مقالات

هل يقع التخلي عن العقوبة السجنية في جرائم إصدار الشيك دون رصيد!؟

تعديل أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية.

مجدي الورفلي
صحفي

تطالب عدد من الهياكل المهنية الممثلة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وعلى رأسها المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة بإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بإصدار شيك دون رصيد من خلال تنقيح الفصل 411 من أحكام المجلة التجارية في اتجاه التخلي عن العقوبات السالبة للحرية والسجنية، والتي تعتبر أن انعكاساتها كارثية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي خاصة في ظل جائحة الكورونا.

المكلف بالعلاقات العامة بالمنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزّاق حواص أوضح في حديث لـ”الجريدة المدنية” ان المؤسسات الصغرى والمتوسطة تمثل أكثر من 90 % من النسيج الاقتصادي الوطني مما يجعله قائم أساسا على تلك المؤسسات التي تواجه قرابة 56 % منها الافلاس بسبب الإجراءات التي أقرتها حكومة إلياس الفخفاخ وحكومة هشام المشيشي، ومنه بطبيعة الحال عدم تمكن أصحابها من خلال الشيكات التي أصدروها مما يجعلهم مهددين بالسجن في أي وقت.

وأوضح المكلف بالعلاقات العامة بالمنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزّاق حواص أن تسليط عقوبة سجنية على المتخلفين عن خلاص الشيكات حتى في حال عدم رفع المتضرر لقضية، يُنتج ضررا مزدوجا بزجّ صاحب مؤسسة في السجن وعدم خلاص المتضرر وهو ما يُسفر عن إفلاس مؤسستين أو أكثر وإحالة العاملين بهما على البطالة، وأكد أن تونس تقريبا هي البلد الوحيد الذي يقرّ عقوبة سجنية في جرائم الشيك دون رصيد باعتبار أن كل بلدان العالم تعتمد مبدأ “المال يُردّ بالمال” وليس بمعاقبة الجسد.

التخلي عن العقوبات السالبة للحرية في جرائم الشيك دون رصيد يقابله طرح من المنظمة التونسية لأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة، بتعويضها بعقوبات مالية وتجارية وادارية مع إمكانية التضييق على الشخص الذي أصدر شيك دون رصيد في تحركاته الداخلية والحدوديّة وغيرها من التضييقات التي تعوض العقوبة السجنية خاصة بالنسبة للشيكات المؤجلة وشيكات الضمان غير القانونية، وفق عبد الرزاق حواص.

كما تقترح المنظمة التونسية المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وفق المكلف بالعلاقات العامة بها رقمنة المعاملات بالشيكات من خلال تطبيقة تتضمن كل المعطيات البنكية والمالية تجعل إصدار شيك دون رصيد أمرا مستحيلا نظرا إلى امكانية التثبت الحيني لمتلقي الشيك من وجود رصيد مقابل له من عدمه من خلال وضع رقم الشيك ومعطيات مصدره في التطبيقة وفي حال توفر المقابل المادي للشيك فيقع الإعلام بأنه تم إصدار شيك مقابله لغلق الباب أمام تصرّف مُصدر الشيك به.

مقترح قانون ووجهات نظر مختلفة

مطلب المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة بإعادة النظر في عقوبات إصدار شيك دون رصيد، يقابله مقترح قانون عدد 45/2020 متعلق بتنقيح أحكام الشيك بدون رصيد من المجلة التجارية في فصلها الـ 411 وقد عملت لجنة التشريع بمجلس نواب الشعب على مناقشة مقترح القانون وعقد عديد جلسات الاستماع الى الأطراف المتداخلة في الملفّ من جهات رسمية كالبنك المركزي وزارة المالية والهياكل المهنية الممثلة للقطاعات المعنية كجامعة البنوك ومنظمة المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

رئيس لجنة التشريع العام نجم الدين بن سالم اوضح في حديث لـ”الجريدة المدنية” أن الجلسات إلي عقدتها اللجنة بخصوص مقترح تنقيح أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية أظهرت اختلافات في وجهات النظر، حيث يوجد رأي يدفع في اتجاه إلغاء العقوبة السجنية كليّا في مقابل جرائم اصدار الشيك دون رصيد وهي أساسا وجهة نظر الجهة المبادرة بمقترح القانون المتعلق بتنقيح إحكام إصدار شيك دون رصيد من المجلة التجارية.

فيما يتمثل الرأي الثاني، وفق رئيس لجنة التشريع العام نجم الدين بن سالم، في الإبقاء على العقوبة السجنية في جرائم الشيك دون رصيد مع التخلي عن إقرارها بالنفاذ العاجل لمنح من أصدر الشيك دون رصيد من أكثر فرص للخلاص وحين يُصبح الحكم باتا ونهائيّا يقع المرور إلى تنفيذ العقوبة السجنية خاصة أنه حاليا يقع إيقاف حتى من لم يصدر في حقه حكم ابتدائي وتتم إحالته في حالة إيقاف مما يمنع خلاص الشيك.

ويتمثّل الرأي الثالث والذي طرحه ممثلو أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسّطة وهو يفيد بأن إشكال الشيك دون رصيد هو إشكال بين الشركات والمواطن التونسي ولا دخل للدولة فيه للحكم عليه بالسجن وإيقافه دون منحه أي فرصة للعمل على خلاص الشيك، ولذك طرحوا عدم تدخل الدولة بالطريقة الحالية وفسح المجال أمام التقاضي للحكم على صاحب الشيك دون ودفع القيمة المالية للشيك على أقساط وفي حال التخلّف عن دقع قسط يقع حينها المرور الى العقوبة السجنية وتصبح حينها الجريمة ليست إصدار شيك دون رصيد إنما عدم دفع قسط..

وانتهى رئيس لجنة التشريع العام نجم الدين بن سالم إلى التأكيد أن كل النقاشات والاختلافات في وجهات النظر دفعت الجهة المبادرة بمقترح القانون المتعلق بتنقيح أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية إلى تعديل صيغة مقترح القانون نوعيّا بعد أن خلصت إلى أنه بصيغته الحالية لا يُمكن ان يمرّ في الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب.

Skip to content