مقالات

التعليم عن بعد بجامعة منوبة في أزمة كورونا، إلى أي حد كان ناجحا ؟

هاني ابراهمي

شهدت بلادنا في الأشهر القليلة الماضية تفشي جائحة كورونا والتي أدت إلى إصابة أكثر من ألف شخص بهذا الفيروس، وهو ما نتج عنه توقف عديد القطاعات في مختلف أنحاء الجمهورية على غرار السنة الجامعية الحالية مما جعل الطلبة يلتزمون بالبقاء في منازلهم كبقية فئات المجتمع خلال فترة الحجر الصحي الشامل.

وبما أن مدة توقف الدروس قد طالت نوعا ما، قررت بعض الجامعات التونسية اللجوء الى التعليم عن بعد لفائدة الطلبة بواسطة الوسائل المتاحة رغم ندرتها باعتبار أن التعليم عن بعد في بلادنا لم يصل إلى مراحل متقدمة وبقي اعتماده رهين وضعيات قليلة جدا ولشرائح معينة من المجتمع.

جامعة منوبة تقود الركب

قادت جامعة منوبة ركب الجامعات السباقة في اعتماد التعليم عن بعد في هذه الأزمة، اذ أنها من ضمن الجامعات الأولى التي سلكت هذا الطريق بعد أن نشر أساتذتها الدروس على منصة جامعة تونس الافتراضية بتنظيم محكم وذلك لفائدة كل الاختصاصات الموجودة في الجامعة والتي تتوزع على 14 كلية. 

إضافة إلى ذلك فإن أغلب الكليات قد مكنت أساتذتها من تحميل الدروس على الموقع الإلكتروني الخاص بتلك الكلية لكي تسهل الولوج إليها بالنسبة إلى الطلبة.

توفير لوحات رقمية لفائدة الطلبة

أطلقت جامعة منوبة خلال أواخر شهر أفريل الماضي مبادرة تضامنية بعنوان “تحد لتوفير ألف لوحة رقمية” لفائدة طلبتها، وذلك بالاشتراك مع ودادية جامعة منوبة والمؤسسات التابعة لها وبالتعاون مع بعض الشركاء منهم بلدية منوبة، لتشرع الجامعة بعد ذلك وبالتعاون مع البريد التونسي في إرسال اللوحات الرقمية لفائدة طلبتها من أبناء العائلات محدودة الدخل والفئات الاجتماعية الضعيفة بعد أن فتحت باب الطلبات بالنسبة للطلبة الذين لا يمكنهم الولوج الى المحامل الرقمية للاستفادة من التعليم عن بعد.

وأكّدت سمية بالرجب، المكلفة بالإعلام والاتصال بجامعة منوبة، فإنه قد تم تلبية جميع الطلبات، حيث بلغ عدد المستفيدين من هذه البادرة 700 طالب ممن تتوفر فيهم الشروط.

وأضافت بالرجب أن الجامعة تعتبر راضية عما قدمته لفائدة طلبتها في تلك الأزمة مؤكدة أن اعتماد التعليم عن بعد داخل هذه الجامعة لن يتوقف عند هذا الحد وأنها ستواصل العمل على أن تكون سباقة في هذا المجال لبناء تقاليد في هذا المستوى تمكن الطلبة من الاستفادة من الدروس عن بعد في المستقبل سواء كان ذلك في الأزمات أو حتى في النسق العادي للسنة الجامعية.

الأساتذة يبدون رأيهم في هذه الخطوة

وفي سياق متصل، عبر بعض أساتذة جامعة منوبة في عدد من كلياتها عن رضاهم عن اعتماد خطة التعليم عن بعد لفائدة الطلبة في أزمة جائحة كورونا، معتبرين أن هذه الخطوة قد سهلت على الطلبة الولوج إلى الدروس والاستفادة منها بعيدا عن ضغط الوقت والزمن في الحصص الحضورية ويساعد على مواجهة تحديات الكليات في زيادة نسبة غياب الطلاب والتسرب الدراسي التي تفاقمت في السنوات الأخيرة إضافة إلى أنه يساهم في تنمية العملية التواصلية بين الطالب والأستاذ في نطاق أكثر مرونة من ناحية الوقت وحتى النقاش الأكاديمي بين الطرفين.

ويقول الأساتذة الذين اعتمدوا التعليم عن بعد في الأزمة الماضية أنهم لاحظوا أن الطالب يكون أسرع استيعابا للمعلومات التي تقدم إليه منوهين إلى أن أغلبية الطلبة قد تعاملوا تعاملا جديا مع الدروس عن بعد كما أنهم وجدوا تفاعلا طيبا في ما يتعلق بالواجبات التي يسدونها الى الطلبة بغاية إنجازها في وقت محدد وهو ما يضفي حماسا أكثر للطلبة وحافزا أكبر باعتبار أنهم استخدموا تقنيات جديدة في التعلم لم يسبق لأغلبهم استخدامها من قبل.

وتؤكد الأستاذة كوثر الدزيري، وهي أستاذة فرنسية بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار، أن “تجربة التعليم عن بعد في الفترة الأخيرة كانت مرهقة بالنسبة للأساتذة وكذلك الطلبة.”

وأشارت الدزيري إلى أن أسباب عديدة جعلت التجربة مرهقة من بينها عدم تأقلم الطرفين مع هذه الطريقة المستجدة وذلك لعدم إتقان التعامل الإلكتروني للبعض منهم. وكذلك الحيز الزمني الضيق الذي لم يسمح بإتمام كل البرامج التعليمية.

هذا بالإضافة إلى عدم التكافؤ بين الطلبة لاسيما أن البعض منهم لا يملكون حواسيب، لكن حسب رأيها فهي إجمالا تجربة هامة وقابلة للتطوير ولكن بطريقة مدروسة وذلك بإنجاز بعض التربصات في هذا المجال بالنسبة للأساتذة والطلبة خلال السنة الجامعية داخل المؤسسة للاستناد على هذا الأسلوب التعليمي بطريقة علمية وبيداغوجية سليمة دون تسرع .

الطلبة يتذمرون

ومن جهة أخرى فإن أغلبية الطلبة، اللذين تحاورنا معهم، قد عبروا عن تذمرهم من هذا الموضوع وأنهم غير راضين بصفة تامة عن هذه الخطوة بما أنها كانت بصفة مفاجئة ودون سابق إنذار مبررين ذلك بأنهم كانوا في حالة نفسية صعبة في فترة انتشار جائحة كورونا وممزقين بين خوفهم على صحتهم وصحة عائلاتهم وبين ضبابية الرؤية بخصوص مستقبلهم الدراسي الجامعي في ذلك الوقت وعن إمكانية استكمال السنة الجامعية من عدمه.

هذا وقال بعض الطلبة أنهم يفضلون الدروس الحضورية باعتبار أنها تكون أكثر جدية وأفضل من الناحية البيداغوجية لكنهم لم يخفوا إعجابهم بهذه الخطوة التي ساعدتهم بعض الشيء في تجاوز بعض الصعوبات فيما يتعلق بالنقائص المعرفية حيث اعتمد البعض منهم على المراجعة من خلال الدروس الموجودة على موقع جامعة تونس الافتراضية مضيفين أن هذه الخطوة كانت ستكون أكثر نجاعة لو تم تكوينهم قبل ذلك في كيفية التعامل مع الدروس الرقمية واستغلالها بكيفية ممتازة ودقيقة.

Skip to content