مقالات

رئيس النقابة التونسية للفلاحين: ” الفلاحون يستغيثون ….. والعصابة تلعب بقوة المستهلك التونسي”

حاورته الفة شريول :

عدّة أرقام ومؤشرات تفيد أنّ القطاع الفلاحي في تدهور مستمر، زادته جائحة كورونا تدهورا، وبقيت “وعود الدولة بالتدخل لفائدة الفلاحين مجرد حبر على ورق” أو كان تدخلها مجرّد تدخل “مناسبتي”، مااكده فوزي زياني رئيس النقابة التونسية للفلاحين، الذي شخّص وضعية هذا القطاع ودعا الدولة للتدخل بعدّة حلول مقترحة، وكان لنا معه الحوار التالي؟


قلتم في أكثر من مناسبة أنّ القطاع الفلاحي يحتاج إلى إعادة هيكلة خصوصا بعد جائحة كورونا التي أثّرت على العاملين في الشأن الفلاحي، كيف تقيّم الوضع؟

مما لا شك فيه ان الاقتصاد يقوم على الفلاحة كبقية المجالات الاخرى ولكن للفلاحة علاقة مباشرة بالاكتفاء الذاتي للمواطن التونسي و بالسيادة الوطنية الغذائية لذلك هي تتصدر اهمية كبرى على مستوى التمويل والاستثمار ولكن للاسف الشديد و خاصة بعد الثورة وإلى يومنا هذا لا نرى اي اثر او تحرك للسياسات الحكومية المتعاقبة فيما يخص هذا المجال، بل لا يبقى من هذه السياسات سوى مجرد الشعارات التي رفعت، على غرار: “الفلاحة رافد من روافد البلاد”، “والفلاحة هي العمود الفقري للبلاد” .. وغيرها، كما أنّ الحديث عن هذا القطاع لا نراه إلا في بعض المناسبات او الخطابات السياسية ولا وجود لترجمة واقعية لهذه الشعارات.
واكبر دليل على هذا، هو تدهور الأرقام والنسب الخاصة بالفلاحة والتي تتمثل في 25% من نسبة الناتج القومي الخام وذلك بعد الاستقلال لتتراجع الى 16% ما قبل الثورة و اليوم تتدهور الى 10% .
مع العلم ان عدد الفلاحين يصل الى 555 فلاحا يشغلون يد عاملة تصل الى مئات الالاف.
أما الميزانية المخصصة لهذا المجال فلم ترتفع الا بنسبة 1% وذلك منذ سنة 2013 وهذا لا يمثل حتى غلاء المحروقات الذي يصل الى نسبة التضخم بهذا المجال الى 6% فكيف لوزارة سيادية مثل وزارة الفلاحة ترفع فقط بهذه النسبة الضئيلة التي لايمكننا تفسيرها سوى بان الدولة لا تراهن على هذا القطاع.
وحتى عند جائحة كورونا لم يتوقف القطاع عن الانتاج حيث نجد الخضر والغلال تباع على قارعة الطريق وكانت هناك ازمة كبيرة في بيع ( البطاطا) التي سعرت ب 500مي الكيلوغرام الواحد وهذا لا يغطي تكلفة الانتاج هذا الى جانب عديد المنتوجات الورقية الاخرى، كما أنّ اسعار المنتوج كانت في المتناول كما اصبح المواطن يبحث عن الخضر والغلال ليكتسب اكثر مناعة لمقاومة فيروس كورونا وربما هنا وصل المستهلك الى تعديل بوصلة الاستهلا ك لان نسبة استهلاك السميد والفارينة وصلت الى 40% لذلك لعبت الفلاحة دور المنقذ المباشر للمستهلك ورغم ذلك سلطت الدولة ادات تقدر بنسبة 1%على المنتوجات الفلاحية التي تدخل اسواق الجملة حيث يعتبر هذا القرار قرارا ارتجاليا و غير مدروس وغير قانوني لانه لم يمر لا بمجلس النواب ولا بغير ذلك من المسالك القانونية وهنا يسلط العقاب على الفلاح البسيط الذي يبدا عمله منذ مطلع الفجر ويتكبد الخسائر نظرا لفترة الحجر الصحي ومن بين العوامل الاخرى نجد ايضا عدم وجود السياح الذي من شانه ان يساهم في اتلاف عديد المنتوجات العرض اكثر من الطلب.
كما أعتقد أن كورونا كشفت عن اهمية هذا القطاع الذي يمكنه ان يتعالى عن التوريد ويساهم في النمو الاقتصادي بالمنتوج المحلي وهي فرصة لمزيد الرهان على هذا القطاع.
فنحن كنقابة نسعى دائما للبحث عن النهوض بهذا المجال من خلال عديد المراسلات والبيانات التي قمنا بنشرها لادراك خطورة الموقف وتداركه.

هل هناك رهانات على زراعات معنية من شانها ان تساهم في النمو الفلاحي والنهوض بالقطاع؟
هناك عديد الرهانات ولكن ما يلزمنا هو اعادة النظر من جديد في القطاع وفي سياسته لان تشخيصنا للمجال يتطور بنسق بطيء جدا مقارنة بتطور نسق المناخ وهذا من طرف سلطة الاشراف اما نحن كنقابة ومجتمع مدني لن نتوانى عن تقديم الحلول والاقتراحات البناءة التي من شانها ان تغير من خارطة المشهد الفلاحي. فهذه التغيرات المناخية والعديد من العراقيل الاخرى تساهم في عزوف الشباب في العمل في النشاط الفلاحي نظرا للشروط المجحفة التي تعترضه عند بعثه لمشروع في المجال حيث نلاحظ ان معدل اعمار اغلبية الفلاحين اكثر من 65 سنة فمن سياخذ المشعل في المستقبل عن هؤلاء اذا لم نغير نظرتنا للقطاع ككل? وانا كنقيب بصدد القيام بجولة عبر ولايات الجمهورية فمثلا معتمدية “البقالطة “من ولاية المنستير كاغلبية المعتمديات بهذه الولاية تفتقر الى الماء رغم مجهودات الدولة وتمويلها للاحواض بالمليارات ولكن مئات من الفلاحين اليوم بهذه المنطقة يستغيثون لان فلاحتهم تقوم على الباكورات وغياب الماء يتسبب في ازمة فلاحية كبيرة وضربا للمنضومة ككل.حيث يصل عدد الفلاحين هناك الى320 فلاح وكل فلاح يشغل بين 6و7من اليد العاملة في مساحة تصل الى 200هكتار علما وان انتاج الباكورات بالبقلطة 34% من المنتوج الوطني واذا لم يتم انتاج ماهو معتاد عليه فيمكن ان نصل الى ارتفاع مفزع في بعض المنتوجات كالفلفل والطماطم. لذلك لابد من اعادة النظر من جديد الى المشهد الفلاحي والعزوف عن الزراعة التي تستهلك الكثير من الماء.

اصبح قطاع الاعلاف يوصف بالصندوق الاسود. كيف تشرحو ذلك وما مدى تاثيره على الفلاح التونسي؟
عندما نصف قطاع الاعلاف بالصندوق الاسود فنحن نتحدث عن تورط الشركات الكبرى في الهيمنة على السوق حيث لها علاقة ببيع الحليب والدواجن ولا يخفينا اليوم اننا نشهد زيادة في ثمن الحليب وهنا نتحدث عن قطاع الابقار لان الطن من العلفة الحيوانية تقدر ب 200دينار زيلدة عن السعر الحقيقي كذلك الشان بالنسبة لسعر فيتورة السوجا التي تبيعها شركة قرطاج للحبوب لثلاث مجمعات كبيرة التي تبيعها للفلاح بربح يقدر ب40% في الطن الواحد. وهذا ما نعبر عنه باحتكار السوق و الهيمنة عليه والذي يلعب بقوة التونسي والمستهلك هو مجرم ومن العصابة اما نحن كنقابة قدمنا الادلة في هذه القضية و للدولة دور في احالتها على القطب القضائي والمحكمة اما في الوقت الراهن لدى مجلس النواب ولجنة الاصلاح الاداري ومكافحة الفساد. فللصندوق الاسود تاثير كبير على الاسعار حيث كان من الاجدر ومنذ سنوات مضت مراقبة عملية بيع الاعلاف للشركات الكبرى للمربين وعندها لن نكون في حاجة للترفيع في اسعار المنتوج كالحليب خاصة في هذا الوقت الحرج المتمثل في الموجة الثانية من الجائحة حيث المواطن التونسي ليس في استعداد ليتكبد زيادة اسعار المواد الاستهلاكية, وماهو الا موقف سلبي يشجع اللوبيات المحتكرة وما ينفك يلجم افواه المربين.
كيف نتحدث عن الانتاج والتصدير في ظل جائحة كورونا؟
ج: زمن الكورونا كان فرصة للقطاع الفلاحي و للدولة في عملية تصدير المنتوج الفلاحي حيث كان يمكن ان تتم عملية التصدير عبر الطائرات العسكرية كبقية الدول الاخرى لان البضاعة تنقل من المطارات وهناك مراقبة صحية ولكن هذه الفرصة التاريخية لم يستفد منها الا الاقلية حيث صدرنا فقط كمية قليلة من زيت الزيتون لان ايطاليا من بين الدول الاولى التي تعاني من الجائحة وهي من اكبر المصدرين في العالم وبسبب هذا الوباء لم تعد بقية الدول تستورد منهاالزيت على عكس تونس لم تتضرر بالقدر نفسه من هذا الفيروس لذلك طالبنا بتسخير طائرات عسكرية وتوسيع دائرة التصدير بطريقة استباقية لما لا ونحن لدينا ما يكفي او اكثر من المنتوجات الفلاحية في زمن كورونا على عكس بقية الدول. وعلى ذكر التصدير فتونس خسرت السوق الليبية لسوء ادارة الشان العام للوزارات وبالتالي اكتسحته تركيا نضرا لتمكنها من التطورات في المجال الفلاحي.


هل هناك تظاهرات او ملتقيات خاصة بالقطاع الفلاحي تم تاجيلها او الغائها بسبب كوفيد19؟
تم تاجيل الدورة 41 من المهرجان الدولي للتفاح بالسبيبة ولا نعلم الى اليوم هل سيقام ام لا كذلك كان هناك اسبوع لتذوق التفاح بتونس العاصمة تم الغاءه بسبب الاحتكاك والتجمعات.

Skip to content