حوارات

نعيش محطة انتخابية مغايرة للاستحقاقات التي عاشتها بلادنا سواء من حيث الظرفية أو التوقيت أو المناخ العام الذي تجري فيه

رئيسة مُراقبون لـ "الجريدة المدنية":

فطين حفصية
صحفي
كشفت رئيسة جمعية مراقبون رجاء جابري أن المكونات المدنية الانتخابية من بعض الجمعيات والملاحظين ستكون في الخط الرقابي الأول لسير كل العملية الانتخابية المتصلة بالاستفتاء المرتقب يوم 25 جويلية 2022 بعد أن راكمت جملة تجارب استهلتها منذ المحطة الانتخابية التأسيسية في أكتوبر 2011 نهاية بالانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة آوانها في العام 2019.
 
وتابعت أن “مراقبون” وفروعها ستكون موجودة لملاحظة الاستفتاء، الذي يمثل الجزء الأول من مسار انتخابي ينتهي أواسط نهاية العام الحالي بانتخابات تشريعية، وعبر خصوصية استثنائية أهمها عامل الزمن الذي يحكم الجميع وطبيعة هذا الاستحقاق الانتخابي الأول من نوعه إذ لم يسبق أن دعي التونسيات والتونسيون إلى صناديق الاقتراع للتصويت على مشروع دستور جديد رغم أنهم كانوا على موعد مع استفتاء صوري” تسعيني النسبة ” في عام 2002 وتم بمقتضاه تعديل دستور 1 جوان 1959.
 
في هذا الحوار مضت رئيسة جمعية مراقبون في عرض الموقف من السياق العام الذي يجري فيه هذا الاستفتاء وكل ما يتصل ببعض الجوانب الانتخابية وما حف بعمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
 
كيف تنظرون إلى المناخ الانتخابي الحالي الذي يأتي في سياق خصوصي استثنائي؟ 
 
فعلا نعيش محطة انتخابية مغايرة للاستحقاقات التي عاشتها بلادنا سواء من حيث الظرفية أو التوقيت أو المناخ العام الذي تجري فيه. وعلى عكس الانتخابات التشريعية أو الرئاسية التي يتنوع فيها المشهد السياسي والانتخابي والدعائي فإن الاستفتاء كنوع من الاختبار الديمقراطي بين نعم ولا يتيح التنافس بين معسكرين أساسيين هما الرافض والمؤيد فضلا طبعا عن شق ثالث يختار المقاطعة للمسار برمته أو عدم الاهتمام به أصلا .
 
لما تم تنصيب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات جرت دعوتنا رسميا كمجتمع مدني لملاحظة الانتخابات واعربت هذه الهيئة عن نية تفاعلها مع الجمعيات والمكونات المدنية وتسهيل مهمتها، ومن الاشياء الايجابية ان مداولاتها يتم بثها مباشرة عبر صفحتها الرسمية ويمكننا متابعتها لكن ذلك غير كاف باعتبار انه كان عليها الاستبطان المسبق لمعيار الشفافية واتاحة المعلومة و تطبيقه في ممارساتها .
 
* كيف يتم عمليا هذا الاستبطان ؟ 
 
إلى الآن لازلنا نرى أن الهيئة لما تنشر مضامين ومعلومات على صفحتها الرسمية فانها تدرجها على شاكلة خصوصية ال PDF وهو أمر من الصعب أن يصل إليه الجميع أو يكون في  المتناول ولنا في الرموز الخاصة بالتسجيل بمراكز الاقتراع للتسجيل أفضل مثال حيث يبقى الناخب المسجل أمام حيرته لتغيير مركز اقتراعه يوم الاستفتاء.
 
ما المانع أن يوضع هذا الأمر ذلك في تطبيقة سهلة أو في ملف EXEl لتيسير الأمر على الجميع فببحث بسيط يمكن للناخب أن يجد مركزه، وهذه أشياء كنا دعونا إليها الهيئة منذ انتخابات 2014 وللأسف ظلوا لا يستبطنون مبدأ إتاحة المعلومة وتبسيطها ثم تيسيرها للناخب.
 
 إن جوهر العملية الانتخابية هو الناخب وحين لا تسهل له الولوج إلى المعلومة أوتبسطها له أو تعطيه مكان اقتراعه وحين لا تعطيه تطبيقات أو مفاتيح تيسير لتغيير مكان انتخابه أو التسجيل أو كيف يحصل على الروزنامة الانتخابية فإن ذلك سيكون عنصرا سلبيا خصوصا في ظل العزوف الموجود وعدم اهتمام الناخب العام بهذا المسار لذلك كان هذا الأمر مثار قلق بالنسبة إلينا في المناخ العام الذي يجري فيه الاستفتاء باعتباره معيارا جوهريا وكثيرا ما دعونا الهيئة السابقة والحالية إلى الاشتغال عليه وتضمينه في مسار عملها الانتخابي.
 
* ماهي وسائل الاستنتاج التي بنيتم عليها جملة توقعات كثيرا ما تكررونها حول حصول عزوف كبير خلال الاستفتاء؟ 
 
لقد اطلقنا هذا الاستنتاج الأولي بعد متابعة طويلة لعدة محطات انتخابية في تونس بداية من 2011 ثم مراكمة جملة تجارب أخرى ، وهذا العزوف لا نتحدث عنه نحن فقط بل يتم التداول بشأنه الأن في وسائل الاعلام بعد أن أكده خبراء ومحللون منذ الاستحقاقات السياسية السابقة إذ تم رصد عزوف واضح أشرته الأرقام والنسب في سلوك الناخب وهو بصدد التزايد أكثر، لكن المشكل الأكبر هذه المرة أن المسار برمته لم ترافقه حملة للتحسيس والتوعية وارشاد الناخب حول الاستفتاء وطبيعيته وعملية التسجيل والتحيين وكل ذلك سيجعل من نسبة المشاركة حسب تقديرنا ضعيفة.
 
ثانيا تاريخ هذا الاستفتاء يطرح اشكالا لأنه سيتم في ذروة فصل الصيف التي تتزامن وتاريخ 25 جويالية وهو تاريخ يرافقه طقس حار جدا قد يعطل أيضا كل الجوانب اللوجستية لأنه في التجارب المقارنة يتم تحاشي الفترات الصيفية الحارة أو الشتوية الباردة عند تحديد المواعيد الانتخابية. 
 
الامر الثالث أن هذا اليوم يتزامن مع يوم راحة بعد عطلة نهاية أسبوع طويلة أي عطلة تجمع تباعا أيام السبت والأحد والإثنين كما أن فصل الصيف يتميز بانشغال المواطن التونسي بجملة من الاحتفالات والمناسبات العائلية وهذه أيضا من المؤشرات المحددة التي لما تتجمع تعطي نتيجة منطقية وهي العزوف وبالتالي الحصول على نسبة مشاركة ضعيفة في حال لم يتم رفع التحدي الكبير لهذه السنة وهو الوصول إلى نسبة مشاركة معقولة خاصة وأننا لم نضبط نسبة مشاركة دنيا لقبول مشروعية هذا الاستفتاء.
 
*كيف تتابعون سير عملية التمويل التي تترك في كل انتخابات سيلا من الاسئلة والتقارير والاتهامات بين الأطراف المتنافسة خصوصا في ما يتعلق بشفافيتها ومصادرها؟ 
 
الحملة ستنطلق بعد ساعات قليلة والهيئة لم تضبط معايير واجراءات وسقف التمويل وكيفية توزيعه على معسكري النعم ولا وهذا يطرح إشكالا حقيقيا ما قبليا.
 
 من حيث المبدأ، وفي حال صدور جملة من القرارات من الهيئة فإنه لا بد من احترامها على مستوى عدم تجاوز سقف التمويل المنصوص عليه وشفافية هذا التمويل والتصريح بالحسابات البنكية وعلى البنك المركزي في المقابل التعاون التام في هذا الاطار عبر اتاحة الولوج إلى الحسابات البنكية والتثبت من عمليات التمويل وهو ما تم الاحتجاح بشأنه من الهيئة السابقة.
 محكمة المحاسبات لها أيضا دور جوهري إذ عليها أن تدرس ملفاتها بسرعة قبل اصدار تقريرها الذي لا يجب أن يبقى في الرفوف كالعادة بعدم التتبع القضائي لما يرد فيه من مضامين وبالتالي تكريس سياسة الافلات من العقاب مرة أخرى.
 
في كل ذلك هناك جملة من المعايير التي تنظمها جملة من النصوص الترتيبية والقرارات التي تصدرها الهيئة في ما يخص الاستفتاء ما يعني أن كل الحلقة المتصلة بالعملية التمويلية لا بد أن تعمل وتؤدي إما دورها الرقابي أو التعديلي وفي حال حصل اختلال فإن كل العملية تختل آليا.
 
*كيف ستتم عمليات الملاحظة لهذا الاستفتاء؟
 
لقد أتاح الفصل 4 من القانون الانتخابي اعتماد الملاحظين سواء المحليين أو الدوليين أو الطواقم والبعثات الإعلامية أو الأجانب أو الضيوف شريطة الحصول طبعا على هذا الاعتماد القانوني وأصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في هذا الإطار بلاغا تنظم فيه عملية الاعتماد.
 
صحيح أن الهيئة تأخرت نوعا ما في فتح باب قبول المطالب الخاصة بالاعتماد ولكن مؤخرا تم فتح ذلك عبر تغيير يتم بمقتضاه التوجه نحو الهيئة الفرعية تونس 2 بدل المقر المركزي ونحن في شبكة “مراقبون” قدمنا جملة من مطالب الاعتماد وتلقينا ردا ايجابيا عبر مدنا باعتماد مؤقت في انتظار تركيز وكالة خاصة بالشارات الرسمية وسنكون حتما في الموعد لملاحظة كل مجريات هذا الاستفتاء قبل تدوين تقاريرنا النهائية التي دأبنا على إطلاع العموم عليها.
 
*وماذا بشأن الملاحظين الأجانب خصوصا بعد التأويلات التي رافقت تصريح رئيس الجمهورية عن عدم الحاجة لهؤلاء؟
 
إن اعتماد الملاحظين الأجانب كان من الممارسات الجيدة منذ 2011 وفي إطار تعدد المسارات الديمقراطية كان هناك عدد مهم من المجتمع المدني المحلي التونسي والاجنبي يشارك في ملاحظة الانتخابات ويعطي قراءته وملاحظاته لهذا المسار حيث تحصل الفائدة عبر ما يفيدوننا به في تقاريرهم ومتابعاتهم وتوصياتهم لأنها في النهاية ستدعم المسار برمته سواء ورد ذلك من الملاحظين المحليين أو الأجانب وكان هناك قبول عام لجملة التوصيات والعمل على تدارك الأخطاء بتنقيح بعض القوانين الانتخابية مثلا. 
 
ما تم هذه السنة هو أن اللفصل 4 من القانون الانتخابي يتيح للملاحظين المحليين والدوليين العمل والهيئة في بلاغها الذي نشرته أتاحت ذلك ولم تقدم أي توصية أو اجراء بشأن الملاحظين الدوليين لكن الاشكال هنا هو أن بعثات الملاحظة الدولية ترتب شؤونها وتستعد في مدة زمنية معقولة وقبلية للمناسبة الانتخابية وهو أمر تم بشكل متأخر في حالة هذا الاستفتاء عبر صدور أمر دعوة الناخبين في 25 ماي الفارط ثم نشر الروزنامة المتأخرة للهيئة وأخيرا كل المسار الذي يحوم حول الاستفتاء ترك الملاحظين الدوليين لا يتقدمون بالعدد المطلوب.
 
Skip to content