مقالات

الإعلام التونسي زمن الكورونا والرهانات المنقوصة

إسلام حواص

حاول الصحفيون نقل الإخبار ومتابعة انتشار الفيروس وتطور مراحله منذ بدء انتشار “كوفيد-19″، في الوقت الذي لا يزال انتشاره محليا في الصين وأوروبا ومناطق أخرى، فكان نشاطه حينها مقتصرًا على نقل أخبار الدول التي تفشى فيها الفيروس والخطط التي تسعى الحكومة و وزارة الصحة لتطبيقها أو فرضها للسيطرة على الوضع.

كاتبون صحفيون يواصلون العمل عن بعد:

دفعت أزمة كورونا العديد من الصحفيين إن لم نقل معظمهم للعمل عن بعد، و قد شمل هذا الصحفيين الذين يعملون على الصحف الورقية أو الرقمية، والصحفيين في الإذاعات والقنوات التلفزيونية ليتخذوا قرارات استثنائية، وهو ما يعتبر اختبارا ثريا فريدا من نوعه بالنسبة للصحفيين.

إن هذه الإجراءات جاءت بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا وصل إلى مرحلة الوباء العالمي وان هناك حاجة إلى العمل المنزلي نظرا للظروف الصحية التي فرضت على العالم.

مثّلت وضعية كورونا فرصة للانتقال الرقمي وللانخراط في البيئة الجديدة للإعلام. يقول الأستاذ أمين بن مسعود،المختص في الإعلام و الاتصال:  “ما رصدته شخصيا كان فيه اجتهاد رقمي في مستويين اثنين، الأول اجتهاد المؤسسات النقابية والمجتمع المدني لتطوير المهارات (نقابة الصحفيين – منظمة الفصل 19, …. ) و الثاني اجتهاد فردي من الصحفيين لتقديم معلومة وهو اجتهاد محمود، ولكنه لم يرتق إلى مستوى الاجتهاد المؤسساتي والتنظيمي للمؤسسات الإعلامية المشتغلة في ميدان الصحافة المطبوعة، والتي لم تبحث في آليات جديدة في مستوى التمويل ولم تقرأ ولم تستوعب التجارب المقارنة في إنقاذ المؤسسات الإعلامية في العالم وبقيت تمد يديها للسلطة وللفاعل الرسمي” .

حلول استثنائية وبرمجة موحدة:

حالة طوارئ قصوى كانت من بين أولوياتها ضمان سلامة العاملين وعدم الإضرار بالسلامة الجسدية للحفاظ على صحة العملة والتقنيين والصحفيين، فضمانا للسلامة الصحية للعاملين بالإذاعة الوطنية، والتي من الصعب أن يطبق فيها مبدأ التباعد الاجتماعي والشروط الصحية التي لا يمكن توفيرها بالمقارنة مع عدد العاملين، وعلى اثر اجتماع مديري المحطات الثلاث الوطنية و الثقافية و الشباب، تم تقديم تصور برمجة موحدة تراعي الظرف الذي يمر به العالم، بدأ العمل ببث موحد منذ بداية انتشار فيروس كورونا.

وصرحت مديرة الإذاعة الوطنية “حفيظة علوش” أن “الهدف الأول كان تقديم المعلومة الصحية والمتابعة لها والتحيين الفوري لها ثم إعطاء المواطنين مساحة لنقل استفساراتهم وشواغلهم من خلال الملفات أو المنابر المفتوحة للمواطنين التي تخول لهم تبليغ أصواتهم على المباشر في علاقة بالجانب الصحي أو في علاقة بالمرافق العامة اليومية المعطلة أي تبليغ أصواتهم للإدارات المعنية وربط الصلة بينهم من أجل إيجاد الحل الأمثل للوضعيات الطارئة بعد شلل شبه كلي للبلاد.

وتم الأخذ بعين الاعتبار أن لهذه الإذاعات خصوصياتها، و بالتالي عكست شبكة البرامج خصوصية كل إذاعة في البرمجة وبهذا وجدت برامج فيها صبغة ثقافية و أخرى شبابية على مستوى تصور برمجة البث الموحد.

و” الإذاعة تعسفت على بعض الصحفيين الذين كانت لديهم رغبة في العمل لتفرض عليهم نظام الفرق وفق التقسيم الذي رأته إدارة الإذاعة مناسبا” وفق ما قالته مديرة الإذاعة الوطنية.

كما تحدثت مديرة الإذاعة الثقافية السيدة فايزة لملوم عن التقسيم المحكم للفرق الصحفية من صحفيي الميدان والصحفيين الذين يؤمنون البث من داخل مقر الإذاعة في متابعة يومية دقيقة لتطور الوباء في تونس ومتابعة كل المجريات الوطنية المتعلقة بوباء كورونا إلى جانب المجال الثقافي بتقديم إنتاج ثقافي أو إحياء ذكرى أعمال ثقافية.

تحدثت أيضا السيدة نايلة الساحلي، مديرة إذاعة الشباب، عن دور إذاعة الشباب في ظل هذا البث المشترك التي تمثل في” المبادرات الشبابية ومدى مساهمة المجتمع المدني والشباب الذي أنتج الكمامة الطبية مثلا أو المهندسين الذين قدموا اختراعات، مثال برنامج “eco plus ” الذي يهتم بالشباب والتشغيل، أي التداعيات الاقتصادية اللي خلفها الوضع الصحي، وكذلك برنامج صغارنا يوم الأحد الذي يقدم للفئة التي تستعد للمناظرات الوطنية وبرنامج على الخط المبادرات الفنية للطلبة والمواطنين العالقين بالخارج، فقد مثلت هذه البرامج فرصا للتعرض لمواضيع لم يتم التعرض إليها في الظروف العادية”.

وبالتزامن مع ذلك نجد عديد المؤسسات الإعلامية التي قررت وقف إصدار الصحف، ومنها من أبقت على الصحفيين وأخرى قررت التخلي عن خدماتهم. كما أقدمت عديد شركات الإنتاج السمعي البصري وعديد القنوات التلفزيونية الخاصة على الاستغناء عن عدد كبير من المشتغلين فيها.

هل كان هنالك التزام من قبل المؤسسات لحماية الصحفيين؟

تعتبر إجراءات حماية الصحافيين في مؤسسات الإعلام السمعي والبصري مقبولة، وهي ضعيفة في مؤسسات الصحافة الورقية والإلكترونية. 

أما بالنسبة لتأمين حق التونسيين في الإعلام، فبالإمكان القول بأنّ جزء من القنوات الإعلامية التونسية نجحت في امتحان صعب للغاية يقوم على الجمع بين التحسيس والتوعية والإعلام.

وقد اعتبر المختص في الاتصال و الإعلام الأستاذ أمين بن مسعود ” أنه إلى حدّ ما نجحت الكثير من المؤسسات الإعلامية في تأمين المعلومة عن الجائحة دون تخويف والتحسيس والتوعية دون دعاية ودعم مجهود الدولة دون التخلي عن الدور الرقابي للإعلام، ولكن تبقى هذه التقييمات تقييمات أولية استقرائية وليست استيعابية للحالة، سيما وأننا سجلنا أخطاء مهنية في مستوى النقل والبث بما في ذلك حالة المُراسلة المشتغلة مع علاء الشابي, والأخطاء التي وقع فيها الكثير من الإعلاميين من حيث نقل الإشاعات والمعلومات المضللة والمغلوطة دون تحري، وقد لعبت بعض المنصات دورا هاما في هذا السياق”.

Skip to content