مقالات

بعد الهجمة العنصرية التي أطلقها ضدّهم رئيس الجمهورية: حملات تضامن مع المهاجرات والمهاجرين رغم التهديدات

مجدي الورفلي
صحفي

وسط عتمة الحملة العنصرية ضد المهاجرات والمهاجرين من بلدان جنوب الصحراء، التي تبعت تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد، تضئ شمعة حملة التضامن المتعدّدة الصيغ والأشكال التي أطلقتها منظمات المجتمع المدني في تونس، رغم التهديدات التي تعرّض لها النشطاء كما كان الحال مع جمعيّة “كلام”. 

منذ إطلاق رئيس الجمهورية قيس سعيد لحملة عنصرية ضدّ المهاجرات والمهاجرين من دول جنوب الصحراء، لم تتوقّف حملات التضامن معهم بداية من مسيرة في العاصمة خرج فيها المئات للتنديد بتصريحات سعيّد، مرورا بتطوع أطباء لمعالجة من تعرّضوا للعنف من المهاجرات والمهاجرين، وصولا إلى جمع التبرّعات لفائدتهم.

إلا أن حملة العنصرية والعنف ضدّ المهاجرات والمهاجرين التي تبعت تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيّد، تطوّرت لتبلغ في البداية هجمة الكترونية ضدّ جمعية “كلام” بعد إطلاقها لحملة جمع تبرعات لفائدة مهاجرات ومهاجري جنوب الصحراء، ومن ثمّ وصلت الى حد محاولة اقتحام مقر الجمعية بعد حملة التحريض عليها التي أطلقها الحزب القومي التونسي.

الحملة متواصلة وإجراءات للسلامة

رئيسة جمعية “كلام” فريال شرف الدين، أكدت في تصريحات لـ”الجريدة المدنية”، أن حملة جمع التبرّعات لفائدة المهاجرين والمهاجرات من بلدان جنوب الصحراء التي أطلقتها الجمعية بعد حملة العنصرية ضدّهم لا تزال متواصلة، رغم التهديدات التي تلقّاها الناشطات والناشطون في جمعية “كلام” بعد إعلان حملة التبرّعات.

فوفق شرف الدين، تلقّى الناشطات والناشطون في الجمعية في البداية تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي بعد حملة تحريض وتشوية أطلقها الحزب القومي التونسي ضدّهم على خلفية جمعهم لأطعمة وحفاظات أطفال وحليب لفائدة المتضرّرين من حملة العنصريّة، ليتطوّر التهديد إلى حدّ محاولة اقتحام مقرّ الجمعية بالعاصمة يوم الأربعاء الماضي عبر كسر بابها والتهديد بالاعتداء عليها وناشطات في الجمعية.

ونظرا لخطورة التهديدات، اتخذت الجمعية إجراءات لحماية الناشطات والناشطين فيها، وهي أساسا التخلّي عن تلقّي المساعدات والتبرّعات في مقرّ الجمعية والتوجّه نحو أماكن سكنى المتبرّعين لجمع التبرّعات بعد التأكّد أن المتبرّع جدّي ولا يتمثّل الأمر في كمين لتعنيفهم، بالتوازي مع تقديم شكاية ضدّ المحرّضين ضدّهم ومن قاموا بمحاولة اقتحام مقرّ الجمعية، وفق ما كشفته رئيستها فريال شرف الدين لـ”الجريدة المدنية”.

وفي نفس سياق الحذر الذي أصبحت تعتمده الجمعية في حملتها، يقع توزيع التبرّعات من خلال الاعتماد على عدد من الطلبة من بلدان جنوب الصحراء ومجموعة من الشابات و الشبان من غرب افريقيا، وفق تصريح فريال شرف الدين.

هذا وقد أدانت منظمات وجمعيات وناشطات ونشطاء الممارسات التهديدية التي طالت جمعية “كلام” على “خلفية عملها الإنساني مع مجموعات المهاجرات والمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء ابان إطلاقها لحملة جمع تبرعات لفائدة مهاجري ومهاجرات جنوب الصحراء لمساعدتهم في مواجهة ظروف الحياة القاسية والتي زادت قسوتها بعد خطاب رئاسة الجمهورية المفعم بالعنصرية تجاههم”، وفق نصّ بيان صادر عنهم.

ودعوا في نفس بيان صادر عنهم، الدولة إلى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية لمحاسبة المتورطين في هذه الاعتداءات الإلكترونية التي من شأنها تهديد سلامة النشطاء والناشطات في المجتمع المدني والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان في تونس وتضرب النشاط الحقوقي والمدني.

ومن بين المنظمات والجمعيات الممضية على البيان، على سبيل الذكر لا الحصر، أصوات نساء والاتحاد العام التونسي للشغل والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية بيتي والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات.

الوضع أخطر في صفاقس ولكن..

رغم خطورة التهديدات التي تلقّتها جمعية “كلام”، إلا أن الوضع في مدينة صفاقس، أين يتركّز عدد كبير من المهاجرين والمهاجرات من بلدان جنوب الصحراء، يبدو أخطر وفق ما أفادت به الناشطة في المجتمع المدني مريم البريبري لـ”الجريدة المدنية” التي تعمل وعدد من الناشطات والناشطين في المجتمع المدني بسريّة مطلقة خوفا على سلامتهم الجسديّة بعد تلقّيهم لتهديدات.

 

حيث تعمل الناشطات والناشطون في صفاقس على مساعدة المهاجرين والمهاجرات من بلدان جنوب الصحراء في الخفاء، بمختلف الصيغ الممكنة بداية من توفير الغذاء والمسكن إن أمكن وخاصة العلاج ممن تعرّضوا للعنف على يد التونسيين من متساكني المدينة بعد تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال ترؤسه مجلس الأمن القومي.

فوفق مريم البريبري، وجد عدد كبير من المهاجرات والمهاجرين في صفاقس أنفسهم في العراء بعد طردهم من أصحاب محلات سكناهم بالإضافة الى تعرّضهم إلى الإعتداءات التي تستوجب في حالات كثيرة منها التدخّل الطبي الذي كان من شبه المستحيل لولا تعاون الأطباء وخاصة الاطباء المقيمين والداخليين بعد دعوتهم من المنظمة التونسية للأطباء الشبان لتطوّع لمعالجة من تعرّضوا للعنف من المهاجرات والمهاجرين من جنوب الصحراء.

دعوة الأطباء للتطوّع

المنظمة التونسية للأطباء الشبان دعت جميع منظوريها من الأطباء المقيمين والداخليين وعموم الاطباء، إلى التبليغ عن حوادث العنف المستهدفة للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء في أقسام الاستعجالي، في إطار ترسيخ مبدأ الحقوق الانسانية الكونية وخاصة منها الحق في الصحة للجميع دون تمييز على اساس اللون أو الجنسية وإيمانا منا بالتضامن الإنساني مع المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء، وفق ما ورد في بلاغ صادر عن المنظمة.

كما حثّت المنظمة التونسية للأطباء الشبان، من خلال نفس البلاغ، إلى التطوع من أجل تقديم الإحاطة الطبية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء بالتشارك مع جملة من منظمات المجتمع المدني والحقوقي، واعتبرت أنه في صورة تبين أن المتعرض للعنف كان محتجزا أو تم حجز وثائقه الرسمية او تم ارغامه على العمل اجبارا أو دون أجر فإن هذا المتضرر هو ضحية اتجار بالأشخاص وعليه يجب اعلام الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص من أجل حمايته.

احتواء اللاجئات وطالبات اللجوء

انخرط الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، من جانبه، في حملة التضامن الفعلية مع الأفارقة من جنوب الصحراء، حيث أكدت رئيسة المنظمة راضية الجريبي، أن اتحاد المرأة سيسعى إلى معالجة وضعية اللاجئات وطالبات اللجوء من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس، واحتوائهن من منظور حقوقي باعتبار أن المبادئ الإنسانية لا تتجزأ.

وقالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجريبي، في تصريح إعلامي على هامش يوم تحسيسي لمناهضة أشكال العنف القائمة على النوع الاجتماعي لفائدة اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أن المنظمة وضعت مراكز إحاطة وتأطير المخصص لفائدة النساء ضحايا العنف على ذمة كل من يلجأ إليها من نساء وأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس باختلاف جنسياتهم وأعراقهم.

وأكدت الجريبي، أن وضعية القادمين من مناطق النزاعات المسلحة والفارين من الحروب الأهلية إلى تونس صعبة في ظل تعرضهم إلى عنف جنسي واقتصادي واستغلال من المؤجرين، مشيرة إلى أن أغلبهم لم يقوموا بتسوية وضعيتهم القانونية على تراب الجمهورية وهو ما يحول دون ولوجهم إلى حقوقهم الأساسية.

ودعت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة، إلى ضرورة تضافر الجهود من أجل إيجاد آليات لحمايتهم وضمان سلامتهم الجسدية.

Skip to content