مقالات

انتهاء المهلة دون تجاوب مع مطالب “الثانوي” حجب الأعداد وهيئة إدارية “استثنائية”

مجدي الورفلي
صحفي

يبدو أن الساحة التربوية ستشهد حلقة جديدة من الصراع بين جامعة التعليم الثانوي ووزارة التربية، حيث يضع الهيكل النقابي القطاعي مقابل التخلي عن الذهاب في تحرك حجب اعداد الثلاثي الأول الذي اقرته هيئته الادارية، حزمة من المطالب التي يبدو ان الوزارة ليست على استعداد لتلبيتها، وهو ما ستواجهه نقابة الثانوي بتصعيد جديد بعقد هيئة إدارية “استثنائية” إنطلقت بالاعداد لها.

في إطار الاستعداد لعقد هيئة إدارية “استثنائية” لقطاع التعليم الثانوي، كما اسمتها القيادات النقابية للجامعة العامة للتعليم الثانوي، تنعقد خلال هذه الفترة هيئات ادارية جهوية وندوات إطارات في الجهات، حيث انعقدت يوم السبت الماضي هيئات ادارية جهوية في سوسة والكاف وسليانة، فيما عقدت الجامعة يوم الجمعة الماضي، تحت إشراف الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، هيئة إدارية جهوية بتونس وقابس وتطاوين يوم الخميس الماضي.

الذهاب في اتجاه عقد هيئة إدارية استثنائية لقطاع التعليم الثانوي، يعود أساسا إلى انتهاء مهلة المفاوضات التي منحتها الهيئة الادارية للتعليم الثانوي المنعقدة في سبتمبر الماضي لوزارة التربية ومن ورائها الحكومة، دون التوصل الى أي نتائج، حيث تؤكّد جامعة الثانوي ان الجلسة الرسمية الوحيدة التي عقدتها مع وزارة التربية ووزارة المالية وممثلي رئاسة الحكومة كانت “فاشلة” بسبب تعلل رئاسة الحكومة بالوضع الاقتصادي بالبلاد.

وبفشل الجلسة التفاوضية وجدت الجامعة العامة للتعليم الثانوي نفسها مضطرّة للعودة من جديد إلى قواعدها وهياكلها بعقد سلسلة من الهيئات القطاعية الجهوية وندوات إطارات، بالتوازي مع توجيه طلب لقسم النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشغل لعقد هيئة إدارية قطاعية وطنية لـ”تدارس نتائج المفاوضات الفاشلة”.

وبطبيعة الحال سيتبع طرح فشل المفاوضات ورفض الحكومة الاستجابة لمطالب القطاع “الاستعداد للقرار النضالي الذي ينطلق تنفيذه بعد عطلة نصف الثلاثي والمتمثل في حجب اعداد اختبارات الثلاثي الاول عن الإدارة مع امكانية اتخاذ قرارات اضافية من أجل الترفيع في نسق التحركات طالما ظل نسق المفاوضات مع الحكومة متعطلا”، كما قال كاتب عام الجامعة الأسعد اليعقوبي خلال هيئة إدارية جهوية قبلي في نهاية أكتوبر الماضي.

محاولة فتح مفاوضات ولكن…

بعد قرابة شهر على انعقاد الهيئة الادارية القطاعية للتعليم الثانوي برئاسة الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل عبد الله العش، وجهت الجامعة العامة للتعليم الثانوي مراسلة لوزارة التربية تطالب فيها من خلالها بالشروع الفوري في التفاوض حول المطالب القطاعية التي تضمنتها اللوائح المهنية المؤرخة في 5 فيفري وتلك الصادرة عن الهيئة الادارية الاخيرة المنعقدة في 1 سبتمبر 2022.

ودعت الجامعة التعليم الثانوي آنذاك، في مطلب وجهته إلى وزارة التربية، إلى جلسة عمل عاجلة بين الطرفين للنظر في العديد من المسائل المطروحة، وأوضحت الجامعة العامة للتعليم الثانوي، أن مطلبها بعقد جلسة عاجلة يأتي على خلفية ما شاب العودة المدرسية من تعثر واخلالات طالت جميع جوانب المنظومة التربوية دون استثناء، وفق نص المراسلة التي وجهتها الجامعة إلى وزارة التربية، وتحصلت “الجريدة المدنية” نسخة منها.

ومن الملفات المطروحة التي دعت جامعة الثانوي وزارة التربية للجلوس والتفاوض بخصوصها، الوضع داخل المؤسسات التربوية والمستحقات المالية المتخلدة بذمة الوزارة والنقاط العالقة من اتفاق 9 فيفري 2019 بالإضافة إلى الحق في العمل النقابي بعد تمسّك الوزارة بإحالة عدد من الاساتذة بمدرسة الحاجب من ولاية صفاقس على مجلس التأديب رغم وجود إتفاق في نهاية السنة الدراسية السابقة بغلق الملفّ

مطالب قطاع الثانوي

مطالب قطاع التعليم الثانوي التي حددتها الهيئة الادارية القطاعية للتعليم الثانوي المنعقدة بتاريخ 1 سبتمبر 2022، تتمثل أساسا في مضاعفة المنحة الخصوصية ومضاعفة القيمة المالية للترقيات ومضاعفة منحة العودة المدرسية وتعميمها على النظار والمدرسين والقطع النهائي مع جميع أشكال التشغيل الهش عبر تسوية الوضعية المهنية للاساتذة النواب وانتدابهم عبر دفعات.

كما انتقدت الهيئة الادارية ما قالت عنه «ترديا لوضعية المدرسين بسبب تدهور قدرتهم الشرائية وتدهور وضعية المنظومة التربوية واستشراء أشكال العمل الهش لسد النقص الفادح في الموارد البشرية وحرمان الاساتذة النواب من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية»، على وفق ما ورد في اللائحة المهنية التي نشرتها جامعة التعليم الثانوي أثر عقد هيئتها الادارية في بداية سبتمبر الجاري.

ووفق ما اوردته اللائحة المهنية، الصادرة عن الهيئة الادارية القطاعية للتعليم الثانوي المنعقدة بتاريخ 1 سبتمبر 2022، فإن تنفيذ قرار حجب أعداد الثلاثي الأول عن الإدارة، سيكون في صورة عدم فتح وزارة التربية مفاوضات مع جامعة التعليم الثانوي أو حتى في حال فشل المفاوضات في تلبية المطالب الورادة في اللائحة المهنية، وهو ما حصل إلى حدود الساعة.

لا تراجع عن دعم القدرة الشرائية

الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي المسؤول عن الاعلام والاتصال عبد الرؤوف الشخاري أوضح في تصريح لـ”الجريدة المدنية” أن قطاع الثانوي أجّل رفع مطالبه طيلة السنة الماضية نظرا للوضع الذي كانت تمرّ به البلاد، وأجل القطاع كذلك عقد هيئته الادارية لإتخاذ قرارات بتحركات إحتجاجية الى السنة الدراسية الحالية رغم الوضع المتردّي الذي يشهده القطاع.

ولكن اليوم، وفق الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي، لم تعد وضعية الاساتذة تسمح بمزيد التأجيل، وخاصة على المستوى المادي في ظل ما تشهده مقدرتهم الشرائية من تدهور غير مسبوق، حيث قال عبد الرؤوف الشخاري “جزء من مطالبنا ذات خلفية مالية ونحن لا نخجل بذلك…من حقّ الأساتذة ترميم مقدرتهم الشرائية وتحسين وضعهم المادي في ظل الإرتفاع الجنوني للأسعار”.

كما اشار الكاتب العام المساعد لجامعة الثانوي الى تمسّك الجامعة بالمطالب المتعلّقة بإصلاح المنظومة التربوية وسنّ قانون يحمي المربّين والمؤسسات التربوية في ظل إرتفاع منسوب العنف والاعتداءات على الاسرة التربوية خلال السنوات الأخيرة.

ليلخص الشخاري في تصريحه لـ”الجريدة المدنية” إلى ان قطاع الثانوي لن يتراجع عن قرار حجب أعداد الثلاثي الأول ما لم تتخلى وزارة التربية عن سياسة المماطلة والتنصّل من إتفاقيات ممضاة مع سلط الإشراف في وقت سابق، بل من المرجح إقرار تحركات أكثر حدة خلال الهيئة الادارية الاستثنائية المنتظر عقدها خلال الفترة المقبلة.

إشكالية مدرسة الحاجب

أحد  الإشكاليات التي تمثل عنصر توتر بين وزارة التربية وجامعة الثانوي يتمثّل في ملفّ إحالة أساتذة من المدرسة الإعدادية بالحاجب في ولاية صفاقس على مجلس التأديب رغم اتفاق سابق مع مكتبها التنفيذي والاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس بغلق الملف، لكن يؤكد الطرف النقابي ان الادارة وسلطة الاشراف المتمثلة في وزارة التربية تجاوزت الاتفاق لتذهب في اتجاه تسليط عقوبات على أساتذة إلتزموا في وقت سابق بمقررات سلط القرار النقابية بحجب أعداد الامتحانات مع نهاية السنة الدراسية الماضية.

حيث تؤكد جامعة التعليم الثانوي أن الاشكالية تعود إلى نهاية السنة الدراسية الماضية جراء عدم غلق الملف رغم وجود اتفاق بغلقه، وتعتبر جامعة التعليم الثانوي وكذلك اتحاد الشغل بصفاقس أن إحالة أساتذة من إعدادية الحاجب على مجلس التأديب، اثر الامتثال لقرارات صادرة عن هياكلهم النقابية ومقاطعة مجالس الأقسام وحجب الأعداد «استهداف للعمل النقابي ولكرامة المربي».

كما يؤكد الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس إن الاتحاد بلّغ رسالة إلى المندوبتين الجهويتين للتعليم صفاقس 1 وصفاقس 2 مفادها أنه «دون غلق لملف إعدادية الحاجب، لا يمكن أن تجري العودة والسنة المدرسية في ظروف عادية»، واشار إلى انه في حال عدم حفظ الملف فستتحرك هياكل المنظمة، وإلى حدود الساعة لا يزال الملفّ مفتوحا ولم يُغلق بصفة نهائيّة رغم الهدنة النوعية بين ممثلي الطرفين في جهة صفاقس.

Skip to content