مقالات

“لا للحجر مدى الحياة “حملة لمناصرة مجتمع الم-ع في تونس

سيماء المزوغي
صحفية

يتواصل رهاب مجتمع الم-ع في تونس، بل ويتطوّر نحو الأعنف بسبب تواصل سياسات الإفلات من العقاب، مع ظرف اقتصادي واجتماعي صعب يتّسم بالتهميش، زادته جائحة الكوفيد-19 اجحافا وغلوّا، حيث تتصاعد وتيرة العنف والكراهية ضد مجتمع الم-ع، من الاعتقالات التعسفية، والاعتداءات الجسدية، والتهديدات بالاغتصاب والقتل، وحتى منع الاتصال بمحام.. ناهيك عن تواصل العقوبات السالبة للحرية التي ترفق بـانتهاكات لحقوقهن/م وحرياتهن/م والممارسات التمييزية على غرار الفحوصات الشرجية القسرية، ما دفع بمنظمات المجتمع المدني إطلاق حملة “لا للحجر مدى الحياة “..

أحصت جمعيات عضوة في الإئتلاف المدني للحريات الفردية ما لا يقل عن 29 شكاية قضائية في التعذيب والمعاملات المهينة والحاطة من الكرامة، أودعها أفراد مجتمع الم-ع خلال 2020 و2021 ضد أعوان أمن، لم يتم النظر في أيٍّ منها، كما أحصت وزارة العدل، منذ 2011، أكثر من 1225 شخصا تم سجنهن/م على أساس الفصل 230 من المجلة الجزائية، الفصل اللادستوري، فصل العار، الذي يعود سنّه إلى الفترة الإستعمارية سنة 1913.

وتؤكد تصريحات أفراد مجتمع الم-ع وعديد المنظمات غير الحكومية للمدنية أنّها وثّقت حوادث عنف واعتداءات لفظية ومضايقات، حتى أنّ هنالك من هدّد بالاغتصاب والترهيب والقتل، ناهيك عن الإيذاء الجسدي أثناء الاحتجاجات أو في الاحتجاز التعسفي، حيث وثقّت منظمة محامون بلا حدود أكثر من 1,600 حالة اعتقال، حوالي 30% منهم أطفال، خلال الاحتجاجات التي عاشتها تونس من جانفي الفارط، في ظروف غير صحية واكتظاظ في مركز احتجاز بوشوشة في تونس، في انتهاك للشروط الرسمية الخاصة بالصحة والتباعد الاجتماعي لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وكذلك المبادئ التوجيهية العالمية. وتؤكد المنظمة من خلال تقريرها إن الأطفال احتُجزوا مع البالغين، وهو ما يحظره القانون الدولي.

ووأردت هيومن رايتس ووتش على لسان باحثة حقوق مجتمع الميم رشا يونس، أنّ “شطاء مجتمع الميم المستمرون في الاحتجاج مرعوبون من أن تستهدفهم قوات الأمن في الاحتجاجات، وتعتقلهم، وتضايقهم دون عقاب. هذه القوات ملزمة بحماية الحق في الاحتجاج السلمي، وليس مضايقة النشطاء الذين ساهمت مشاركاتهم الجريئة في تعزيز سمعة تونس كرائدة إقليمية في حقوق الإنسان”.

وأطلقت منظمات المجتمع المدني حملة “لا للحجر مدى الحياة “، الحملة التي يساندها الإئتلاف المدني للحريات الفردية والتي أطلقها فريق مشروع «توانسة كيفكم» على منصات التواصل الاجتماعي منذ الـ14 من شهر ماي الفارط، وتهدف هذه الحملة إلى الدفع نحو تفعيل دور مؤسسات الدولة في حماية أفراد مجتمع الم –ع من كافة أشكال التمييز والعنف المسلط عليهم من طرف مختلف أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والتشريعية، من خلال تسليط الضوء على الانتهاكات المؤسساتية اليومية التي يتعرض لها أفراد مجتمع الم –ع من تمييز وعنف وقمع بوليسي وتعسّف في استعمال السلطة، وتقاطعها في ذلك مع الانتهاكات التي تتعرض لها جل المواطنات والمواطنين على أساس ممارستهن/م لحقوقهن/م ولحرياتهن/م الفردية، فارضة عليهن/م حجرا يكاد يكون أبديا.

“لا للحجر مدى الحياة”، حملة يراد بها الضغط على البرلمان التونسي لإلغاء الفصول اللادستورية 226 و 226 مكرر و 227 مكرر و 230 و 231 من المجلة الجزائية و تطبيق توصيات التقريرين الختاميبن لهيئة الحقيقة والكرامة والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب المطالبين بالإلغاء الفوري لهذه الفصول اللادستورية ، والتي تنتهك للحريات الفردية.

ورغم أنّ مجلس عمادة الأطباء والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيـب صنفت الفحوصات الشرجية، فحوصات العار، في خانة التعذيب واعتبرتها مخالفة لأخلاقيات المهنة الطبية وفاقدة للمصداقية العلمية إلا أنّ السلطة القضائية وإدارات الطب الشرعي لم يكفا عن إجراء الفحوصات الشرجية لمهينة لكرامة الإنسان وحرمته الجسدية والنفسية.، ولا بدّ أن نورد هنا أنّ تونس أخلّت بالتزاماتها أمام المجتمع الدولي خلال الاستعراض الدوري الشامل لسنة 2017 في مجلس الأمم المتحدة، والمتمثلة في قبلوها للتوصية المتعلقة بحماية أفراد مجتمع الم-ع وإيقاف الفحوصات الطبية المطبقة عليهم. كما أنّ الدولة رمت بمختلف أحكام دستور 2014 والتعهدات المنبثقة عن المواثيق الدولية المصادق عليها والمؤيّدة للحق في المساواة التامة وضمان الكرامة والسلامة الجسدية، عرض الحائط وتنكّرت لمبادئ حقول الإنسان الكونية وانخرطت في سياسة التضييق على الحريات..

Skip to content