حوارات

“نرفض الشكل الانفرادي في إدارة الشأن الأكاديمي ونتمسك بمبدأ انتخاب هياكل التيسير في الجامعات”

نزار بن صالح كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي:

مفيدة التواتي
صحفية

تعمل الهياكل النقابية على الحفاظ والدفاع عن مبدأ الحوار الاجتماعي مع الطرف الحكومي كخيار وطني يترجم أهمية التشارك والحوار والنقاش الجدي في ايجاد الحلول للمشاكل العالقة، وذلك في إطار إرساء مناخ ديمقراطي وترسيخ مبادئ الشفافية والحوكمة في التعاملات وفي التسيير.

ويعد قطاع التعليم العالي والبحث العلمي من القطاعات الاستراتيجية في تونس منذ الاستقلال، وتسعى الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل، إلي بسط كل الإشكاليات التي تهم الأستاذة الجامعيين والاسلاك المنضوية تحت إشرافها علي طاولة التفاوض مع سلطة الإشراف، وتؤكد في كل المناسبات على ضرورة تشريكها في كل مشاريع اصلاح القطاع وتطويره باعتبار أن الاستاذ هو لاعب محوري لا بد من سماع صوته. 

ولمواكبة مستجدات القطاع كان لـ”الجريدة المدنية” الحوار التالي مع كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي نزال بن صالح.

أصدرت الجامعة مؤخرا لائحة مهنية تتضمن العديد من المطالب المختلفة متعلقة بالشأن الأكاديمي فما هي أبرز نقاطها؟

جاءت اللائحة المهنية للهيئة الإدارية القطاعية، الصادرة يوم 10 جوان 2023، إثر تقييم للمسار التفاوضي مع وزارة التعليم العالي بعد اتفاق فيفري 2023 وايضا لتقييم المسار النضالي الذي انخرطت فيها الجامعة دفاعا عن مطالب الجامعيين المشروعة والمعقولة.

ثمنا حصَولنا على التأشيرة من وزارة المالية لانطلاق عمل التعاونية التي تعد مطلبا أساسيا رفعه القطاع منذ سنة 2013، وهي موضوع اتفاق مع الوزارة منذ سنة 2018، والآن ننتظر صدورها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.

ومنذ أن تحملنا المسؤولية في الجامعة في جوان 2021 ضغطنا وتفاوضنا واشتغلنا بطريقة تشاركية مع الوزارة من أجل أن تري هذه التعاونية النور.

كما تمسكنا بجملة المطالب الواردة باللائحة المهنية الصادرة في سبتمبر 2022، والتي لم يقع إلي حد الآن التفاوض في شأنها، ونحن على استعداد للدفاع عنها، وهي مطالب معقولة جدا.

وقد رفضت الهيئة الإدارية منشور التأهيل الجامعي الذي سيغير الأمر الذي يقنن ذلك لسنة 2008 كما لم يتم تشريكنا في صياغة المنشور. وهو منشور مسقط، ونطلب إعادة النظر في نظام الانتخابات الجامعية.

القطاع يرفض القرارات المسقطة ويدعو الي تشريك الجامعة في كل النقاط التي تهم الشأن الجامعي والاسلاك المنضوية صلب الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي كما التزمت بذلك الوزارة في محضر جلسة 7 فيفري.

نزار بن صالح كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي

 الهيئة الإدارية القطاعية للجامعة العامة لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي نظرت كذلك في اقتراح خارطة طريق للأشكال النضالية الممكنة خلال السنة الجامعية 2023-2024، وشدد أعضاء الهيئة الإدارية عن تمسكهم بالمطالب المهنية للقطاع والتزامهم بمواصلة العمل من أجل تحقيقها.

وطالب الجامعيون باستئناف التفاوض في بقية المطالب الواردة باللائحة المهنية المؤرخة في 24 سبتمبر 2022 والتزامهم بالنضال من أجل تحقيقها انطلاقا من مبدأ ترتيب الأولويات وعلى رأسها زيادة المبرزين المتخلدة منذ سنة 2019 ومراجعة منحة العودة الجامعية، ورفض مقاطعة  كل المشاريع المسقطة التي لا تقوم على مبدأ تشاركية فعلية بين سلطة الإشراف والجامعة العامة لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي (منشور التأهيل، مقترح الانتخابات، مراجعة برامج تدريس المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية).

كما ندعو الي التسريع في تفعيل ما تم الاتفاق عليه مع سلطة الإشراف خلال جلسة التفاوض ليوم 6 أفريل 2023 الخاصة بشبكة المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية، والعمل على استكمال تركيبة لجان الانتداب والترقية بعنوان 2020 والشروع في فتح خطط المناظرة واحترام الحاجيات التي ستعبر عنها الهياكل البيداغوجية لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.

لو تشرح لنا مسألة إعادة النظر في التأهيل الجامعي وما يعنيه ذلك بالنسبة للأستاذ الجامع؟ 

قامت الوزارة بإصدار منشور يتعلق بالتأهيل الجامعي دون تشريك الجامعة، ولا بد من التنويه أولا الي ضرورة تشريك الجامعة العامة في هذا الملف، فالتأهيل الجامعي له أهمية قصوي فهو  يؤمن  الحياة المهنية والترقية للأساتذة الجامعيين. 

هناك نقاط تضمنها المنشور تناقض أحكام الامر 1824 الذي ينظم مسألة التأهيل الجامعي، والأمر قانونا هو أعلى من المنشور الذي لا يمكن له أن يناقض ما ورد في الأمر  ولا يمكن له أن يخصصه. كما أن المنشور يضع عراقيل عديدة أمام الأساتذة الجامعيين.

طلبنا عديد المرات بجلسة تفاوضية مع وزارة الإشراف وسندلي خلالها بكل تحفظاتنا وسنقدمها للوزارة مساهمة منا بأن المنشور لا يرتقي الي انتظارات الجامعيين وانه لن  يحقق نقلة نوعية في مسار الاستاذ الجامعي.

التشاركية ليس كلاما هي ممارسة ونطلب من الوزارة فتح  النقاش الجدي والمسؤول حول مشروع هذا المنشور وتحديد جلسة عاجلة في هذا الغرض احتراما منها لتعهداتها وما التزمت به من خلال محضر جلسة 7 فيفري 2023. 

فقد اطلع المكتب التنفيذي للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي على الصفحة الرسمية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تغطية لمجريات اجتماع مجلس الجامعات بتاريخ 29 ماي 2023.

وقد ورد في هذه التغطية أنه تمت دراسة مشروع منشور جديد حول التأهيل الجامعي، وأنه تم الاتفاق على محتواه الذي يتعلق بتحديد التراتيب والإجراءات الخاصة بإيداع ومناقشة ملفات الترشح للحصول على التأهيل الجامعي.

كما اطلع أيضا بعيد ذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعي، على وثيقة قدمت على أنها مسودة لمشروع هذا المنشور الجديد، وبحكم أن التأهيل الجامعي مسألة أساسية ومحورية بالنسبة إلى الحياة المهنية للجامعيات والجامعيين وارتقائهم، تؤكد الجامعة رفضها تغيير النصوص المنظمة للتأهيل الجامعي، ولكل المشاريع المسقطة التي تُغيب الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي.

شرعت الوزارة في تقييم نظام انتخابات رؤساء الجامعات والعمداء والمديرين ونوابهم ورؤساء الأقسام في إطار تصور جديد للجامعة التونسية، فما هو موقفكم من هذا التمشي؟

تفاجأ الجميع في آخر السنة الجامعية بتغيير الأمر المنظم بالانتخابات الاكاديمية عبر إعادة النظر في العهدات ومدة العهدة وشروط الترشح لكل خطة أكاديمية.

اعتبرنا أن الوقت غير مناسب فالجميع منهمك في فترة الامتحانات والمداولات في مشاريع نهاية الدارسة، واختتام المرحلة التدريسية ياخذ الكثير من الوقت والجهد من الأساتذة في حين أن مسألة الانتخابات  هي مسألة استراتيجية تقتضي التأني والتشارك مع الجميع بصفة جدية.

نذكر أن الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي معنية بالنصوص المنظمة للانتخابات الاكاديمية التي تعد مكسبا فرضه النقابيون والنقابيات علي مر أجيال عديدة، وعلى من هم في القرار اليوم ألا  يتجاهلوا  ذلك.

ولا بد أن أشير إلى أن الإدارة العامة للتعليم العالي راسلت رؤساء الجامعات حول التقييم ومسار انتخابات هياكل التسيير والهياكل البيداغوجية بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي وتقديم مقترحات حول هذا المسار بما يحقق النجاعة لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والتي ورد بها “الشروع في تقييم نظام انتخابات رؤساء الجامعات والعمداء والمديرين ونوابهم ورؤساء الأقسام في إطار تصور جديد للجامعة التونسية، وخاصة فيما يتعلق بمدة نيابية واحدة وشروط الترشح”. 

 ومن المهم التوضيح للرأي العام الجامعي أن إثارة مسألة انتخابات هياكل التسيير، قرابة شهر من انتهاء السنة الجامعية في جل المؤسسات المنشغلة حاليا بالامتحانات ومداولات نهاية السنة، لا ينم عن رغبة حقيقية في التشاور الجاد مع الهياكل الأكاديمية.

إن حصر تقييم الانتخابات في مدة العهدة أو في شروط الترشح، التفاف على التفكير في الهنات والنقائص الأخرى التي عزتها تجربة العهدتين السابقتين في ظل الأمر الانتخابي الحالي.

 كما أن تقييم نظام الانتخابات بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي لا يمكن أن يكون إلا في إطار تصوّر شامل للحوكمة الجامعية يحسم الخيارات الاستراتيجية ذات العلاقة بالمنظومة العمومية للتعليم العالي والبحث العلمي ويكون هدفه وضع جامعاتنا في المكانة الريادية على المستويين الدولي والإقليمي.

 إن تعميم الانتخاب في كل المؤسسات والجامعات مطلب ناضلت من أجله أجيال متعاقبة من الجامعيين كي تكون الجامعة التونسية بوصلة للحوكمة الناجعة والشفافة والتسيير الديمقراطي الناجح والحريات الأكاديمية.

نحن نتمسك بمبدأ الانتخاب لكل هياكل التسيير وأنّ الجامعيات والجامعيين سيتصدون بكل الطرق الشرعية والمشروعة لأي محاولة للتراجع عن هذا المكسب التاريخي.

ويطالب المكتب التنفيذي للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتراجع عن هذا التوجه، وبأن تولي مسألة الانتخابات الجدية التي تستحق، وتطلق التفكير فيها بطريقة متأنية وتشاركية مع الجامعة العامة ومع كل الهياكل الأكاديمية المعنية من أجل تغيير النصوص المنظمة للانتخابات في الجامعات والمؤسسات الجامعية وشبكة المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية وتعميمها على مراكز البحث، بما يضمن لها حوكمة رشيدة وشفافة تحقق النجاعة لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي وأن هذا العمل التشاركي يستوجب ضرورة إعادة الانتخابات إلى سالف مواعيدها.

ما هو موقفكم من  المجلس الأعلى للتربية الذي تعمل رئاستي الجمهورية والحكومة على ارسائه؟ 

 إن فكرة مجلس أعلى للتربية والتعليم ليست مستجدة، وأن وثيقة المخطط الإستراتيجي لإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي 2015-2025 المصادق عليها من قبل مجلس الجامعات بتاريخ 19 جانفي 2015 والتي تم العمل عليها وصياغتها وفق مقاربة تشاركية موسعة ثلاثية التركيبة الوزارة والجامعة العامة والجامعات)، قد أشارت إلى هذا المجلس، وإلى ضرورة إرسائه باعتباره هيكلا وطنيا يُغنى بسياسات التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي والتنسيق بينها والإصلاح الشامل. إن احداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم ليس شأنا حكوميا بحثا وأنه يعني أيضا تشريك كافة المتداخلين في الشأن التربوي والعملية التعليمية وأساسا إطار التدريس عبر هياكله النقابية الممثلة. 

ولا بد من التذكير أنّ هذه المسألة كانت من ضمن المطالب التي ذكرت بها اللائحة المهنية الصادرة عن الهيئة الإدارية القطاعية للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي المنعقدة بتاريخ 24 سبتمبر 2022 التي عبرت عن رفضها لإحداث المجلس بطريقة أحادية وانفرادية تغيب عنها التشاركية الفعلية.

 الجامعة ترفض التمشي الانفرادي الذي تعتزم الحكومة انتهاجه في إحداث المجلس وتطالب بأن تكون طرفا أساسيا في صياغته وتحديد هيكلته وصلاحياته وبرامج عمله، وتحذر من باب المسؤولية النقابية والأخلاقية والبيداغوجية والعلمية، من إصداره بدون تشريكها، وتحمل الحكومة تبعات كل ما سينجر عن أي إقصاء يستهدفها كطرف اجتماعي ممثل لعموم الجامعيين.

كما تدعو الجامعات التي كانت أحد الأطراف الثلاثة في وثيقة المخطط الإستراتيجي الإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي 2015-2025، للتعبير عن رفضها لأي تمشى أحادي وانفرادي لإحداث المجلس.

أشرت سابقا إلي أن  الأساتذة الجامعين يواجهون عراقيل في إتمام مهامهم الاكاديمية في الخارج، فكيف ذلك؟

نسبة رفض تأشيرات للأستاذة الذين يسافرون في إطار عملهم الاكاديمي عالية،  وهو ما عطل تحركهم فالبحث العلمي من أسسه التحرك وتبادل الزيارات الدولية.

أسباب ذلك ربما هي عملية انتقامية من بعض البلدان الأوروبية حول عدم استجابة تونس لشروط معينة لها علاقة بملف الهجرة غير النظامية.

ونحن نستنكر كيف لبلدان نعتبرها منارات في العلم  والبحث العلمي تربط  استدعاء أساتذة جامعيين تونسيين َوالعمل النقابي بملف الهجرة َوندعو الدولة الي الدفاع عن الجامعيين.

Skip to content