مقالات

لون العالم برتقاليا لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات

تونس تنخرط في حملة الـ16 يوما من النشاط للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات

مجدي الورفلي
صحفي

ﺗﺘﻌﺮض واﺣﺪة ﻣﻦ ﺛﻼثة ﻧﺴﺎء وﻓﺘﻴﺎت في العالم ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺠﺴﺪي أو اﻟﺠﻨﺴﻲ خلال ﺣﻴﺎﺗﻬﻦ، عنف تتعرّض له النساء زادت في منسوبه جائحة الكوفيد 19 وهو ما دفع الامم المتحدة لإختيار اللون البرتقالي لحمة دولية أُطلقت بالتزامن مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد النساء، وفي تونس إنخرطت عديد الجمعيات والمنظمات في الحملة الدولية المسمّاة بـ”حملة الـ16 يوما من النشاط للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات”.

“لون العالم برتقاليا : فلننه العنف ضد المرأة الان” مثّل شعارا للحملة العالمية “16 يوما من النشاط للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات” الذي يقع إحيائه في كل العام وتونس في ظلّ جائحة كوفيد 19 التي ضاعفت حوادث العنف ضدّ المرأة، حيث تتعرض ثلث النساء في عالم وفق ما أظهره تقرير صدر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة إستند على بيانات قُدمت من 13 دولة منذ بداية جائحة الكوفيد 19 التي صاحبها إرتفاع منسوب التبليغ عن العنف المنزلي من طرف النساء.

تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرآة الصادر بمناسبة الحملة العالمية 16 يوما من النشاط للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات”، أبرز ان اثنتين من كل ثلاث نساء أبلغن عن تعرضهن لشكل ما من أشكال العنف، فيما واحدة فقط من كل 10 ضحايا إنها أبلغت الشرطة طلباً للمساعدة، كما اشارت الامم المتحدة بهذه المناسبة الى ان نسبة 52 % من النساء المتزوجات أو المرتبطات يتخذن بحرية قراراتهن بشأن العلاقات الجنسية واستخدام وسائل منع الحمل والرعاية الصحية ونسبة 71 % من جميع ضحايا الاتجار بالبشر في العالم هن من النساء والفتيات، و 3 من أصل 4 من هؤلاء النساء والفتيات يتعرضن للاستغلال الجنسي.

أنواع العنف المُبلّغ عنه في تونس

في تونس كشفت وزارة المراة والاسرة وكبار السن، بمناسبة بمناسبة 16 يوما من النشاط للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات” عن إحصائيات مبنية على الإتصالات التي ترد على الخطا الأخضر (1899) للتبليغ عن حالات العنف ضد المرأة، والذي يعدّ من آليات المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة ويتلقي أكثر من 15 ألف مكالمة سنويا ويصدر إحصائيات شهرية وسنوية، وخلال الفترة الفاصلة بين شهري جانفي وأكتوبر 2021 استقبل هذا الخط حوالي 6284 مكالمة منها 1225 مكالمة متعلقة بإشعارات حول العنف المسلط على النساء أي ما يقارب 25 % من مجموع المكالمات وتتعلق بقية المكالمات بطلبات استشارات قانونية عامة أو توضيح لمهام الخط.

انطلاقا من المكالمات الواردة على الخط الأخضر 1899، يتبين أن 75.5 % من المكالمات تتعلق بحالات عنف زوجي، فيما تعرّضت 82 % من النساء المتصلات للعنف المعنوي (نفسي ولفظي) وأكثر من 66 % تعرضن للعنف الجسدي و39 % من الضحايا تعرضن للعنف الاقتصادي، أما بالنسبة للعنف الجنسي فنسبة التبليغ لا تتجاوز 10 % من مجموع المكالمات، وهي نسبة وإن بدت منخفضة لا تعكس حقيقة الواقع لأن النساء لا تتجرأن على التبليغ عن هذا النوع من العنف لأسباب ثقافية أو لاستبطانه نتيجة سيطرة الثقافة الذكورية التي تسمح بسلطة الزوج على جسد زوجته.

كما تشير الاحصائيات الصادرة عن وزارة المرأة إلى أنّ 89 % من طلبات الضحايا تتعلق بالإصغاء فقط ويفسّر ذلك بحاجة الضحايا الملحّة لتبليغ أصواتهن نتيجة الآثار الوخيمة التي يخلفها العنف على نفسية النساء والحاجة للاعتراف بهن كضحايا وإرادتهن كسر جدار الصمت، كما أنّ 88 % من المتصلات تجاوزن مرحلة مطلب الإصغاء للمطالبة بالإرشاد القانوني للنظر في سبل البحث عن الحلول والمطالبة بتتبع القائم بالعنف طبقا لما نص عليه القانون 58 لسنة 2017، إلى جانب أنّ 22 % من المتصلات يقع توجيههن للإحاطة النفسية و12 %منهن يقع توجيههن ليتقدمن بطلب حماية.

العنف الرّمزي

مركز البحوث والدراسات والتوثيق و الاعلام حول المرأة “الكريديف” بالشراكة مع صندوق اللأمم المتحدة للسكان تونس أطلق حملة توعوية تحت شعار “إسمو عنف” من 20 الى 27 أكتوبر الماضي، وبمناسبة حملة الـ 16 يوما للحملة العالمية للقضاء على العنف ضد المرأة كشف عن مُخرجات الحملة والتوصيات وعلى رأسها مراجعة المناهج التربوية في اتجاه القطع مع العنف الرمزي وإرساء إعلام مناهض له.

حيث خلص مركز البحوث والدراسات والتوثيق و الاعلام حول المرأة الى ان العنف الرمزي هو شكل من أشكال العنف المتفشي في الممارسات اليومية التي تستبطن عنفا و تمييزا لدى العائلات التونسية ويتم التعاطي معها على أنها أمور عادية، منها حرمان الفتيات و النساء من ممارسة بعض الأنواع من الرياضات واستفرادهن بالقيام بالشؤون المنزلية وفرض لبس الميدعة على الإناث فقط بالمعاهد.  

   كما أوصت الحملة بإدراج مقاربة حقوق النساء والمساواة بين الجنسين في المناهج التربوية والعمل على إرساء إعلام مناهض للعنف الرمزي ضد النساء و الفتيات من خلال إنتاج مضامين إعلامية مراعية لمقاربة حقوق النساء، وكذلك تكثيف الجهود البحثية المتعلقة بهذا الموضوع في جميع الفضاءات و المجالات وتعزيز العمل المشترك بين الهياكل المتدخلة في مناهضة العنف ضد المرأة.

مطالبة بتطبيق القانون 58

أصوات نساء إنخرطت كذلك في الحملة الدولية 16 يومًا من النشاط للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، ونشرت إحصائيات تفيد بتسجيل مراكز الشرطة لـ 3000 شكوى شهرياً من قبل النساء المعنفات رغم ان عدد النساء الاتي تعرضن للعنف أعلى بكثير نظرا لان عديد النساء اللواتي يتعرّضن للعنف لا يتقدّمن بشكوى ولا يُبلّغن.

أصوات نساء إعتبرت انه بالرغم من المصادقة على القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة سنة 2017 إلا تطبيقه بطريقة فعلية وناجعة على أرض الواقع لا يزال بعيد المنال، وذكرت الجمعية أن الفصل 13 من القانون ينصّ على ان النساء ضحايا العنف يستفدن من الرعاية العمومية والجمعياتية والسكن الفوري، لكن في المقابل لا يوجد سوى 7 ملاجئ للنساء ضحايا العنف في جميع أنحاء تونس.

لتخلص أصوات نساء الى طرح مطلب واحد لكنه شامل ويتلخّص في إلتزام الدولة والحكومة بالتطبيق الفعلي للقانون، واوردت انه “نيابة عن جميع ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي تدعو أصوات نساء إلى الاستثمار في التطبيق الفعلي للقانون…لا يمكن لأصوات نساء أن تظل صامتة في وجه عدم تطبيق القانون”. 

Skip to content