الذي ينظمه مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية وذلك انطلاقا من ورقة بحثية قدمها الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول “التحديات الثقافية والاجتماعية بالمنطقة العربية: الواقع، الأسباب” وتفاعل عها عدد من الخبراء من مصر وليبيا وتونس.

لا يمكن الحديث عن حقوق اقتصادية واجتماعية دون بقية الحقوق المدنية والسياسية

واعتبر الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مسعود الرمضاني أن فشل الدول العربية في تحقيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية والبيئية أدى إلى الثروات العربية في سنة 2011.
وبيّن الرمضاني أن الثورات العربية فشلت لأن الأحزاب السياسية لم تكن تحمل مشروعا بديلا للواقع العربي على مستوى التحديات مفيدا في الوقت نفسه أن الدولة العربية تشهد نوعا من الحركات الاجتماعية التي لا تحمل سوى مطالب آنية واحزاب سياسية ليس لها بدائل واوضاع اقتصادية واجتماعية متدهورة على كل المستويات.
وأشار الرمضاني إلى أن الشباب العربي يشكل أكبر نسبة سكانية إلا أنه يعاني أكبر نسبة من البطالة والاشكاليات المتعلقة بالهجرة غير النظامية والالتحاق ببؤور التوتر إضافة إلى أن دول المنطقة العربية تشهد ظاهرة غريبة جدا فبقدر ما يتحصل هذا الشباب على التعليم بقدر ما تتضاءل إمكانية وصوله إلى سوق الشغل وهو ما يخلق هجرة الأدمغة.
وبين الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مسعود الرمضاني أن الدول العربية فشلت في تحقيق المواطنة لشعوبها ودائما ما تنظر لشعوبها كرعايا قبل وبعد الثورات العربية ولا هم لها سوى السيطرة على مفاصل السلطة بكافة أشكالها ورفض أي تغييرات في منوال التنمية وارساء التوازن الجهوي والشعارات التي نادت بها الثورات العربية.
وفي تفاعلها مع الرمضاني ،تحدثت رئيسة فرع القيروان للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها المنطقة العربية في ظل التحولات الإقليمية والعالمية خاصة في ما يتعلق بمدى تكريس الدول العربية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها.
وأشارت إلى أن الدعوة موجهة للدول العربية لاستعادة دورها في تنمية الاقتصاد ودورها الاجتماعي مع الدعوة إلى ضرورة الخروج من الانغلاق السياسي بإصلاحات تمنح للمواطنين الحقوق المدنية والسياسية وتعمل على تحقيق تطلعات الشباب .
وبينت الدور المتزايد الذي تلعبه الحركات الاجتماعية في المنطقة في ظل ضعف الأحزاب السياسية والنقابات وهي تقوم بدور من أجل القيام بإصلاحات إلا أنها تفتقد لمشروع سياسي وسرعة تأثرها بالخطاب الشعبوي.

انتهاكات للحقوق الاقتصادية للنساء بصفة خاصة

وتطرقت سوسن الجعدي إلى الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة العربية والتي الت دون تحقيقها لمكاسب اقتصادية واجتماعية معتبرة أن أهم انتهاك تتعرض له النساء العربيات باختلاف الأديان هو المساواة في الإرث وهو ما يعتبر عنفا اقتصاديا بما أنه يحرمهن من التصرف في الموارد الاقتصادية مما يعمّق نسب التهميش والفقر في صفوفهن.واشارت في هذا السياق إلى أن جرائم الشرف في اليمن تعد ذريعة للتخلص من مشاركة الإناث في الإرث كما يحرم حوالي 95 بالمائة من النساء في الصعيد المصري من الميراث وتكثر في هذه المنطقة جرائم متعلقة بالميراث.
مشروع قانون المساواة في الإرث في تونس وكيف لقي معارضة شديدة لا فقط من الأحزاب المحافظة ذات المرجعية الدينية وإنما من الأحزاب والشخصيات التقدمية بتعلّة أن الوقت لم يحن .وبينت سوسن جعدي أن هذه المعارضة كشفت مدى انغراس الفكر الذكوري الأبويى لدى جزء كبير من النخبة التونسية وكشفت عن مفارقة أخرى متمثلة في أنه عندما يتعلق الأمر بالمارد الاقتصادية تركن الشعارات المتعلقة بالعدالة والمساواة والديمقراطية جانبا ويتم اللجوء إلى النص الديني الصريح علما وأن العديد من النصوص الأخرى الصريحة وقع تجاوزها حسب تعبيرها.
وشددت سوسن الجعدي على أن مسألة الميراث تشكل انتهاكا كبيرا لحقوق النساء ويمثل شكلا من أشكال التمييز والهيمنة والتمكين الذكوري في المجتمعات العربية .وبينت أن المنطقة العربية في حاجة إلى تشريعات لا فقط تقر بحق النساء في الميراث وإنما تشريعات تجرّم منع النساء من الوصول إلى هذا الحق .
كما أفادت رئيسة فرع القيروان للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سوسن الجعدي بأن المساواة بين النساء والرجال في المنقطة العربية ظلت شكلية. فبالعودة إلى الدساتير في تونس ومصر واليمن التي تضمنت إقرارا لمبدأ مساواة المواطنين والمواطنات أمام القانون إضافة إلى تضمن دساتير المغرب والجزائر والبحرين وتونس لمنع لكل أشكال التمييز إلا أن تحقيق هذا المبدأ ظل ملتبسا وتحقيقه اقتصر على الحقوق المدنية والسياسية ولم يمكن من مكتسبات اقتصادية واجتماعية .
واعتبرت سوسن الجعدي أن دول المنطقة العربية في حاجة إلى قوانين تكرس فيما بعد تغيير الممارسات الاجتماعية والعقليات.
كما أشارت الجعدي إلى أن المنطقة العربية تشهد فجوة كبرى بين الجنسين في سوق العمل واستنادا على تقرير البنك الدولي فإن هذه الفجوة تتسبب في منطقة الشرق الأوسط في انخفاض في الدول القومي بنسبة 27 بالمائة مما يستدعي دفع المرأة إلى أن تكون فاعلة في سوق العمل لا من أجل التمكين الاقتصادي للنساء وإنما من أجل الارتقاء بالاقتصاديات في دول الشرق الأوسط.
وتطرقت سوسن الجعدي إلى غياب التشريعات القانونية المتعلقة بالحقوق الشغلية خاصة في القطاعات الهشة وغير المهيكلة إلى جانب غياب احترام الاتفاقيات الدولية وهو ما يفسح المجال للعديد من أشكال العنف والاستغلال للنساء.

المرأة لم تحقق مكاسب اقتصادية رغم مشاركتها ثورات الربيع العربي

وتؤكد سوسن الجعدي ضرورة تغيير العقليات والصورة النمطية والتمثلات الاجتماعية الموجودة والمرتبطة بمجتمع ذكوري أبوي والعمل على تغيير هذه الصورة اعتمادا على البرامج التربوية والإعلام.
واعتبرت الجعدي أن أهم ضامن للدفاع وتكريس الحقوق الاقتصادية الاجتماعية للنساء ،مزيد دعم وصول المرأة إلى مراكز القرار ومشاركتها الفعلية في المسارات السياسية حتى تتمكن من التعبير عن حاجياتها. وأضافت بأنه بالرغم من مشاركة النساء في ثورات الربيع العربي والحركات الاحتجاجية بمختلف أشكالها إلا أنها لم تتمكن من تحقيق مكتسبات اقتصادية مشيرة إلى أن ما تحقق من تشريعات منذ سنة 2011 تعلق أساسا بالحقوق المدنية والسياسية بالإضافة إلى تكريس القوانين لمبدأ ملتبس للمساواة لم يغيٍّر شيئا على أرض الواقع .
وأكّدت الجعدي أن مسار المساواة الذي يعتبر أهم ضمانة لتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء في مختلف الدول العربية ظل معطلا.

الأزمة السياسية والعسكرية أثرت على الاقتصاد الليبي
الناشط بالمجتمع المدني في ليبيا عبد الفتاح راجح، كشف أن الوضع في ليبيا ما قبل 2011 يختلف على ليبيا مابعد الربيع العربي مبينا أن ليبيا تعاني مشاكل سياسية وعسكرية أثرت على الاقتصاد بشكل كبير خصوصا في ظل انتشار الأسلحة وعدم سيطرت الدولة على الكثير من الموارد الاقتصادية أهم الحقول النفطية .
وأشار عبد الفتاح راجح إلى أن زعزعة الاقتصاد الليبي بعد 2011 أدى إلى انحدار كبير لقيمة الدينار الليبي أمام الدولار الأمريكي مما أدى إلى تدني مستوى المعيشة .
وبين أن ليبيا بالرغم من أنها دولة نفطية إلى أنها وضعا اقتصاديا صعبا فضلا عن امتلاكها لأكبر ساحل في المتوسط إلا أن استغلاله ليس بالشكل الكافي من الناحية الاقتصادية مما يستوجب إمكانية دعم قطاعات حيوية أخرى على غرار السياحة في هذا الساحل المتوسطي.

وأضاف عبد الفتاح راجح بأن التنمية في ليبيا تعتبر متدنية بالرغم من توفر الموارد التي لا يتم استغلالها بشكل جيد على غرار عائدات النفط الكبيرة نتيجة عدم وجود استقرار سياسي وعسكري وتدخل القبيلة في النظام السياسي وتأثيرها على بعض القرارات الاقتصادية وغياب دور الأحزاب وانتشار موجة الشعبوية.

وأشار في هذا الصدد إلى الإنفاق في ظل الحكومة الحالية أصبح غير مدروس بغاية إرضاء الشعب الليبي بهدف كسب أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات القادمة.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مصر تراجعت

وأشار إلى الدول العربية المستبدة ترفض الجوانب المتعلقة بالحريات السياسية والحقوق الفردية بتعلة التركيز على جانب آخر من الحقوق وهي بالأساس حقوق اقتصادية واجتماعية وهي تفرقة غير سليمة وغير واقعية معتبرا أنه لا يمكن الحديث حقوق اقتصادية واجتماعية دون حقوق سياسية ومدنية.

وأشار إلى أن الوضع في مصر، فإن السياسات العامة المعتمدة منذ التسعينات هي سياسات تقشفية نيوليبرالية متوحشة إلا أنه وعلى مدى السنوات الأخيرة تعمقت هذه السياسات من خلال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مما أدى تعويم العملة ورفع مكثف ومتكرر لأسعار الوقود والخدمات العامة.
وأشار إلى أن الأرقام في مصر اثر برنامج الإصلاح تبين التحاق 5 مليون فقير لقائمة الفقراء وهذا الرقم مرجح للارتفاع بعد أزمة كورونا التي أدت إلى فقدان العديد من مواطن الشغل.
كما شهدت مصر تراجعا كبيرا في مستوى الحقوق الصحية والإنفاق على الصحة والتعليم وغيرها من الحقوق.

التفكير في مسألة خلق الثروة تركت للدولة

وبين رئيس تحرير جريدة المغرب زياد كريشان ، أن التيار التقدمي الديمقراطي الاجتماعي لا يهتم في مختلف الدول العربية بكيفية إنتاج الثروة قبل أن تفكر في توزيعها معتبرا أن هذه المسألة تركت للدولة .
وأشار زياد كريشان إلى أن الدول الوطنية التي قامت اثر حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار وأقامت دولة راعية مهيمنة واستبدادية حولت المواطنين إلى رعايا إلا أنها حققت مكاسب هامة على مستوى الصحة والتعليم والتنمية لبعض الجهات المهمشة مقابل الاستئثار بالسلطة السياسية.
و حققت حسب كريشان في العقود الثلاث التي تلت الاستقلالات في مختلف الدول العربية نوعا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ثم جاءت شروط البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والجهات المانحة وتراجع دور الدول الراعية تحت هذه الضغوط وتم الدخول في مرحلة النيوليبرالية وقوامها تراجع دور الاجتماعي وازدياد مديونيتها بما فاقم الصراعات الاجتماعية وأدى إلى انتفاضة الشباب في إطار الربيع العربي في بعض الدول.
وأشار إلى أن السلط في دول ما بعد الربيع العربي لم تتمكن من تغيير منوال تنميتها وخلفت خيبة أمل تترجم في موجات احتجاجية في صفوف الشباب سوى عبر التحركات الاجتماعية أو عبر الهجرة غير النظامية.
ويؤكد رئيس تحرير جريدة المغرب زياد كريشان بأن تونس كانت على مشارف الإفلاس الفعلي منتصف الثمانينات مما جعلها تلجأ إلى سياسة الإصلاح الهيكلي بالاعتماد على صندوق النقد الدولي.
وبين كريشان أن فكرة قدرة الاقتصاد على خلق الثروة ومعيقات هذه القدرة هي التي دفعت بكل الدول العربية إلى الارتماء في أحضان صندوق النقد الدولي لأنه لم يعد بإمكانها تمويل اقتصادها من الداخل وإدارة الحياة اليومية للناس كما كانت تديرها على امتداد العقود الثلاثة الأولى من الاستقلال.
واعتبر رئيس تحرير جريدة المغرب بأنه لا يمكن الحديث عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بمعزل عن قدرة الدول العربية على خلق الثروة وهل هو اختصاص حصري للدولة أم هو مسألة اجتماعية مجتمعية.

Skip to content