مقالات

الانتخابات التشريعية : برلمان ذكوري وشغور سيُضطرّ هيئة بوعسكر إلى تنظيم انتخابات جزئية

مجدي الورفلي
صحفي

تحصّل 10 مترشحين، مبدئيّا، على صفة نائب بصفة آلية في برلمان “ذكوري بامتياز”، كما ستُضطرّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى تنظيم انتخابات جزئية في 7 دوائر انتخابية، وذلك في انتظار الاعلان عن القائمة النهائية للمترشّحين المقبولين للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 17 ديسمبر 2022، بعد انقضاء كافة مراحل الطعون وإصدار القرارات من قبل المحكمة الإدارية.

رغم خطوة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المثيرة للجدل بالتمديد بـ3 أيام في فترة قبول الترشحّات للانتخابات التشريعية في 161 دائرة انتخابية المزمع تنظيمها في 17 ديسمبر المقبل، إلا أن الملفات المقبولة لم تبلغ ما توقّعته الهيئة من عدد ترشّحات والتي بلغت 1700 ترشّحا، حيث أدت عملية التثبّت في ملفات الترشّح إلى رفض 363 مطلبا من جملة 1427 ملف ترشح، ليستقرّ عدد الترشحات المقبولة مبدئّيا في 1058 ترشّحا بعد سحب 6 مترشّحين لملفات ترشّحهم.

وحتى الـ1058 ترشّحا التي أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبول ملفاتها ليس عددا نهائّيا، حيث يبقى مفتوحا على الزيادة أو النقصان خلال الأسبوعين المقبلين، في انتظار الإعلان الرسمي عن القائمة النهائية للمترشّحين المقبولين يوم 22 نوفمبر الجاري بعد انقضاء كافة مراحل الطعون، والتي انتهت آجال التقدم بها يوم السبت 5 نوفمبر الجاري، وإصدار المحكمة الإدارية لقراراتها في الطعون المقدمة سواء في الملفات المرفوضة أو حتى التي أعلن مجلس الهيئة قبولها.

تفاصيل الترشحّات المقبولة

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن حصيلة مفصّلة للترشحات، فمن مجموع 1427 ترشحا تم رفض 363 مطلبا منها 273 مطلبا لرجال و90 مطلبا لنساء، وقد تم رفض 77 % من تلك الملفات لوجود خلل في التزكيات شمل 281 مطلبا، و15 % تم رفضها لنقص الوثائق القانونية المستوجبة وهي في حدود 53 مطلبا، فيما قرر مجلس الهيئة رفض 8% من الملفات لانعدام شرط من شروط الترشح في 29 مطلبا.

اما الـ 1058 مطلبا مقبولا بصفة أولية، فتتوزع إلى 936 مطلبا لرجال و122 مطلبا لسيدات، وتنقسم حسب المعطيات الموجودة في بطاقة التعريف الوطنية بين إطارات وأعوان وزارة التربية بـ273 مترشح أي ما يعادل نسبة 25.8 %، وأعوان وإطارات موظفي القطاع العام بـ230 مترشح أي ما يعادل نسبة 21.7 %، ومهن حرة بـ 148 مترشح بنسبة 14 %، وأعوان وإطارات وموظفي القطاع الخاص بـ142 مترشح بنسبة 13.4%.

كما أظهرت الإحصائيات التفصيلية التي أعلنتها هيئة الانتخابات الى وجود 101 مترشح عامل يومي أو دون عمل أي بنسبة 9.5 %، و68 مترشحّا من المتقاعدين أي بنسبة 6.4 %، وإطارات وأعوان وزارة التعليم العالي بنسبة 2.8 %، و27 ترشّحا لرؤساء بلديات بنسبة 2.6 %، فيما مثلت نسبة الطلاب 2.5 %، والصحفيين بنسبة 0.5 % عبر تقديم 6 ترشحات، اما رجال الأعمال فقد تقدم منهم 5 بترشحات ليكون نواب المجلس السابق أقل فئة من المترشحين بترشح إثنين فقط مما يمثل نسبة 0.2 % من جملة الملفات المقبولة.

نواب بصفة آلية

عدد الترشحات المقبولة حسب الدوائر الانتخابية الـ161 التي أقرها التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية (151 دائرة في الداخل و10 دوائر في الخارج)، يتراوح بين صفر ترشحات في 7 دوائر انتخابية وأكثر من 20 ترشح في دائرة واحدة، إلا ان أهم ما أفرزه البت في الملفات من طرف الهيئة حصول 10 مترشّحين على صفة نائب دون إنتظار الانتخابات (في حال لم تؤدي مرحلة الطعون إلى إسقاط ملفاتهم)، بإعتبار ان كل منهم مثّل مترشحا وحيدا في الدائرة الانتخابية التي تقدّم بترشحها عنها.

وتتوزع تلك الدوائر الانتخابية الـ10 على 7 دوائر في الداخل، وهي كل من دائرة رواد 2 وسكرة 2 والمروج بئر القصعة وباب بحر سيدي البشير وحلق الوادي وحي الخضراء المنزه وبني خداش، اما بالنسبة لدوائر الخارج التي شهدت تقدم مترشح وحيد عليها فهي 3 دوائر وهي كل من دائرة ايطاليا وفرنسا 3 وفرنسا 2، في انتظار ما ستُسفر عنه مرحلة الطعون القضائية من تثبيت لفوزهم بصفة آلية أو رفض ترشحّاتهم.

حيث ينص الفصل 109 من القانون الانتخابي الجديد بعد تعديله بمرسوم صادر عن رئيس الجمهورية قيس سعيد، على أن المترشح الوحيد في أي دائرة إنتخابية يعتبر فائزا مهما كان عدد الأصوات التي تحصل عليها، ولكن خلافا للطعون وقرارات المحكمة الادارية يبقى الفوز الآلي للـ10 مترشّحين رهين عدم ارتكابهم لتجاوزات خلال الحملة الانتخابية يُمكن ان تؤدي لإلغاء الترشح، وفق ما أفاد به الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري لـ”الجريدة المدنية”.

إنتخابات جزئية بعد معاينة الشغور

خلال اعلان هيئة الانتخابات عن غلق باب الترشّحات في 27 أكتوبر الماضي، كانت دائرة إفريقيا الدائرة الوحيدة التي سجّلت صفر ترشّحات، ولكن بعد عملية بتّ مجلس الهيئة في ملفات الترشّح إرتفع عدد الدوائر الانتخابية دون أي مترّشحين لتمثيلها في المجلس التشريعي المقبل إلى 7 دوائر انتخابية من جملة الـ161 دائرة بسبب عدم إستيفاء الشروط في 6 دوائر أخرى، لتكون الدوائر دون مترشّحين هي دوائر كل من فرنسا 1 وألمانيا وباقي الدول الأوروبية والدول العربية والأمريكيتان واسيا واستراليا وإفريقيا.

الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري أوضح في تصريح لـ”الجريدة المدنية” ان تلك الحصيلة بعدم وجود مترشّحين في 7 دوائر انتخابية أولية في انتظار تاريخ 2 نوفمبر الجاري بإعلان المحكمة الإدارية عن قراراتها النهائية في الطعون التي دُفعت أمامها، ولكن في حال تم تثبيت تلك الحصيلة بعد الاعلان النهائي عن المترشّحين سيكون هناك شغور في 7 دوائر يقع سدّها بإجراء انتخابات جزئيّة.

ووفق ما ينصّ عليه القانون الانتخابي، تُجرى الانتخابات الجزئية في الدوائر الانتخابية التي ليس لها أي ممثل في البرلمان المقبل،

 بعد الإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات التشريعية وتنصيب مجلس النواب وعقده لاجتماعه الأول أين سيعاين ويُعلن الشغور في تلك الدوائر ويراسل الهيئة رسميّا لإعلامها بذلك.

وبعد الإعلام الرسمي بالشغور من طرف البرلمان، تنطلق الهيئة المستقلة للانتخابات، وفق الناطق الرسمي، في مسار انتخابي جديد لانتخابات تشريعية جزئية تشمل تلك الدوائر الانتخابية فقط، وفق ما أوضحه الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري في حديثه مع “الجريدة المدنية”.

اللجوء إلى  دورتين في حالة..

وفق نفس إحصائيات البتّ في ملفات الترشحات للانتخابات التشريعية التي كشفت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نهاية الأسبوع الماضي، فقد سجلت 8 دوائر ترشحين اثنين فيما تراوحت الترشّحات المقبولة في 111 دائرة بين 3 و10 ترشحات ومن 11 إلى 20 ترشحا في 24 دائرة إنتخابية، وأكثر من 20 ترشح في دائرة واحدة فقط مما يجعلها الدائرة الانتخابية الأكثر تنافسا من حيث عدد المترشّحين المقبولين أوليّا.

وبالنسبة للدوائر الانتخابية التي تقدم لتمثيلها في البرلمان المقبل مترشحان فقط سيكون الفوز فيها بعد حصول المترشّح على أغلبية الأصوات المُدلى بها، أما بالنسبة للدوائر الانتخابية التي يتنافس على تمثيلها 3 مترشحين فأكثر فالفوز بمقعد يتطلّب الحصول على الأغلبية المطلقة من الأصوات، وفي حال عدم حصول أي مترشّح على الأغلبية المطلقة يقع المرور الى دور ثاني يتنافس فيه المترشّحين الاثنين اللذان تحصلا على أكثر عدد من الأصوات.

برلمان ذكوري بإمتياز

أهم ما أظهرته الاحصائيّات التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ضعف عدد المترشّحات المقبولة رغم التحذيرات التي أطلقتها المنظمات والجمعيات النسوية أو تلك الناشطة في مجال الدفاع حقوق النساء بما فيها حقوقهنّ السياسية، حيث بلغ عدد ترشّحات النساء المقبولة 122 ترشّحا من جملة الـ1058 ملفا مقبولا من طرف مجلس الهيئة، وهو ما يجعل نسبة النساء اللواتي قُبل ترشّحن بصفة أولية لا تتجاوز 12 بالمائة.

ووفق نفس الإحصائيّات بمن بين 161 دائرة انتخابية، غابت ترشحات النساء في قرابة 70 دائرة انتخابية، وهو ما جعل المنظمات والجمعيات النسويّة وغيرها من المنظمات المحلية والدولية تعتبر ان الانتخابات التشريعية المقبلة تمثل بالقانون المنظم لها بعد تعديله من طرف الرئيس قيس سعيد بمرسوم “تضع المرأة كمزكّية بدرجة أولى دون المحافظة على مكتسباتها السياسة التي كرّسها إلزامية التناصف في القائمات قبل تغيير نظام الاقتراع إلى الاقتراع على الأفراد”.

حيث اعتبرت نائبة رئيسة جمعية رابطة التونسيات تركية بن خضر في تصريح لـ”الجريدة المدنية” أن البرلمان المقبل “سيكون ذكوريا بامتياز”، وأكدت ان “المرأة المزكية” كان أكبر بكثير من “المرأة المترشحة لعضوية البرلمان المقبل”، وهو أمر متوّقع منذ الإعلان عن المرسوم المنقح للقانون الانتخابي الذي تراجع بحقوق المرأة السياسية وحصر التناصف في التزكيات بعد أن كان شرطا أساسيّا لقبول القائمات المترشّحة للانتخابات التشريعية.

وفي تقدير نائب رئيس الجمعية التي تنشط في مجال توعية النساء بحقوقهنّ السياسيّة وتكوينهنّ في هذا المجال، فالبرلمان الذي ستُفرزه انتخابات 17 ديسمبر المقبل، سيعكس ضرب وتراجع عن مكسب كبير حققنه النساء بعد نضال أجيال، كما ان تمثيلية للمرأة داخلة ستكون هي الأضعف مقارنة بتمثيليتها في المجالس التشريعية التي سبقته.

والسبب الرئيسي، من وجهة نظر بن خضر، ما كرسه مرسوم الرئيس سعيّد لتنقيح القانون الانتخابي من تغيير نظام الاقتراع على الأفراد في مجتمع تسيطر عليه العقلية الذكوريّة وما تضمّنه من عوائق أمام ترشّح المرأة على عكس نظام الاقتراع على القائمات الذي كان يشجع النساء على الترشّح ويفرض التناصف كشرط لصحّة القائمات المترشّحة.

بقية الروزنامة الانتخابية

أهم المراحل المتبقية في المسار الانتخابي وفق الروزنامة الانتخابية التي أكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ان التمديد في فترة الترشّحات بـ3 أيام لم يؤدي إلى تغييرها، تتمثل تحديد يوم 9 نوفمبر الجاري كآجل أقصى لقبول مطالب انسحاب المترشحين و22 من نفس الشهر كأجل أقصى لإعلان الهيئة عن قائمة المترّشحين المقبولين نهائيا بعد إنتهاء فترة الطعون بكل مراحلها.

ليمثّل يوم 23 نوفمبر الجاري تاريخ انطلاق فترة الحملة الانتخابية في الدوائر الانتخابية في الخارج، كما حددت الروزنامة الانتخابية يوم 25 نوفمبر الجاري لانطلاق الحملة الانتخابية في الدوائر الانتخابية داخل البلاد، اما الصمت الانتخابي في الخارج فينطلق بداية من 14 ديسمبر 2022 و16 ديسمبر في الدوائر الانتخابية في الداخل.

وحددت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أيام 15 و16 و17 ديسمبر 2022 لإدلاء التونسيين في الخارج بأصواتهم لاختيار ممثليهم في البرلمان القبل ويوم 17 ديسمبر للإقتراع في الداخل، ليتم الإعلان عن النتائج الأولية في أجل لا يتعدى 20 ديسمبر 2022، ثمّ النتائج النهائية بعد إنتهاء آجال الطعون في اجل لا يتجاوز 19 جانفي 2023.

Skip to content