مقالات

تونس تتراجع بـ27 مرتبة في تصنيف حرية الصحافة في العالم

مجدي الورفلي
صحفي

عديد العوامل والمؤشرات أدت الى تراجع تصنيف حرية الصحافة في تونس ب27 مرتبة لتحلّ في المرتبة 121 بعد أن كانت في المرتبة 94 خلال السنة الماضية، وفق ما كشف عنه التقرير الذي تعده منظمة “مراسلون بلا حدود”سنويّا بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق لـ3 ماي من كل سنة.

كشف التقرير السنوي لتصنيف حرية الصحافة في العالم، الذي تعده منظمة “مراسلون بلا حدود” بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق لـ3 ماي من كل سنة، أن تونس حلّت في المرتبة 121 من جملة 180 دولة، لتتراجع بذلك بـ27 مرتبة مقارنة بالسنة الماضية الذي كانت خلالها تونس في المرتبة 94.

إذ أفرزت المعايير التي تقيّم وفقها منظمة “مراسلون بلا حدود” منسوب حرية الصحافة والتعبير في العالم، عن تراجع تصنيف تونس في عديد الجوانب التي إعتمدت عليها لتصنيف حرية الصحافة في تونس، وهي أساسا الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتشريعي والأمني، وفق ما أفاد به مسؤول مكتب شمال أفريقيا لمنظّمة “مراسلون بلا حدود”، سمير بوعزيز لـ”الجريدة المدنية”.

كما اعتبر مسؤول المناصرة بمكتب شمال أفريقيا لمنظّمة “مراسلون بلا حدود” سمير بوعزيز، في تصريحه لـ”الجريدة المدنية” ان خروج تونس من دائرة التراجع في تصنيف حرية التعبير تتطلّب إرادة سياسية لوضع إطار تشريعي يحترم الدستور والمعايير الدولية، والاعتماد على سياسات عمومية للإعلام تضع حدا للتضليل واستهداف الصحفيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مقربين من النظام.

وأضاف بوعزيز قائلا “على المسؤولين السياسيين أن يبادروا بخطاب يحترم الصحفيين والصحافة بصفة عامة لان الدفاع عن حرية التعبير ليس دفاعا عن العاملين في الحقل الإعلامي في حد ذاته بل هو دفاع عن حق المجتمع في المعلومة الدقيقة والموثوقة…فعديد الملفات التي تمت معالجتها قضائيّا وأمنيا كان الاعلام هو من سلط الضوء عليها”.

استبيان وخبراء

مسؤول المناصرة بمكتب شمال أفريقيا لمنظّمة “مراسلون بلا حدود” أوضح أن تراجع تصنيف تونس يعكس تراجعها على عديد المستويات ما عدا المستوى الأمني، حيث تم تسجيل التراجع على المستوى السياسي والتشريعي خاصة بعد إصدار المرسوم 54 وملاحقة الصحفيين وفقه، وكذلك المستوى الاجتماعي الذي شهد تراجعا.

وأوضح ان الخلاصة التي تضمنها التقرير كانت مبنية على إجابات صحفيين وخبراء وأكاديميين على استبيان مكون من حوالي 130 سؤالا وقع إعتمادها من طرف لجنة خبراء في منظمة “مراسلون بلا حدود” تشتغل على التصنيف على المستوى الإحصائي والفني، بالإضافة الى الإعتماد على 7 خبراء من دول مختلفة عملوا طيلة أشهر لإصدار التقرير السنوي لتصنيف حرية الصحافة في العالم.

هذا وقد أصدر الرئيس قيس سعيد المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال في 13 سبتمبر 2022، والذي تبعه حملة مطالبة واسعة من المنظمات المهنية الصحفية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، بإلغائه نظرا لطابعه الزجري والعقوبات المشددة التي ينصّ عليها المرسوم الذي يتضمن مصطلحات فضفاضة كما أغلب التشريعات في تونس، مما يفتح المجال أمام تطويعه لضرب حرية التعبير.

حيث ينص الفصل 24 من المرسوم 54 مثلا على انه “يعاقب السجن مدة 5 أعوام وبغرامة قدرها 50 ألف دينار (حوالي 16 ألف دولار) كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان”.

الزجّ بمنتقدي الرئيس في السجن

نائب رئيس النقابة المكلفة بالحريات أميرة محمد اعتبرت في تصريح لـ”الجريدة المدنية”، ان تراجع تصنيف وترتيب تونس في التقرير السنوي لحرية الصحافة في العالم الذي تعده منظمة “مراسلون بلا حدود” كان متوقعا بالنظر الى الوضع الكارثي الذي يعيش على وقعه قطاع الاعلام على كل المستويات، والذي بلغ حدّ الزج بعدد من منتقدي سياسات رئيس الجمهورية قيس سعيد وخياراته وتجاوزات السلطة في السجن.

حيث ترى نائب رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أميرة محمد، أن رئيس الجمهورية وعدد من الوزراء في الحكومة وعلى رأسهم وزيرة العدل ووزير الشؤون الدينية لا يتوانون عن إستهداف الصحفيين بالإعتماد على المرسوم 54 والمجلة الجزائية ومجلّة الاتّصالات وقانون مكافحة الإرهاب، مشيرة الى أن 17 صحفيا تقع ملاحقتهم قضائيا وفق تلك القوانين في حين ان قطاع الاعلام يخضع فقط الى ما ينص عليه المرسوم 115 فقط.

كما أكدت أميرة محمد في سياق إفادتها لـ”الجريدة المدنية” أن مساعي السلطة القائمة لتدجين الإعلام العمومي والخاص ووضع اليد عليه بكل الوسائل أصحبت واضحة للجميع خاصة بعد ايقاف الصحفي نور الدين بوطار مدير عام إذاعة موزاييك أف أم بسبب الخط التحريري المحايد وغير الموالي للسلطة الذي تتبناه الإذاعة، بالإضافة الى عودة الإعتماد على تجميد الصحفيين العاملين في الاعلام العمومي غير الموالين للسلطة وكذلك عمليات الصنصرة التي يتعرض لها الصحفيون في وكالة تونس إفريقيا للأنباء.

الاعتداءات والملاحقات القضائية

بالتزامن مع إصدار منظمة “مراسلون بلا حدود” التقرير السنوي لتصنيف حرية الصحافة، كشفت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين خلال نفس الندوة الصحفية، عن التقرير السنوي لواقع الحريات الصحفية في تونس الذي تضمن أرقاما تؤكد تصاعد منسوب الاعتداءات على الصحفيين مقارنة بالسنة الماضية، ليبلغ 257 إعتداءًا بعد ان كان في حدود 214 إعتداءا خلال سنة 2022 و 200 إعتداءا سنة 2021.

ووفق نفس التقرير الذي تحصلت “الجريدة المدنية” على نسخة منه، فقد توزعت الإعتداءات على حرية العمل الصحفي الى 162 إعتداءا متعلقا بالحق في النفاذ الى المعلومة، وهو ما يمثل 63٪ من جملة الاعتداءات و3 حالات متعلقة باحتجاز تعسفي للصحفيين و68 منع من العمل و42 مضايقة كانت 90٪ منها تقف وراءها أطراف رسمية وتتحمل مسؤوليتها.

كما أبرز التقرير، الذي عرضته المسؤولة عن وحدة رصد الانتهاكات بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين خولة شبح، ان الملاحقات القضائية للصحفيين تشهد إرتفاعا ملحوظا وقد بلغت 17 ملاحقة وهي منقسمة إلى 4 ملاحقات على أساس قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال و9 ملاحقات على اساس المجلة الجزائية و 3 ملاحقات على أساس المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية، فيما يتم ملاحقة صحفي واحد على أساس مجلة الاتصالات.

المسؤولة عن وحدة رصد الانتهاكات بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين خولة شبح، إعتبرت في تصريح لـ”الجريدة المدنية” أن معاداة السلطة للصحفيين ولحرية التعبير واضح من خلال لجوءها إلى ما أمكن لها من التشريعات الموجودة، خلافا للمرسوم 115 المنظم للقطاع، لمحاكمة الصحفيين بالإضافة الى سنّ المرسوم 54 الذي يعكس إرادة السلطة لتشديد العقوبات على الصحفيين ولجم الأفواه.

واشارت المسؤولة عن وحدة رصد الانتهاكات بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين خولة شبح في حديثها مع “الجريدة المدنية” إلى أن الملاحقات القضائية ضد الصحفيين على المرسوم 54 كانت في جانب كبير منها على خلفية نشرهم لآرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى لمجرّد تعليقهم على بعض التدوينات على موقع فيسبوك.

سعيّد ينفي ويتهّم

الرئيس التونسي قيس سعيد ينفي مرارا وتكرارا الاتهامات الموجهة له بضرب حرية التعبير ومعاداة الصحفيين والتحريض عليهم حتى، حيث أكد خلال زيارة أداها إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة أن كل الاتهامات له بالعمل على تدجين وسائل الاعلام، بداية من الاعلام العمومي، ليس لها أي أساس من الصحة، بل ووجه هو نفسه إتهامات بالعمالة لمن يتوجسون خيفة من العودة بالاعلام إلى ما قبل الثورة.

حيث قال قيس سعيد خلال تلك الزيارة في 2 ماي الجاري، أي قبل يوم من الاحتفال اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف 3 ماي من كل سنة، ، إن “من يدعي أنه لا حرية تعبير في تونس إما أنه عميل أو في غيبوبة فكرية مستمرة”، وفق تعبير الرئيس الذي أضاف قائلا أن “الحريات لن تُهدَّد أبدًا لأن الحرية لها شعب يحميها والثورة لها شعب يحميها والدولة لها مؤسسات تحميها”.

المؤشر العام

2022: المرتبة 94

2023: المرتبة 121

المؤشر السياسي

2022: المرتبة 67

2023: المرتبة 74

المؤشر التشريعي

2022: المرتبة 84

2023: المرتبة 128

المؤشر الاقتصادي

2022: المرتبة 92

2023: المرتبة 150

المؤشر الثقافي الاجتماعي

2022: المرتبة 82

2023: المرتبة 127

المؤشر الأمني

2022: المرتبة 121

2023: المرتبة 114

Skip to content