حوارات

قيّس سعيّد سيدفع فاتورة عبث وأخطاء الطبقة السياسية والأحزاب طيلة العشر سنوات الماضية

محمد ياسين الجلاصي لـ"الجريدة المدنيّة"

حاوره مجدي الورفلي
صحفي

نظرا لأن السلطات كُلّها بين يديه، منذ 25 جويلية، فإن رئيس الدولة قيس سعيد سيدفع على الأرجح فاتورة العبث والأخطاء المتراكمة التي ارتكبتها الطبقة السياسية والأحزاب طيلة العشر سنوات الماضية، وفق ما أفاد به رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيّين محمد ياسين الجلاصي في حوار مع “الجريدة المدنية”، واعتبر  أن وضع الحقوق والحريات في تراجع منذ 25 جويلية داعيا قيس سعيّد إلى إثبات أنه يعمل على إصلاح الدولة وليس افتكاكها.

 بعد أكثر من 4 أشهر من إقرارها، هل تتجه البلاد نحو تحقيق الهدف المُعلن من إجراءات 25 جويلية؟

لا أعتقد أن البلاد تتوجّه نحو تحقيق الأهداف والغايات من وراء الإعلان عن إجراءات 25 جويلية 2021، فحالة الضبابية هي السائدة مع ركود سياسي واجتماعي واقتصادي، ولا يوجد أي وضوح في الرؤية، مما أدى إلى توجّس شركاء تونس الدوليين والمستثمرين الأجانب والمحليين، كما أدى عدم وضوح الرؤية إلى عطالة الإدارة، وهو ما لا يصبّ في مصلحة البلاد بطبيعة الحال، فرغم أهمية ملف الحقوق والحريات إلا ان الملف الاقتصادي والإجتماعي يكتسي أهمية كبرى. ووفق المؤشرات الحالية فإن الوضع الاقتصادي والاجتماعي سيشهد تراجعا وتدهورا للأسف الشديد.

وبقي كل ما ذكره رئيس الجمهورية قيس سعيد في أغلب خطاباته، من حديث عن العدالة والمحاسبة وتفعيل آليات الرقابة وغيرها، مجرد خُطب لا غير ولم نر له أي أثر في الواقع.

كيف تصفون وضع الحقوق والحريّات بصفة عامة، وحق النفاذ الى المعلومة  وحرية العمل الصحفي خاصة  منذ 25 جويلية؟

تراجع وضع الحقوق والحريات بشكل كبير بعد 25 جويلية رغم أنه، قبل هذا التاريخ، كان  سيّئا وقد إزداد سوءا، فالعديد من وسائل الإعلام أصبحت تلعب دور المُمجّد لرئيس الجمهورية قيس سعيد دون أدنى موضوعية، إضافة إلى محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري والتي فاقت بعد 25 جويلية كل المحاكمات العسكرية للمدنيين مُجتمعة طيلة العشر سنوات التي تلت الثورة، وفق تقارير منظمات حقوقية ذات مصداقيّة.

وأصبح الإعلام العمومي في صفّ رئيس الجمهورية  بصفة واضحة بالإضافة الى قمع المتظاهرين والمحتجين، مما يجعل وضعية الحقوق والحريات سيئة ومُهدّدة وأكثر ما يُهدّدها حاليا هو الحكم الفردي الذي يستعمل أدوات الدولة لقمع الأصوات المخالفة.

مع بداية شهر ديسمبر، والذي يمثل منطلق فترة تشتدّ خلالها وتيرة التحركات الإجتماعية، هل تعتقدون أن سعيّد سيواجه نتائج فشل المنظومة السابقة؟

بطبيعة الحال رئيس الجمهورية قيس سعيد هو من سيتحمّل مسؤولية نتائج فشل المنظومة والحكومات السابقة وتراكماتها، ليس لأنه المسؤول المباشر عما بلغته الاوضاع الإقتصادية والإجتماعية أساسا بل لأنه الحاكم. والأكيد أنه لا يوجد عاقل يُمكن أن يتوقّع من سعيّد إيجاد حلول لتسوية كل الأوضاع، لكن على الاقلّ يُمكن أن ينطلق في إصلاحات فعليةولكن إلى حدّ اليوم لم يقم بأي فعل يُمكن أن يكون مؤشرا للإعتقاد بأننا فعلا نتجه نحو الإصلاح بل بالعكس تعاطيه مع إرتفاع الأسعار والإحتكار لا يخرج عن الشعبوية التي كان لها مفعول عكسي.

الواضح أنه ليست لرئيس الجمهورية أية رؤية أو حلول واقعيّة لذلك سيتحمّل المسؤولية، خاصة أن كل السلطات بين يديه منذ 25 جويلية وسيدفع فاتورة الأخطاء المتراكمة والتي قامت بها الطبقة السياسية والأحزاب طيلة العشر سنوات الماضية.

رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي

ما رأيك في طرح بعض الأطراف السياسية بحلّ البرلمان والتوجه إلى انتخابات عامة سابقة لأوانها؟

الحلّ الوحيد في تقديري هو الذهاب لانتخابات سابقة لأوانها بعد حلّ مجلس نواب الشعب وإصلاح عميق وجذري للمنظومة الانتخابية والسياسية، فأنا أعتقد أن أي نظام إنتخابي لا يُعطي الأغلبية لطرف واضح ليحكم ويتحمّل مسؤوليته في الحكم هو نظام انتخابي مشلول وقاصر، وأي نظام سياسي لا يحكم فيه طرف واحد بصفة واضحة هو نظام سياسي لا يستجيب لأي متطلبات وبالتالي يجب إصلاح كل المنظومة الإنتخابية والسياسية بالإضافة إلى محاسبة ومعاقبة كل من أجرم في حق الدولة ومن ثمّ التوجّه لإنتخابات سابقة لأوانها لأن البلاد لا يُمكن أن تحتمل أزمة الشرعية لفترة أطول ولا يمكن لأحد أن يمتلك الشرعية إلا عبر صناديق الإقتراع.

 هناك رأي قائل بأن المعركة اليوم هي معركة لافتكاك الدولة بين سعيّد ومنظومة ما قبل 25 جويلية وخاصة حركة النهضة، ما رأيكم؟

صحيح ان هناك معركة لافتكاك الدولة بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد وحركة النهضة التي ارتهنت الدولة وجعلتها في خدمة مصالحها ومصالح شركائها والطبقة المتنفّذة في البلاد ولم تخدم مصالح الشعب بل كانت ضدّ مصالحه، ورئيس الجمهورية قيس سعيد بعد 25 جويلية دأب على التأكيد أنه سيعيد الدولة للشعب وإلى مسارها ودورها الطبيعي ولكن إلى اليوم لم يبيّن لنا أنه يسعى بدوره إلى السيطرة والإنفراد بالحكم رغم أنه مُنفرد به حاليّا، وبالتالي على سعيّد أن يُثبت للتونسيين أنه يعمل على إصلاح الدولة وليس افتكاكها.

Skip to content