حوارات

لن تكون مخرجات الحوار الوطني غير صدى ما يريده الحاكم بأمره

نائلة الزغلامي للجريدة المدنية:

سيماء المزوغي
صحفية

اعتبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي أن تونس مازالت تتحسّس بدايات الانتقال الديمقراطي في غياب الحقوق والحريات، وفي غياب العدالة الاجتماعية وفي غياب المساواة، والكرامة الإنسانية، وتكافئ الفرص والتوزيع المتساوي للثروات، واعتبرت أنّ المبادرة المدنية  ستقدّم حلولا اقتصادية واجتماعية وتعطي تصوّرات وتمثلات، وإجابات  قادرة على نقل تونس إلى برّ الأمان.

كيف ترين اليوم واقع الحقوق والحريات في ظل الوضع الراهن ومع تسارع الأحداث في تونس؟

بالنسبة لملف الحقوق والحريات، هنالك مقدّمات تحيل إلى نتائج، المقدمات الأولى هي التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية في مسألة عدم اقتناعه بالمساواة في الإرث، بمسألة عدم اقتناعه بحقوق مجتمع الميم عين، ما يحيل إلى نفي الحريّات الفردية، أيضا عندما نتحدّث عمن عزلهم من عملهم لمجرّد أنهم يخالفونه الرأي، نتحدّث أيضا عن الإيقافات التحفظية، كل هذه الأوضاع تنبئ بمدى التهديدات التي تواجه  ملف الحريات.

هل تعتقدين أنّ الاقتراع على الأفراد الذي يدعو إليه رئيس الجمهورية، وهو عادة ما يُطّبق في الدول التي لديها تقاليد ديمقراطية، سينصف النساء اليوم؟

الرئيس تعهّد بإبقاء الباب الأول والثاني من الدستور، صحيح أننا لم نطّلع على النسخة النهائية من الدستور ولا حتى على المسودة ولكننا نتصور أنّ الفصل 46 سيغيب فيها، كذلك الفصل السادس الذي ينصّ على حرية الضمير، أيضا الفصل الثاني الذي ينصّ على مدنية الدولة، وفصول مثل 20 و21.. نعتقد أنّ هنالك العديد من الفصول التي ستغيب عن الدستور، 

 بالنسبة للإقتراع على الأفراد فنحن نعرف أنّ آلية التناصف فرضناها عبر نضالات خاضتها الحركة النسوية والحركة الحقوقية والحركة المدنية من أجل فرض تواجد النساء في مواقع القرار السياسي لأنّ العقلية الذكورية البطريركية لا تسمح بصعود النساء في مواقع القرار السياسي،

 لهذا نعتبر أنّ الإقتراع على الأفراد لا يستطيع أن يعطي فرصة للنساء للتواجد.

نحن عندما نتحدّث عن الديمقراطية، مازلنا نتحسّس بدايات الانتقال الديمقراطي الذي لا زلنا نخوض في صراعات منذ عقود ضد الثقافة الأبوية الذكورية التي كرستها الترسانة القانونية التمييزية والممارسات الرجعية.. مازلنا نتحسس الديمقراطية في غياب الحقوق والحريات، مازلنا نتحسس العدالة الاجتماعية في غياب المساواة، في غياب  الكرامة الإنسانية، في غياب تكافئ الفرص والتوزيع المتساوي للثروات.. كل هذا لا يزول بين عشيّة وضحاها، ففي ظل كل هذا، نظام الإقتراع على الأفراد لا ينصف الجميع. فحتى مع الية التناصف النساء لم تصل إلى 50 بالمائة في مجلس النواب، كذلك بالنسبة للهيئات الدستورية، باستثناء في الإنتخابات البلدية التي تمّ التنصيص فيها صراحة على التناصف الأفقي والعمودي، حيث قاربت 50 بالمائة، وهي نسبة محترمة وتسمح للنساء بالتواجد في الجماعات العمومية المحلية.

كيف ترين نهاية الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ومخرجاته؟

قلنا من البداية أن الحوار الوطني، حوار شكلي، حوار استشاري، نحن نعرف جيّدا أنه ليس حوارا تقريريا المراد من الحوار هو المقاربة التشاركية التي تبني سويّا، سواء مع المقاربة المدنية والحقوقية والسياسية.. المراد بالحوار أنّ تبني كل الأطراف عقدا يقدر على تحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة التامة والفعلية أمام القانون، قادرا على تحقيق ضمانات الحقوق والحريات الفردية والعامة، دون أن ننسى تواجد النساء في مواقع صنع القرار.

هذا الحوار من جانب واحد، ولون واحد، وصدى واحد. لن تكون مخرجاته غير صدى ما يريده الحاكم بأمره، نحن نعرف أنّ المجتمع المدني والنخبة المفكرة تمثّل قوّة اقتراح، وهي لم تشارك في هذا الحوار أمام سلطة تنزع إلى التسلّط والإنفراد بالسلطة.

في خضم هذا الواقع ما هي الآليات التي تعملون عليها لمجابهة التهديدات التي تواجه حقوق الإنسان والحريات في تونس؟

لا نستطيع مواجهة هذه التهديدات إلا بتضافر جهود كافة أطياف المجتمع المدني، وبنضاله الفعلي اليومي الصادق. بالنسبة للائتلاف المدني المتكون من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ونقابة الصحافيين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والإتحاد العام التونسي للشغل، هي مبادرة نريدها أن تقدّم حلولا اقتصادية واجتماعية وتعطي تصوّرات وتمثلات، وإجابات  قادرة على نقل تونس إلى برّ الأمان. هذا ما نطمح إليه، وهذا ما نريد إرساءه، وهذا ما يجب أن يكون.

لا بدّ من تضافر الجهود المختلفة،  من توحيد جهودنا نحو هدف واحد وهو إخراج البلاد من أزمتها. هذا ما يجب أن يقودنا اليوم وغدا، وهذه رؤيتنا التي نلتف حولها. كذلك لا ننسى مبادرة الديناميكية النسوبة التي آمنا بها، من أجل الدفاع عن حقوق النساء، ممن يتكبّدن أشكال العنف والتمييز في الفضاء العام والخاص،  ويواجهن تفاقم واستفحال الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خاصّة مع تعمّق واستفحال ظاهرة  تأنيث الفقر وارتفاع منسوب العنف المسلط على النساء دون أن نتحدّث عن تواتر جرائم قتل النساء، ولقد حذرنا ونبهنا كديناميكية نسوية مستقلة من كل محاولات عدم الاعتراف  بحقوق النساء، وكل الدعوات التي تريد التراجع عن مكاسب النساء وحقوقهن، والتصريحات المهينة لكرامتهن والتي تدعو إلى سحلهن ووصمهن وقتلهنّ المعنوي، وكل المساعي لتكريس تراتبية تفاضلية بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية، قائمة على تقسيم للفضاء بين عامٍّ خاضع لسلطة الدولة وفضاء خاص تنتفي فيه المواطنة، وتكرّس فيهما الهيمنة الذكورية المبنية على التقسيم التقليدي في المسؤوليات والأدوار والمكانة وهيمنة السلطة الأبوية البطريركية.. ولا ننسى ما حدث في الاونة الاخيرة للقاضيتين المعنيتين بالوصم الالكتروني ما مثّل خطرا عميقا لمنظومة الحريات ..

هذا لا يستطيع أن يتقدّم بمجتمع مدني يؤمن بالحقوق والحريات والديمقراطية ويسعى إلى إرساء  دولة القانون ويحمي كرامة الأفراد .

Skip to content