مقالات

جزيرة جربة… تأثيرات جائحة كورونا على قطاع الصيد البحري

ألفة شريول

يساهم قطاع الصيد البحري في تطوير الاقتصاد الجهوي والوطني، ونحاول في هذا التقرير تسيط الضوء على واقع هذا القطاع بجزيرة جربة بعد جائحة كورونا.

جزيرة جربة : موانئها وشريطها الساحلي

تبلغ مساحة جزيرة جربة 514 كلمتر مربع وتعد أكبر جزر شمال افريقيا يصل طول شريطها الساحلي الى 125كيلومتر وتلقب بجزيرة الأحلام.

هذا بالاضافة الى انها تزخر بعدة موانئ كانت منذ القديم وإلى يومنا هذا نقاطا رئيسية لارساء البواخر يوجد ابرزها بحومة السوق بالساحل الشمالي وآجيم بالساحل الغربي والقنطرة بالساحل الجنوبي وتمر بقرب هذه المواني أودية تحت مائية تسمح بوصول السفن والمراكب الخشبية للبحارين المحليين والبحارين الوافدين من مختلف الجهات المجاورة للجزيرة والذين يعانون من تأثير فيروس كورونا.

* ما بعد الكورونا: مشاكل المهنيين بقطاع الصيد البحري

يمثل الصيد البحري نشاطا هاما في الحياة اليومية للجزيرة اذ يهب البحر الذي يحيط بها أنواعا هامة من الاسماك والرخويات والقشريات والصدف والاسفنج.

ويجني “الجرابة” كسبا هاما من هذه الثروة الطبيعية بفضل الطرق التي استنبطوها للتأقلم مع الظروف الطبيعية.

وتتميز جربة بالصيد بواسطة المصائد القارة وتكون في المياه القصيرة الى جانب استعمال طرق مختلفة ومتنوعة وفقا لخصائص السواحل الا اننا اليوم نتحدث عن وضعية حرجة آل إليها قطاع الصيد البحري بعد انجلاء جائحة كورونا. يقول يوسف، أحد الصيادين الذين التقيناهم، ان “التأثير الأكبر كان على البحارة الوافدين من الشابة وصفاقس وقرقنة والى اليوم لم يستعيدو نشاطهم من جديد ولزالوا يعانون البطالة”.

كما استاء بعض مهنيي القطاع من عديد المصاعب التي دفعتهم الى توجيه عدد من المطالب الى الجهات المسؤولة على القطاع للنظر في مسألة دعيم الاليات اللازمة والوسائل الضرورية لحماية سواحل الجزيرة من التجاوزات التي تقع من حين لآخر خاصة في صيد”القرنيط” في موسم لا يجوز صيده هذا ما يؤكده لنا ايضا الشلاخي بقوله “هي تجاوزات من شأنها ان تساهم في انقراض المنتوج وبذلك تراجع مداخيل البحارة “.

كما طالب بعض البحارة الآخرين الهياكل المختصة بالتصدي الى الصيد بالجر القاعي وما يعبر عنه بلغة البحار بالصيد “بالكركارة” او الصيد “بالريتسة”وهو صيد يساهم في استنزاف الثروة السمكية حيث يتم استعمال وسائل غير قانونية تحرث قاع البحر وتتلف الاعشاب البحرية التي تعتبر أهم مكونات الغذاء السمكي واهم حواضن البيض السمكي ويتم ايضا التعسف على طريقة الصيد باستعمال الاكياس التي لا تنجو منها الاسماك الصغيرة التي من المفروض منحها المزيد من الوقت لتنمو ويتم اصطيادها في موعدها.

ويهدد الصيد العشوائي عدة انواع بالانقراض وهي اسماك عرفت منذ القدم باستطانها لسواحل جربة وبحثها عن دفء المياه الذي توفره الجزيرة على وجه الخصوص. كما يساهم هذا الصيد غيرالقانوني في تهديد معيشة صغار البحارة الذين يزاولون نشاطهم على السواحل ولا قدرة لمراكبهم على الصيد في اعماق البحار.

ومن جهة اخرى يتأسف البحارة لما آلت اليه الرافعة من وضعية مزرية بسبب عدم تشغيلها منذ ان تم تركيزها في شهر افريل 2018 الى اليوم والتي لم يتمكنوا من استغلالها رغم حاجتهم الاكيدة إليها، مطالبين بالاستفادة منها خاصة وان بقاءها في هذه الوضعية دون استغلال يكلفهم عناء التنقل الى قابس او جرجيس فضلا عن انه يعرض الرافعة الى التآكل .

ووصف البحارة في هذا الصدد عدم استغلال هذه الرافعة التي تكلفت استثمارات هامة بمثابة المهزلة والفضيحة خاصة وان وزارة الفلاحة كانت قد وعدت بالاسراع في تشغيلها ويحملون المسؤولية الى “وزير الفلاحة الذي تسلم المشروع في حاويات دون التثبت من وضعية هذه الآلة” على حد تعبيرهم.

وأكد البحارة بجزيرة جربة، وممثلون عن الاتحادات المحلية للفلاحة والصيد البحري في اجتماع كان قد عقد في الايام القليلة الفارطة بمقر بلدية جربة ميدون على ضرورة انجاز فتحتين على مستوى الطريق الرومانية الرابطة بين جربة وجرجيس لانقاذ قطاع الصيد البحري واعادة الحياة الى البحر.

وفي لقاء مع السلط المعنية جهويا طالب البحارة توضيحا بشأن ما إذا كانت وزارتا الفلاحة والتجهيز قد برمجتا انجاز الفتحات من عدمه مهددين بايقاف الاشغال الجارية لتهذيب وتعصير الطريق الجهوية رقم 117 على مستوى الطريق الرومانية بين جربة وجرجيس والمقدرة تكلفتها ب48 مليون دينار. ووصف البحارة الوضعية الحالية “بالكارثية ” من حيث تراكم الأتربة وتصحر البحر وانقراض عدة اصناف من الاسماك وهجرة البعض اخر.

*الصيد البحري بين الانتاج الداخلي والخارجي:

لا يجوز الحديث عن نسب صادرات وواردات الصيد البحري مباشرة اثر انجلاء جائحة كورونا وفي ظل شلل كلي لحركة تنقل الطائرات والشاحنات الخاصة بالقطاع هذا ما اكدته لنا مصادر رسمية حيث سجل الصيد الساحلي على التوالي تراجعا واضحا على مستوى الانتاج حيث يقدر باقل من 100 طن خلال شهر افريل وباقل من 150 طن خلال شهر ماي اما خلال شهر جوان فقد بدأ القطاع يستعيد نشاطه تدريجيا حيث سجل انتاج الصيد الساحلي 111طنا.

واشار ذات المصدر الى ان هذه المعطيات المسجلة تعود الى تراجع في عدد الخرجات للسفن والمراكب والتي اصبحت 700 خرجة فقط بعد ان كانت تصل الى 1800 خرجة وبذلك يؤثر عدد ايام العمل في الوحدات المشاركة على مردودية الانتاج علما وان بعض الهياكل المحلية والجهوية تعمل في الوقت الحاضر على إيجاد آليات وبرامج من خلال دراسات في مجال القطاع حتى ترتقي به لتجاوز هذا التراجع في الانتاج الناتج عن فيروس كورونا ومخلفاته.

Skip to content