ان التودد الذي أطلقه بورقيبة قدم تلخيصا عن علاقة الرجلين فهو مدير ديوانه الرئاسي ووزيره للثقافة والاعلام في حقبة السبعينات وهو “ريشته الفراسة والقلم” عند كتابة خطابات الرئيس المفوه بطبعه ….
وعلى عكس ماهو متعارف فإن من دفع نحو ترشيحه لرئاسة جامعة الدول العربية واقناع بورقيبة بمقترحه هو وزيره الاول الهادي نويرة ورغم التباعد الذي طرحته المسؤولية العربية فقد ظل القليبي بورقيبي العقل والفعل حد إفراده بكتاب حمل عنوان “أضواء من فترة حكم بورقيبة” وغاب فيه دوره تماما.
ولما سئل الرجل ذات مرة وهو الذي تموج بين المسؤوليات والقرار لماذا لا تكتب مذكراتك الخاصة أجاب ببديهته الحاضرة أن الذاكرة خائنة في اغلب الاحوال وأن “الأنا” من شأنها ان تكيف الماضي بما هو أجدر.
كان لهذا الماضي عمقه في تحديد خياراته فعندما كان يود دراسة الطب بالعاصمة الفرنسية أواسط الأربعينات تغيرت بوصلة القرار الدراسي بعد رسالة وردته على عجل من أستاذه الأديب والمفكر والوزير محمود المسعدي قال له فيها :”إذا كنت تعتقد ان الطب الذي تتوجه لدراسته يخدم البلاد فإنك مخطئ”.