أخبار مدنية

كلمة نور الدين الطبوبي في الذكرى 69 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد

القصبة، في 4 ديسمبر 2021

أخواتي وإخوتي في النضال،

بنات وأبناء فرحات حشاد،

صديقات وأصدقاء الاتحاد العام التونسي للشغل،

شكرا على حضوركم في الموعد..

شكرا لبقائكم على العهد أوفياء.. أوفياء لدماء الشهداء..

نلتقي اليوم وككلّ سنة في مثل هذا اليوم لنُحْيي معا الذكرى 69 لاغتيال الشهيد الرمز والزعيم الوطني والنقابي “فرحات حشاد” رحمه الله وطيَّب ثراه.

نلتقي اليوم تخليدا لما قدّمه حشّاد العظيم من عطاء مُلْهِمٍ، وتقديرا وإجلالا لروحه التي وَهبها فِداءً للوطن ودفاعا عن حقوق الشغالين الكادحين.

نلتقي اليوم ولأسباب قاهرة تعود إلى إعادة بناء مقرّنا الاجتماعي بساحة محمد علي الحامي قلعة الصمود والمقاومة، في ساحة لا تقلّ رمزية.. ساحة ضريح فرحات حشّاد.. قائدُنا وملهمنا.. شهيدُ الحركة الوطنية والنقابية.. خالدُ الذكر.

نلتقي اليوم مرّة أخرى لنذكّر من تَناسى التاريخ أنّ الاتحاد منظّمة وطنية وكيان مجتمعي شامل وشريك فاعل في بناء الدولة التونسية منذ مرحلة التحرير إلى تأسيس الدولة الوطنية وعبر جميع مراحل بنائها، تذكّروا أنّه أثناء غياب بورقيبة عن تونس في رحلته إلى الشرق العربي ثمّ أثناء اعتقاله ونفيه تولّى الزعيم فرحات حشّاد قيادة الحركة الوطنية، فدفع حياته ضريبة لمواقفه الصادقة. إنّ الزعامات الوطنية التاريخية تصنعها المعارك الكبرى خدمة لشعوبها على غرار المعارك التي قادها بورقيبة ضدّ الاستعمار الفرنسي وقادها بن بلّة ورفاقه خلال الثورة الجزائرية وقادها عبد الناصر في معركة قناة السويس وضدّ العدوان الثلاثي على مصر وقادها “شِي ڤِيفَارَا” ضدّ الاستعمار والإمبريالية في أمريكا الجنوبية وقادها “نِلْسُنْ مَنْديلا” ضدّ الميز العنصري ويقودها الفلسطينيون ضدّ الصهيونيّة.

نلتقي اليوم لتجديد العهد مع ما دأَبَنا عليه بجعل هذه المناسبة محطّةً لشحذ الذاكرة باستحضار الملاحم النضالية لروّاد الحركة النقابية التونسية الأصلية، وبالنهل من مآثر هؤلاء وما جُبِلوا عليه من آيات التضحية والتبصّر والوفاء للمبادئ والقيم النقابية والإنسانية السامية، ومن حنكة في إدارة الشأن الوطني والاجتماعي.

نلتقي اليوم لنؤكّد من جديد أنّنا باقون على درب حشّاد لن نحيد.. مؤمنون بدور منظّمتنا كقوّةِ اقتراح وتوازن ونضال وضغط وكفاعل أساسي في مسار الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.

نلتقي اليوم لنجدّدَ اعتزازَنا بالانتماء إلى منظّمة حشّاد العظيم ولنجدّد العهد على البقاء أوفياء.. أوفياء لدماء الشهداء.. أوفياء.. أوفياء لقيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. أوفياء.. أوفياء لاستحقاقات الشغالين وفق مفهوم العمل اللائق وكما حدّدتها معايير العمل الدولية.

الأخوات والإخوة،

تَعُود علينا هذه الذكرى، والبلاد تَعيش مُنعرجا لا نَعلم مَآلاتِه، لكنّ الثابت، والبلاد على ما هي عليه من ضبابية سياسية وعطالة اقتصادية واحتقان اجتماعي، أنّ اليأس بلغ مَداه وأنّ مظاهر العصيان باتت تهدّد بانفجار غير محمود العواقب.

تعطّلت لُغة الحوار وتراجع منسوب الثقة إلى أدنى مستوياته، وأضحى التنافر سيّدَ الموقِف.

كلُّ المؤشّرات تُومِضُ أحمرَ مُنذِرَةً بخطر داهم كانت وليدة سياسات فشل متراكمة عبر السنين:

حكومة تحتاج إلى رؤية معلَنَةً تَقودها، وإلى برنامج يُوَجِّه خُطاها، حتّى لا تقع كسابقاتها في الارتجال والتذبذب وحتّى لا يكون بين أعضائها التضارب والتناقض كما كان بين وزراء حكومات سابقة.

تعيينات تحتاج إلى التروّي لتغليب الكفاءة والخبرة والوطنية على الولاء.

إصرار على تأبيد المنوال التنموي الحالي رغم الإقرار بفشله وتسبّبه في تفكيك نسيجنا الصناعي واختلال موازناتنا المالية وارتهانه للنموّ الاقتصادي وللاستحقاقات الاجتماعية والبيئية.

منظومة صحّية متهالكة فضحت جائحةُ كورونا عيوبِها وعوراتِها وأظهرت عجزها على تلبية متطلّبات الأمن الصحيّ للمواطنات والمواطنين وعلى شدّ كفاءاتها الطبية وشبه الطبية إليها.

نسبةُ نموّ في مستويات دنيا غير مسبوقة، وخدماتٌ عمومية متردّية فاقمت من معاناة المواطن، وبطالةٌ مستشرية لم تترك من خيار أمام عشرات الآلاف من شبابنا سوى الانزلاق إلى مستنقعات العنف والجريمة والإدمان أو ركوب قوارب الموت بحثا عن عمل مفقود وعن كرامة مسلوبة.

قدرةٌ شرائية أنهكتها الزيادات الجنونية للأسعار وارتهنتها أباطرة الاحتكار والتهريب.

بُنَى تحتيّةٌ متهالكة ومصبّاتٌ عشوائية، عنفٌ مُستَشْرٍ في الأُسَرِ والمؤسّسات التربوية ومواقع العمل والشوارع… وجرائمُ بشعة طالت الأمّ والأب والأبناء والمربّي، في سابقة غير معهودة تحيل إلى مسؤولية عشرية التطاحن والتدافع الاجتماعي في التأسيس لثقافة الإفلات من العقاب واستقالة الدولة والتطاول على القانون.

منظومةٌ تربوية أُريدَ لها أن تَزُوغَ عن وظيفتها كمصعد اجتماعي وأداة لبناءِ الذات وتنميةِ روح المواطنة ودفعوا بها إلى العنف والغشّ والتواكل رغم كلّ ما يبذله المربّون لإنقاذها وإنقاذ أجيال المستقبل.

سياساتٌ بيئيّة مُكَرِّسة للقتل البطيء في أكثر من مدينة… على غرار ما حصل ويحصل في معتمدية عقارب ومدينة صفاقس وعديد المدن الأخرى بسبب غياب المقاربات الإستراتيجية لمعالجة النفايات وتثمينها بما يحدّ من مخاطرها ويضمن صحّة المواطن ويؤمّن جودة الحياة.

الإدارةُ نَخَرَهَا الفساد وزُجَّ بها في التجاذبات السياسية فأقعدها عن أداء مهامها وحوّلها إلى معاوِلَ هدمٍ تُوظَّف لاستباحة الحقوق والحريات وللالتفاف على كلّ مسعى للإصلاح وللسعي المحموم لتفكيك الدولة.

هذا هو المشهد السائد اليوم والذي أفرزته عشريّة غلب عليها الفشل في ظلّ حكومات المحاصصة المتعاقبة.

الأخوات والإخوة،

لقد استبشرنا خيرا بالتدابير الاستثنائية التي اتّخذها رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية من السنة الجارية.

لقد توسّمنا خيرا في رئيس الجمهورية لاحتضان الحوار الوطني ورعايته لإنهاء حالة العطالة التي أفضت إليها خيارات الائتلافات الحاكمة المتعاقبة، ومنظومة الحكم التي تعود لها مسؤولية تفقير الشعب وتخريب اقتصاد البلاد واستنزاف ماليّتها ومواردها وارتهان قرارها السيادي للدول وللدوائر الأجنبية المالية العالمية.

لقد باركنا تلك المبادرة الاستثنائية وانتصرنا لها ورأينا فيها منطلقا لإنهاء التجاوزات، ولِكبح جُموح المصالح الحزبية المتدافعة، ولتجاوز فشل العشرية السابقة التي ارتهنت كلّ مسعى نحو استكمال مسار الانتقال الديمقراطي ومباشرة الإقلاع الاقتصادي الدامج للأبعاد الاجتماعية والبيئية والمؤسّس على مفهوم العمل اللائق.

الأخوات والإخوة،

لقد كنّا على يقين من أنّ تدابير 25 جويلية كان يمكن، ولا يزال بإمكانها، أن تكون خطوة حاسمة على درب تصحيح المسار الديمقراطي وإعادة الاعتبار لأهداف ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي وما زلنا نعتقد فيها مسلكا يُخرج البلاد من النفق، ولكنّنا مصرّون على أن تُرفق بخارطة طريق تضبط المهام والأولويّات وبإجراءات عملية تنهي حالة التردّد والغموض وتفتح الآفاق لرسم ملامح تونس الجديدة على أساس ثوابت الجمهورية المدنية الديمقراطية والاجتماعية.

واليوم أصبحنا نخشى على مكاسب شعبنا من مآلات تراتيب 25 جويلية ليس بسبب تعليق العمل بأحكام الدستور أو تعليق أشغال البرلمان وحلّ الحكومة، بل بسب التردّد المبالغ فيه في إعلان سقف زمنيّ للمرحلة الاستثنائية المعلَنة وضبط خارطة طريق واضحة بشأن الإجراءات العملية الكفيلة بتصحيح المسار بما ينهي الضغوطات الخارجية المسلّطة على بلادنا ويفشل ما تُحِيكُه اللوبيات الداخلية من أحابيلَ ويساعد على إعادة بناء الثقة من جهة وعلى حرية الحكم لتلك الخارطة أو عليها في إطار حوار وطني صريح يجمع كلّ القوى الحريصة على السيادة الوطنية والمؤمنة بدولة الاستقلال والمتمسّكة بقيم الحرية والتقدّم الاجتماعي وبالحريات الفردية والجماعية والعدالة الاجتماعية.

إنّ غياب التشاركية والتفاعل مع القوى السياسية والاجتماعية الوطنية لن يفضي سوى إلى تحويل كلمة الشعب إلى كيانات متنافرة ومتناحرة عاجزة عن البناء المشترك وعلى التعايش السلمي في إطار الاختلاف الشرعي والمشروع.

الأخوات والإخوة،

لا شكّ أنّ نفس الإشكاليات ما زالت مطروحة وتحتاج إلى وقت لمعالجتها:

بطالةٌ مستفحلة، وفقرٌ ضارب في أعماق البلاد، ومشاريعُ استثمارية معطّلة أو تمّ تحويل وجهتها، وملفّات قضائية معلَّقة أدخلت الشكّ في استقلالية القضاء وسلطان القانون.

من ذلك قضية الجهاز السرّي وقضيتيْ اغتيال الشهيدين شكري بالعيد ومحمد البراهمي وقضايا اغتيال الأمنيين والعسكريين والمدنيين وقضايا الإرهاب وقضيّة الرشّ في سليانة.

ومن ذلك تفعيلُ تقريريْ محكمة المحاسبات والتفقدية العامة لوزارة العدل بخصوص الجرائم الانتخابية وجرائم الفساد والإرهاب والتسفير والاعتداءات على المنظّمات ومنها الاعتداء الجبان على مقرّنا يوم 4 ديسمبر 2012 والاعتداء على لأحزاب والشخصيات وأصحاب الكلمة الحرّة.

التونسيات والتونسيون لا يطالبون اليوم بالكثير.. هم يريدون فقط توضيح الرؤية والوجهة العامة للبلاد.. هم يريدون استعادة الثقة بخصوص إدارة الشأن العام.. هم يريدون استعادة الأمل والاطمئنان على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.

الوضوح اليوم هو عنوان المرحلة وهو السبيل الأفضل والأسلم لإحلال الثقة ومن دونه تهيمن الفوضى، ومن دونه تتحوّل الدولة من قاطرة النمو إلى عون مطافئ يلهث وراء الأحداث والأزمات وما أكثرها.

التونسيات والتونسيون يرفضون العودة إلى ما قبل 25 جويلية، لكنّهم يعتبرون أنّ من حقّهم معرفة الطريق الذي ستسير نحوه البلاد، ومن حقّهم مساءلة أيّ مسؤول بشأن ما يعتزم القيام به في إطار المسؤولية المنوطة بعهدته.

إنّ بناء الديمقراطية واستكمال مسارها لا يستقيم من دون وسائل ديمقراطية ومن دون تطوير ثقافة الحرية والمواطنة ومن أهمّ هذه الوسائل الفصل بين السلطات، وتنقيح القانون الانتخابي، ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها تكون ديمقراطية وشفّافة، ومراجعة مجلة الجماعات المحلية والقوانين المنظمة للهيئات الدستورية وفي مقدمتها الهيئة المستقلّة للانتخابات، وتفعيل دور الهيئات الرقابية وإيجاد الصيغ الكفيلة بضمان بعث محكمة دستورية مستقلّة فعليا وغير خاضعة للتّأثيرات السياسية. وقد حرصنا في الاتحاد على تكريس النظرة الاستباقية بتشكيل لجان للنظر في هذه التعديلات وأنّنا عازمون على توسيع التشاور بالتنسيق مع الأطراف والمنظّمات التي نتقاطع معها في الثوابت والمبادئ للدعوة للقاءٍ وطنيٍّ يُثمِرُ قوّة اقتراح سياسية واجتماعية وحقوقية ومدنية لا يستهان بها بمعيّة شخصيّات وطنيّة ثابتة يؤسّس لتوجّه وطني ثالث عنوانه الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية.

الأخوات والإخوة،

إنّنا في الاتحاد العام التونسي للشغل نؤمن أنّ القضاء المستقلّ الحامي للحقوق والساهر على احترام الحريات هو ركن أساسي من أركان الدولة ومقوّم من المقوّمات الأساسية لاستقرار المجتمع وبناء الديمقراطية

ولذلك فإنّنا نناضل دائما ضدّ اختراق القضاء من طرف التيّارات السياسية ولوبيات المصالح، وضدّ تسخيره لتصفية الحسابات وللتغطية على الفساد والفاسدين، فما بالك بالإرهاب والإرهابيين. وقد ابتهجنا بمؤشّرات معارضة جريئة من القضاء نفسه لهذه الانحرافات الخطيرة. لذلك ثمَّنَّا قرارَ إيقاف وكيل الجمهورية السابق لمحكمة تونس ونادينا بتفعيل تقرير التفقدية العامة لوزارة العدل التي وقفت على تلك التجاوزات الخطيرة.

ولقد عانى الاتحاد العام التونسي للشغل في محطّات عديدة من تاريخه من السعي لضرب استقلالية المنظمة عبر توظيف القضاء، وقد حاولت السلطة أحيانا تعطيل قراراتنا الداخلية بإقحام القضاء.

إن تمسكنا باستقلال القضاء، لا يخفي إقرارنا بأننا كنا ضحية لبعض قراراته، كما كان الشأن أخيرا بخصوص القرار الابتدائي بإبطال المحكمة الابتدائية بتونس لقرار مجلسنا الوطني الداعي إلى مؤتمر استثنائي غير انتخابي، وإنّنا متمسّكون، بإنهاء الحيف والمطالبة بالإنصاف، وملتزمون بالخضوع لإرادة هياكلنا النقابية وما يحكمها من قوانين داخلية ناظمة وتطبيقا لما قرّرته هيئاتنا وسلطات قرارنا وأطرنا بصفة ديمقراطية وشفّافة، وقد شرعنا في إعداد مؤتمرنا العادي الخامس والعشرين حسب قوانيننا باعتبار أنّ منظّمتنا ديمقراطية ومستقلّة ودفعنا غاليا من أجل استقلاليّتنا حيث بدأت هياكلنا الجهوية والقطاعية مناقشة اللوائح المصادق عليها من قبل الهيئة الإدارية الوطنية، ولاقينا، كالعادة، مساندة من الحركة العمالية والنقابية العالمية مثلما كان الشأن عند محاكمة قياداتنا الشرعية التاريخية.

الأخوات والإخوة،  

لقد دأبنا نحن مناضلات ومناضلو الاتحاد العام التونسي للشغل على أن نجعل من إحياء هذه الذكرى مصدر إلهام متجدّد ننهل منه الدروس والعبر بما يساعدنا على تقييم الحاضر واستشراف المستقبل.

واليوم، ونحن نعاين بكلّ أسى واستهجان الانفلات العام الذي أصبحت عليه البلاد، والمساعي المحمومة لِوَأْدِ الاستحقاقات الاجتماعية، وما تتعرّض له منظّمتنا العريقة من حملات تشويه وشيطنة وتطاول على رموزنا من طرف بعض الحاقدين الجاحدين الذين استكثروا علينا حبّنا لوطننا ولشعبنا وإيماننا بدورنا في الذّود عن قيم الجمهورية المدنية، وغاظهم شغفنا بالحرية وحبّنا للحياة وانحيازنا لسلطان العقل والقانون وتشبّثنا باستقلالية قرارنا وانتصارنا لمبادئ العمل النقابي المستقلّ ولحقوق الإنسان، فإنّنا ننبّه ونحذّر من خطورة مثل هذه الممارسات اليائسة.

حذار من توظيف الوضع الاستثنائي لتحويل البلاد إلى غنيمة يستبيحها الجشعون وسماسرة الموت ممن يسبّقون الأرباح على الأرواح.

حذار من حشر الإدارة في التجاذبات السياسية والتوظيفات الحزبية وإخضاعها لولاءات تمنعها من تقديم خدماتها العمومية في كنف الحياد والشفافية واحترام القانون.

حذار من التهاون في الضرب على أيدي المحتكرين والمهرّبين والمتهرّبين من الواجب الجبائي والاجتماعي.

حذار من التنكّر للاتفاقيات المبرمة ومن التذرّع بجائحة كورونا للالتفاف على حقوق العمّال.

حذار من غضب الشارع وخطر توظيفه لإحلال الفوضى لتحقيق مآرب حزبية أو فئوية أو شخصية غير معلومة، أو لتغذية النعرات البدائية كالجهوية والعشائرية لبث الفتنة والتفرقة.

حذار من خطاب الكراهية ومن الشحن والتجييش وبثّ الإشاعات وزرع بذور الفتنة ونشر ثقافة العنف والتخوين.

حذار من المسّ من تاريخنا الوطني وكتابته على المقاس أو لتصفية الحسابات.. رحم الله شهداء تونس.. شهداء الاستقلال.. ضحايا الاستبداد.. شهداء 5 أوت 1947.. شهداء النفيضة 21 نوفمبر 1951.. شهداء جانفي 1978.. شهداء انتفاضة الخبز 1984.. شهداء الحوض المنجمي 2008.. شهداء ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي.. وتحيّة لكلّ المناضلين الصادقين عبر كلّ مراحل تاريخنا المجيد والذين عبّدوا لثورة الحرية والكرامة.

حذار من الاستخفاف بما يجري في مؤسّساتنا التربوية من تسيّب وعنف طال المربي والتلميذ وحوّلها الى فضاءات لإنتاج البطالة وتبليد الفكر والتسويق لسلعنة التعليم حتى يكون في خدمة السوق عوض توظيفه لخدمة المجتمع وتنوير الفكر.

حذار من تدمير المرفق العمومي وترذيل خدماته وزرع العداوة تجاهه لغاية التسويق لخوصصته.

حذار من الاستقواء بالأجنبي والتحريض ضدّ بلادنا بما يهدّد سيادة قرارنا الوطني ويستنزف مقدراتنا ويرتهن استقلالية خياراتنا.

حذار من الاصطفاف وراء المحاور الإقليمية والجيوسياسية وحشر بلادنا في معارك خاسرة لا مصلحة لنا فيها.

حذار من فشل تجربة 25 جويلية ومن تعطيل تحوّلها إلى مسار تصحيحي فبذلك نعبّد الطريق لعودة المنظومة الفاشلة ولانتشار الفوضى.

الأخوات والإخوة  

لقد وَعدنا رُوّادنا وشعبنا ألاّ نخضع للابتزاز.. ألاّ نساوم في استقلالية قرارنا.. أن نبقى أوفياء لأصحاب الحقّ.. أنصارا للديمقراطية.. دعاةً للحوار مهما بلغ الاختلاف.

لن تربكنا حملات الشيطنة ولا معاول التخريب والتشكيك ولن تُثْنِينا عن الإيفاء بتعهّداتنا تجاه عاملات وعمالنا وتجاه شعبنا.

لن يهدأ لنا بال حتّى نتحقّق من تطبيق جميع الاتفاقيات المبرمة ومن الرفع في الأجر الدنى المضمون وإيجاد آلية دورية ودائمة لتعديله ولن نتنازل عن حقّنا في فتح المفاوضات الاجتماعية في جانبيها المادي والترتيبي وفي آجالها ووفق ما تمّ عليه الاتفاق في اجتماع مكتبنا التنفيذي الوطني مع الحكومة من أجل الزيادة في الأجور حفاظا على مقدرتنا الشرائية وحقّنا في تحسين شروط وظروف عملنا.

سنستمر في الدعوة الى حوار وطني حول المنوال التنموي بما يلبّي استحقاقات شعبنا في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

سنستَمِيت في الدفاع عن مؤسّساتنا العمومية وفي التصدّي لكلّ محاولات التفويت فيها تحت أيّ عنوان كان.

سنقاوم كلّ أشكال العمل الهشّ أينما كانت، وسنعمل على فرض شروط العمل اللائق كمقوِّم أساسيّ لاستدامة مؤسساتنا وخلق القيمة المضافة.

سنقف إلى جانب العمّال المهاجرين سواء التونسيين بالخارج أو الأجانب في تونس مطالبين بالمساواة في المعاملة وفي الحماية.

سنحرص على التعجيل بفتح حوار وطني حول أمننا الغذائي وبلورة استراتيجية وطنية للنهوض بالقطاع الفلاحي ومقدراتنا المائية وفق مقاربة تنموية مستدامة تثمّن الاقتصاد الأخضر والطاقات النظيفة والصديقة للبيئة.

سوف نعمل على التعجيل بإصدار الأوامر والمناشير التي تنظّم الاقتصاد التضامني والاجتماعي، كما سنعمل على إدماج الاقتصاد غير المنظّم في الدورة الاقتصادية بما يضمن العمل اللائق للجميع في إطار العدل والمساواة.

سنناضل من أجل اصلاح منظومة الصحّة العمومية بما يؤهّلها لكسب معركة البلاد في مواجهة جائحة كورونا وللنهوض بالمرفق العمومي الصحّي خدمة لجميع التونسيات والتونسيين.

سوف نعمل على تفعيل الاتفاقيات والقرارات ذات العلاقة بالتشغيل.

كما سوف نعمل على المطالبة بالإسراع في إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وفي مقدّمتها الصناديق الاجتماعية وتأمين الحياة الكريمة للمتقاعدين وتطوير الخدمات المقدَّمة للمضمونين الاجتماعيين.

سنقف إلى جانب كلّ المبادرات وخاصّة تلك الهادفة إلى الضغط على غلاء المعيشة ومحاربة ارتفاع الأسعار ومقاومة العنف ضدّ المرأة، وحملات النظافة وتجميل المدن والقرى والتنشيط الثقافي وغيرها وسنلتزم بدعم كلّ الجهود التي تسعى إلى تحويلها إلى ثقافة مترسّخة في السلوك العام بعيدا عن التوظيف السياسيّ والحزبيّ.

الأخوات والإخوة

تعود علينا هذه الذكرى وشعبنا في فلسطين يواجه تصعيدا صهيونيّا أدّى إلى سقوط العديد من الشهداء، فضلا عن تصاعد الاعتقالات التي طالت الشيوخ والنساء والأطفال، وحوّل السجون إلى مشرحة للتعذيب والتنكيل والقتل البطيء للأسرى الفلسطينيين.

وإزاء هذه الأعمال الهمجية والوحشيّة فإنّنا نعبّر بهذه المناسبة عن كامل تضامننا مع أشقّائنا في فلسطين ونحيّي صمودهم وإصرارهم البطولي على المقاومة ونستنكر ما يقوم به الكيان الصهيوني من هدم وتخريب للحقول والبيوت والأحياء بغاية تهويدها، ونناشد المجتمع الدولي والعربي الخروج عن صمته أمام هذه المظالم لتقديم الدعم والمؤازرة للشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله من أجل الاستقلال والتحرّر وبناء دولته على أرضه وعاصمتها القدس الشريف.

كما نجدّد موقفنا المبدئي من رفض الاتحاد لكلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.

 العزة لتونس والمجد للشهداء

عاشت وحدة العمّال

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرّا مستقلا ديمقراطيا مناضلا

Skip to content