مقالات

وضع اقتصادي واجتماعي هشّ في ظل غياب تشريعات تحمي حقوقهم

المهاجرون واللاجئون في تونس

مجدي الورفلي
صحفي

كشفت دراسة حديثة حول أوضاع اللاجئين والمهاجرين في تونس أن اثنين بالمائة فقط، ممن تم استجوابهم، قد أعربوا عن رضاهم التام عن ظروف العمل، مقابل 39 بالمائة غير راضين عن ظروف عملهم. وأكدت الدراسة أن غالبيتهم يعملون في القطاع غير المنظم ودون عقود قانونية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال الاقتصادي وخارج التغطية الاجتماعية وغير قادرين على إرسال تحويلات إلى عائلاتهم بحكم تدني أجورهم أو عدم سداد رواتبهم.

 خلصت دراسة بعنوان “المصاعب المخفية للقوى العاملة الغائبة عن الأنظار: الحياة الاقتصادية للاجئين والمهاجرين في تونس”، والتي أنجزها مركز الهجرة المختلطة في شمال إفريقيا ومؤسسة هاينريش بأول، أن اللاجئين والمهاجرين العاملين دون عقد قانوني يتعرّضون إلى الاستغلال الاقتصادي بحسب شهاداتهم، وغالبا ما يمنع بعض اللاجئين وطالبي اللجوء من الحصول على عمل رسمي في ظل عدم وجود قانون تونسي للجوء يضمن حقهم في الوصول إلى سوق العمل وخاصة في ظل عدم تمكنهم في كثير من الأحيان من الوصول إلى عدة وثائق مثل جواز السفر وبطاقة الإقامة.

انعدام الأمان الوظيفي

الدراسة التي ارتكزت في جانب كبير منها على استبيان خلال الفترة الممتدة من شهر أفريل 2020 إلى فيفري 2021 وشمل أكثر من 30 جنسية من بلدان إفريقيا والشرق الأوسط، ذكرت ان عديد المستجوبين أكدوا أن أرباب العمل يستفيدون من هشاشة وضع اللاجئين والمهاجرين ومن سبل عيشهم غير المستقرة ومن غياب الأطر القانونية المنظمة لعملهم خاصة خلال فترة انتشار فيروس كوفيد 19 في تونس. 

المخاطر الرئيسية في مكان العمل والصعوبات التي يواجهونها، والتي ذكرها اللاجئون والمهاجرون، تتمثّل أساسا في تعرضهم الى العنف اللفظي كخطر يواجهه الأشخاص الذين يعملون بكل من القطاعين الرسمي وغير الرسمي على حد السواء وعدم قيام أرباب العمل بصرف الأجور في التاريخ المحدد مع إمكانية تعرض بعض العاملين من المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في تونس إلى خطر عدم سداد أجورهم، لتنتج كل تلك المخاطر انعدام الأمان الوظيفي لديهم.

استحالة الولوج الى الخدمات المصرفية

المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء في تونس ممن يعملون في القطاع غير المنظم يتحصّلون على دخل مادي لا يكفي عادة لتغطية النفقات الشهرية للمعيشة الأساسية وهو ما يدفع الغالبية منهم الى اللجوء الى السكن المشترك مع عدة أشخاص للتوفير في سعر الإيجار، وهذه إحدى آليات التعامل مع الدخل المادي الضعيف، كما يمثّل الوصول إلى الخدمات المصرفية أهم الصعوبات التي تعترضهم.

إذ أكد أغلب اللاجئين والمهاجرين الذين شملهم الاستبيان والمقابلات أنهم واجهوا صعوبات وتعقيدات كبيرة منعت الوصول إلى الخدمات المصرفية وفشلت كل محاولتهم لفتح حسابات مصرفية في البنوك التونسية أو حتى إرسال تحويلات إلى عائلتهم في الخارج بسبب افتقادهم الى الوثائق المطلوبة لفتح حساب مصرفي أو التمكن من تحويل الاموال أو تلقيها كجوازات السفر أو بطاقات الإقامة.

توزيع مجالات العمل والأجور

حوالي 45 بالمائة من جملة 76 لاجئا ومهاجرا من جنس الذكور تم استجوابهم خلال شهري مارس وأفريل 2021 في إطار دراسة “المصاعب المخفية للقوى العاملة الغائبة عن الأنظار: الحياة الاقتصادية للاجئين والمهاجرين في تونس” يعملون في مجال البناء وأكثر من 50 بالمائة منهم يعملون في محلات تجارية وفي مطاعم فيما تعمل 50 بالمائة من المهاجرات واللاجئات اللواتي شملهنّ الاستجواب في الأعمال المنزلية فيما تعمل حوالي 40 بالمائة منهن في المقاهي والمطاعم.

الرواتب والأجور الشهرية التي يتقاضاها المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء في تونس غير قارة وموحّدة حتى إن كان العمل نفسه حيث تختلف حسب المناطق والولايات، ففي ولايات تونس الكبرى وخاصة في ولاية بن عروس يتحصلّ المهاجرون واللاجؤون وطالبو اللجوء على معدل الأجر الشهري الأعلى في تونس ليبلغ قرابة 783 دينارا تليها ولاية أريانة بأجر شهري يناهز الـ638 دينارا فيما اوردت الدراسة انه تم تسجيل ادنى معدل للأجر الشهري في ولاية سوسة.

التوصيات

دراسة “المصاعب المخفية للقوى العاملة الغائبة عن الأنظار: الحياة الاقتصادية للاجئين والمهاجرين في تونس” تضمنت عددا من التوصيات، وعلى رأسها ضرورة تحسين ظروف عمل وعيش المهاجرين الذين يعانون من ظروف قاسية في العمل ويضطلعون بأعمال شاقة جدا مقابل أجور زهيدة وبتحفيز إدماجهم في سوق العمل التونسي من خلال تعديل قانون العمل التونسي وتنظيم حملات توعية وتحسيس لفائدة أصحاب العمل و العمال التونسيين.

وشددت الدراسة على ضرورة تعزيز الوعي بحقوق اللاجئين والمهاجرين وتمكينهم من النفاذ إلى كل المعلومات التي تفيدهم وخاصة المتعلقة منها بمطالب الحصول على بطاقات إقامة والتي يجب أن تكون بعدة لغات، وكذلك الحرص على إدماج المهاجرين واللاجئين اجتماعيا واقتصاديا إضافة إلى إجراء مزيد من البحوث حول مساهمة اليد العاملة المهاجرة في قطاعات عمل محددة وسد فجوة البيانات الكمية المتعلقة بعدد اللاجئين و المهاجرين المقيمين في تونس.

Skip to content