مقالات

جائحة كورونا: كيف واجه الإعلام التونسي الإشاعات والأخبار الكاذبة؟

تقرير – زياد عطية 

تشتد الشائعات والأخبار الكاذبة خلال الأزمات والفترات العصيبة التي تعيشها البلدان والشعوب ويفسر ذلك بحالة القلق والخوف و تعتبر الأخبار الزائفة ظاهرة عالمية تبرز خاصة أثناء الأزمات في ضل غياب ثقافة التدقيق والتثبّت من الأخبار من مصادرها الرسمية.  

وأصدر مركز حرية الصحافة في تونس تقريرا خاصا عرض فيه نتائج إستبيان حول الأخبار الكاذبة أو المضللة المتعلقة بتفشي وباء كورونا في تونس والعالم، فقد أقر 64.5% من الصحافيين المشاركين في الاستبيان بأنهم قد تعرّضوا إلى التضليل ويحملون وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولية القدر الأكبر من التضليل ونشر الأخبار الكاذبة. 

وينص الفصل 54 من المرسوم عدد 115 الخاص بحرية الصحافة والطباعة والنشر على عقوبة مالية و غرامة ما بين ألفين إلى خمسة آلاف دينار على كل من يتعمد نشر أخبار زائفة من شأنها أن تنال من صفو النظام العام، أما إذا كان نشر الاخبار الزائفة يهدف الى زعزعة الامن العام فيتم حينئذ تطبيق مقتضيات الفصل 68 من المجلة الجزائية الذي أقرّ عقوبات بالسجن تصل الى 5 أعوام على كلّ مؤامرة واقعة لارتكاب اعتداء على أمن الدولة الداخلي.    

وحرصت بعض وسائل الإعلام التونسية على مقاومة الشائعات و المغالطات عبر تقنيات إعلامية متنوعة، حيث شكلت إذاعة الديوان أف ام ركنا خاصا في برمجتها أثناء فترة الحجر الصحي من خلال فقرة ” الصحيح مالغالط “، فقرة تمكنت من مواجهة واحدة من أكبر الشائعات التي وجدت رواجا كبيرا حين انتشر خبر ” الدكتور كمون ” وتم التثبت من صحة الخبر بعد مجهود كبير من صحفيو الإذاعة.                   

وإعتبر رئيس مركز تونس لحرية الصحافة، محمود الذوادي، أن الأخبار الزائفة و الشائعات قد تنامت تدريجيا في البلاد منذ انتشار فيروس كورونا مع تعاظم دور شبكات التواصل الإجتماعي مرجعا وقوع الصحفيين في فخ الأخبار الزائفة إلى ضعف الإمكانيات المادية لأغلب المؤسسات الإعلامية، وظروف الحجر الصحي التي دفعتهم للاعتماد على الشبكات الاجتماعية كمصدر رسمي. ففي تونس أصبحت منصة ” الفيسبوك ” تتحكم في الرأي العام، مهدّدة الصحافة المحترفة الجادة، كما يساهم في اهتزاز صورة الصحفي لدى الجمهور.                                                          

واعتبرت الكاتبة الصحفية يسرى الشيخاوي كون الأخبار الزائفة خصوصا في الأزمات من شأنها أن تربك الوضع العام مستحضرة حادثة تأخر خطاب رئيس الحكومة التونسية السابق المستقيل إلياس السابق حيث أكدت و أبانت أن أزمة كورونا مثلت بيئة ملائمة لذلك وقال ” ليلة خطاب رئيس الحكومة التونسية أحد ليالي سريان الإشاعات حينها خرجت الأمور عن السيطرة وسرت الإشاعة سريان النار في الهشيم واستمدّت استمراريتها من تأخّر ظهور رئيس الحكومة على التلفزيون ومن تمطّط الـ”بعد قليل” حتّى كادت تبلغ الساعة من الزمن”.                                                                                    

مضيفة ” ولكن هذه الشائعات وجدت لها موضع قدم في وسيلة إعلام مرئية يتابعها مشاهدون كثيرون، إذ كانت السقطة بتداول خبر دخول مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدّة نصاف بن علية في الحجر الصحّي بعد مخالطتها شخصا في ديوان وزير الصحة مصابا بفيروس كورونا”.                                                                                            

ودعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين من خلال لجنة الأخلاقيات إلى محاسبة المخطئين من أصحاب الشائعات والأخبار الكاذبة مع ضرورة إحداث مواقع مختصة تتيح التثبت من الأخبار الخاطئة.

وتعتبر الشائعات اخطر الحروب النفسية التي تواجه الشعوب خلال الأزمات العصيبة وتظهر خطورتها فيما تبثه من مشاعر الإحباط والتشكيك وانعدام الثقة لدى المواطن فيما تنجزه الدولة من مشروعات وتحققه من نجاحات لذا يجب أن يتأكد الإعلامي من خبرات المصدر التي تؤهله لتقديم المعلومات الوافية عن فيروس كورونا، ونسب المعلومات إلى مصادر ذات ثقة من أهل الخبرة والاختصاص، أو المتحدثيين الرسميين عن مراكز إدارة الأزمة، مع الوضع في الاعتبار أن هناك بعض وسائل الإعلام تعمل على نشر الشائعات و الاخبار الزائفة من دون العودة للتثبت من صحتها.               

Skip to content